«طقاق روحه ما يصيح»..
العلاقات الأمريكية البحرينية مثالاً
على الرغم من الدعم الأمريكي الواضح والجلي للوفاق، وبالرغم من الاتصال المباشر بين الوفاق وبين موظفي السفارة الأمريكية من السفير حتى البواب، وعلى الرغم من علاقات الكونغرس الأمريكي بأعضاء الوفاق كافة ومنذ سنوات، وبالرغم من تقارير الخارجية الأمريكية التي تدين البحرين وتدعم الوفاق، وبالرغم من تصريح أوباما ووضع البحرين في سلة واحدة مع سوريا، إلا أن الدولة مازالت وحتى الأشهر الأخيرة تستقبل منظماتها ووفودها ودبلوماسييها، وها هو خبر بتاريخ 22 مايو 2014، تحت عنوان «تعزيز التعاون في المجال العمالي بين البحرين وأمريكا»، حيث يقول الخبر: «اجتمع الوكيل المساعد لشؤون العمل بوزارة العمل الدكتور محمد الأنصاري مع نائبة رئيس المكتب السياسي والاقتصادي بسفارة الولايات المتحدة الأمريكية بمملكة البحرين السيدة ربيكا، وذلك أمس الأربعاء بمكتبه»، ويقول الخبر «.. وتناول الاجتماع بحث سبل تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين، لاسيما ما يرتبط منه بالمجال العمالي والحوار الاجتماعي وتطوير العمل النقابي ومنظماته».
السؤال هنا؛ لماذا يقوم الموظفون الدبلوماسيون بزيارة المسؤولين في مكاتبهم، وبأي صفة يستقبل هذا المسؤول موظفاً دبلوماسياً بمكتبه؟ فهل أعلمت وزارة الخارجية بهذه الزيارة؟ وهل رفع تقرير إليها عن هذه الزيارة؟ ومن الذي دعا هذا الموظف الدبلوماسي لهذه الزيارة؟ وما شأن هذا الدبلوماسي بشؤون وزارة العمل أو النقابات العمالية؟ وما المقصود بتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين؛ فهل هذا المسؤول ممثل عن الحكم كي يكون بينه وبين السفارة الأمريكية تعاون ثنائي؟ إذاً فمن الذي يدعو أمريكا للتدخل في شؤونها ومن الذي يفتح مكاتب مؤسساته لوفودها ودبلوماسييها؟
وها هو تقرير آخر نشر في 18 نوفمبر 2013 يقول: «بالتعاون مع جمعية الحقوقيين الأمريكية إطلاق عيادة قانونية لحقوق الإنسان في جامعة البحرين، وذلك بهدف إيجاد تدريب عملي لطلبة الحقوق في الجامعة يمكنهم من اكتساب مهارات المحاماة عن طريق مساعدة المجتمع بطرق مختلفة»، فبالله عليكم كيف لجمعية حقوق أمريكية تصبح منهجاً دراسياً في جامعة البحرين وتتولى مهام تدريبية بالذات للقانونيين؟ وما هي الفائدة التي ستجنيها هذه الجمعية من إنشاء عيادة قانونية؟ أليس هذا برنامجاً يأتي من ضمن السعي الأمريكي في خلق جيل من القانونيين يوثق الصلة بهم ويقوم بتدريبهم حتى يكونوا يداً لهدم دولتهم؟ وإلا ما هو المقصود بتقديم مساعدة المجتمع بطرق مختلفة؟ فإذاً الدولة تفتح ليس مكاتب مسؤوليها فحسب بل حتى أبواب جامعاتها، ولا نستبعد غداً أن تفتح عيادة أمريكية لخدمة المجتمع، وعيادة أمريكية للعلاقات العامة، وهكذا تتحول جامعة البحرين إلى مستشفى أمريكي تخصصي لتقطيع البحرين وتشريحها لتسهيل تقديمها وجبة جاهزة ليقضمها العدو الإيراني الذي تدرب أمريكا أتباعه في الجامعات والمؤسسات.
