هل كانت الدولة بحاجة إلى وثيقة أو مطوية لتثبت تورط أمريكا بالانقلاب على الحكم؟ ألم يكن كافياً وظاهراً الموقف الأمريكي تجاه الانقلاب الذي قادته الوفاق؟ وهل كانت علاقة أمريكا بالانقلابيين بالأمس أو اليوم؟ وهل كانت هذه العلاقة سرية أو مخفية كي نقول اليوم أن الوثائق والتقارير أثبتت التورط الأمريكي في الأحداث التي مرت بها البحرين، ألا تكفي الزيارات المتبادلة بين السفارة الأمريكية والوفاق؟ ألا تكفي زيارة مبعوث الرئيس الأمريكي لعيسى قاسم في منزله؟ ألا تكفي التقارير والبيانات التي تصدرها الخارجية الأمريكية كل يوم وليلة عن البحرين؟ ألا يكفي اصطفاف دول الغرب في مجلس جنيف لحقوق الإنسان؟ أليس وراء كل هذا أمريكا أم وراءه الخرطوم أو أم درمان؟
ثم هل الوفاق يمكن أن تواجه الدولة ومنذ 3 سنوات من نفسها؟ وهل تملك الوفاق الميزانية التي يمكن أن تقود إرهاباً بهذه الضراوة إلا وقد ملأت خزانتها بالأموال الأمريكية التي تضخها من العراق لتمول بها الانقلاب في البحرين؟ وهل يملك شخص مثل علي سلمان هذه القوة والشجاعة كي يقف في وجه الدولة؟ أليست هذه الأساطيل القادمة هي كافية لإثبات أن جرأة علي سلمان تقف خلفها أساطيل أمريكا القادمة، كما إن في البحرين قاعدة أمريكية متخصصة لحمايته ورعايته، فهل هذا كله كان غير كافٍ ووافٍ أن يثبت تورط أمريكا في المؤامرة الانقلابية.
إن شعب البحرين كان يدرك هذه المؤامرة ويدرك الدور الأمريكي دون حاجة أن تقع في يده وثيقة، وطالما كان هذا الشعب يستنكر استمرار علاقة الدولة الطيبة بأمريكا، نعم.. لقد كانت الدولة تواصل علاقتها مع أمريكا وتحاول إعادة علاقتها مع إيران وتتقرب لهم بفتح سفارة وقنصلية وخطوط طيران في العراق، وذلك ملاطفة وتزلفاً من أجل الرضا الأمريكي، ولكنه مع الأسف لا التلطف ولا القرابين والعرابين التي تقدمها كل يوم الدولة لأمريكا استطاعت أن تغير الموقف الأمريكي تجاه البحرين.
إذاً فالعملية بالنسبة لأمريكا والوفاق ليست مبادرة بدون سقف ولا مناصب ولا محاصصة ولا مقاصصة، لأن الحاصل الذي سيحصل بناء على أي اتفاق بين الدولة والوفاق هو محسوم منذ البداية، ألا وهو كرسي الحكم، وأن تقديم أي شيء ولو بشيء قليل للوفاق سيكون فيه فوائد وعوائد، خاصة أن أمريكا تعلم بأن الشركات الحيوية في يد الوفاق ومنها بابكو التي يسيطر عليها الموالون لإيران، كذلك المواصلات والاتصالات وشركات الطيران والمؤسسات الحكومية وحتى القرى والمدن والشوارع تحت يد الوفاق، أي أن المؤامرة الأمريكية الإيرانية ضد البحرين منذ عقود، وما تنفيذ المؤامرة الانقلابية إلا نتيجة حتمية كنهاية لكل تخطيط، إذاً فالحصول على هذه الوثيقة لن يغير من الواقع شيئاً.
السؤال هنا اليوم؛ أدركت الدولة وإن تأخر إدراكها بأن أمريكا متورطة بالمؤامرة الانقلابية، فلنرَ إذاً ماذا ستفعل، فهل ستقطع علاقتها الدبلوماسية وتطرد سفيرها الذي طالما طالب شعب البحرين بطرده؟ هل سيحاكم الذين خططوا مع أمريكا وتأمروا معها على إسقاط النظام؟ أم أن غداً سنسمع أن هناك لقاءً بين الدولة وبين أمريكا فيه يتناقشون العلاقات الودية والاتفاق على مزيد من التعاون، ثم نسمع بأن هناك لقاءات ثنائية مستمرة بين الدولة والوفاق للاتفاق والمفاهمة؟
إذاً حتى لو اكتشفت ألف وثيقة ومطوية لا فائدة طالما الدولة لا تأخذ قراراً ولا إجراءً، فتصبح هذه الوثائق وكأنها رسائل حب وغرام، وذلك حين يتم اللقاء مجدداً ويأتي السفير، ثم يأتي قائد الأسطول، وتتوالى الزيارات على مجلس الحكم حتى تعود الدولة وتنادي أمريكا بالصديقة الحميمة والصديقة القديمة التي يربط بينها الحب والانسجام.
نعم لقد كان على الدولة منذ البداية أن تأخذ قراراً وتحاسب أمريكا وتسألها ماذا يعني لها عيسى قاسم عندما بعثت له مبعوثاً نيابة عن الرئيس الأمريكي الذي كان يتمنى بنفسه أن يقوم بالزيارة لولا الملامة، كما كان عليها أن ترفض تعيين السفير كراجيسكي الذي أخذ يتجول بحرية دون حساب ولا رسالة عتاب ولا حتى استجواب من وزارة الخارجية، ولا جهة حكومية.
نحن بانتظار ماذا سيكون بعد الوثيقة؟