ولابد هنا أيضاً أن نذكر كيف تتصرف الدول تجاه من يتدخل في شأنها السياسي، ومثال على ذلك عندما طلب الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- من السفير الأمريكي في 1988 مغادرة السعودية احتجاجاً على تدخله في شأن لا يخصه عندما احتج على صفقة الصواريخ الصينية مع بكين، حيث كان السفير الأمريكي يعتقد أن إمضاء هذه الصفقة بسرية ودون إخبار واشنطن يمكن أن يؤثر على العلاقات الاستراتيجية السعودية الأمريكية، حيث اعتبر الملك فهد أن هذه بجاحة من السفير بتدخله في بلد ذي سيادة كاملة يجب أن يعاقب عليه السفير بالطرد.
كما قام الرئيس الفنزويلي في 2008 بطرد السفير الأمريكي وإمهاله 72 ساعة لمغادرة البلاد، كما أمر بسحب سفير بلاده من واشنطن، تضامناً مع بوليفيا التي طردت السفير الأمريكي بعد اتهامه بالتحريض على القيام باحتجاجات مناهضة للحكومة البوليفية.
أما عن مواقف المسؤولين في الدول الأخرى كيف تتعامل مع التدخلات الأجنبية في شأنها السياسي، فمثال على ذلك ما نشر في 2 يونيو 2014، عن قيام ميرفت التلاوي رئيس المجلس القومي للمرأة بطرد وفد من الاتحاد الأوروبي الذي قدم تقريراً ينتقد فيه الانتخابات الرئاسية، مؤكدة أن مندوبي المجلس القومي للمرأة لم يلحظوا أي انتهاكات للانتخابات الرئاسية، فهل يجرأ أحد من المسؤولين في البحرين بالقيام بمثل هذا التصرف؟ بل مع الأسف يقابلهم المسؤولون بابتسامة عريضة ويقدمون لهم الكعكة والقهوة، ثم يتعهدون لهم بإجراء مزيد من الرقابة والإصلاحات ويطلبون منهم تدريب المواطنين تقنياً وتقديم الدورات والبرامج ليس لمؤسسة واحدة بل لكافة المؤسسات، حتى الأمنية منها.
أما في البحرين وبالرغم من أن الدور الأمريكي المكشوف في مساندة الوفاق في المؤامرة الانقلابية وتحركات السفير الأمريكي العلنية وزيارته في الليل والنهار للوفاق ومشاركته ندواتهم ومؤتمراتهم، وتصريحات الخارجية الأمريكية المعادية للدولة، يكون المقابل التودد الذي وصل أن يكون السفير الأمريكي وسيطاً بين الوفاق والحكم وشريكاً في الحوار، فكيف بعد هذا كله تتحدث الدولة عن الدور الأمريكي في المؤامرة الانقلابية، وهي من فتحت له كل باب وشرعت له كل نافذة.
ولا نقول هنا إلا ما يقوله المثل «طقاق روحه ما يصيح».
{{ article.visit_count }}
العلاقات الأمريكية البحرينية مثالاً
على الرغم من الدعم الأمريكي الواضح والجلي للوفاق، وبالرغم من الاتصال المباشر بين الوفاق وبين موظفي السفارة الأمريكية من السفير حتى البواب، وعلى الرغم من علاقات الكونغرس الأمريكي بأعضاء الوفاق كافة ومنذ سنوات، وبالرغم من تقارير الخارجية الأمريكية التي تدين البحرين وتدعم الوفاق، وبالرغم من تصريح أوباما ووضع البحرين في سلة واحدة مع سوريا، إلا أن الدولة مازالت وحتى الأشهر الأخيرة تستقبل منظماتها ووفودها ودبلوماسييها، وها هو خبر بتاريخ 22 مايو 2014، تحت عنوان «تعزيز التعاون في المجال العمالي بين البحرين وأمريكا»، حيث يقول الخبر: «اجتمع الوكيل المساعد لشؤون العمل بوزارة العمل الدكتور محمد الأنصاري مع نائبة رئيس المكتب السياسي والاقتصادي بسفارة الولايات المتحدة الأمريكية بمملكة البحرين السيدة ربيكا، وذلك أمس الأربعاء بمكتبه»، ويقول الخبر «.. وتناول الاجتماع بحث سبل تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين، لاسيما ما يرتبط منه بالمجال العمالي والحوار الاجتماعي وتطوير العمل النقابي ومنظماته».
السؤال هنا؛ لماذا يقوم الموظفون الدبلوماسيون بزيارة المسؤولين في مكاتبهم، وبأي صفة يستقبل هذا المسؤول موظفاً دبلوماسياً بمكتبه؟ فهل أعلمت وزارة الخارجية بهذه الزيارة؟ وهل رفع تقرير إليها عن هذه الزيارة؟ ومن الذي دعا هذا الموظف الدبلوماسي لهذه الزيارة؟ وما شأن هذا الدبلوماسي بشؤون وزارة العمل أو النقابات العمالية؟ وما المقصود بتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين؛ فهل هذا المسؤول ممثل عن الحكم كي يكون بينه وبين السفارة الأمريكية تعاون ثنائي؟ إذاً فمن الذي يدعو أمريكا للتدخل في شؤونها ومن الذي يفتح مكاتب مؤسساته لوفودها ودبلوماسييها؟
وها هو تقرير آخر نشر في 18 نوفمبر 2013 يقول: «بالتعاون مع جمعية الحقوقيين الأمريكية إطلاق عيادة قانونية لحقوق الإنسان في جامعة البحرين، وذلك بهدف إيجاد تدريب عملي لطلبة الحقوق في الجامعة يمكنهم من اكتساب مهارات المحاماة عن طريق مساعدة المجتمع بطرق مختلفة»، فبالله عليكم كيف لجمعية حقوق أمريكية تصبح منهجاً دراسياً في جامعة البحرين وتتولى مهام تدريبية بالذات للقانونيين؟ وما هي الفائدة التي ستجنيها هذه الجمعية من إنشاء عيادة قانونية؟ أليس هذا برنامجاً يأتي من ضمن السعي الأمريكي في خلق جيل من القانونيين يوثق الصلة بهم ويقوم بتدريبهم حتى يكونوا يداً لهدم دولتهم؟ وإلا ما هو المقصود بتقديم مساعدة المجتمع بطرق مختلفة؟ فإذاً الدولة تفتح ليس مكاتب مسؤوليها فحسب بل حتى أبواب جامعاتها، ولا نستبعد غداً أن تفتح عيادة أمريكية لخدمة المجتمع، وعيادة أمريكية للعلاقات العامة، وهكذا تتحول جامعة البحرين إلى مستشفى أمريكي تخصصي لتقطيع البحرين وتشريحها لتسهيل تقديمها وجبة جاهزة ليقضمها العدو الإيراني الذي تدرب أمريكا أتباعه في الجامعات والمؤسسات.
ولابد هنا أيضاً أن نذكر كيف تتصرف الدول تجاه من يتدخل في شأنها السياسي، ومثال على ذلك عندما طلب الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- من السفير الأمريكي في 1988 مغادرة السعودية احتجاجاً على تدخله في شأن لا يخصه عندما احتج على صفقة الصواريخ الصينية مع بكين، حيث كان السفير الأمريكي يعتقد أن إمضاء هذه الصفقة بسرية ودون إخبار واشنطن يمكن أن يؤثر على العلاقات الاستراتيجية السعودية الأمريكية، حيث اعتبر الملك فهد أن هذه بجاحة من السفير بتدخله في بلد ذي سيادة كاملة يجب أن يعاقب عليه السفير بالطرد.
كما قام الرئيس الفنزويلي في 2008 بطرد السفير الأمريكي وإمهاله 72 ساعة لمغادرة البلاد، كما أمر بسحب سفير بلاده من واشنطن، تضامناً مع بوليفيا التي طردت السفير الأمريكي بعد اتهامه بالتحريض على القيام باحتجاجات مناهضة للحكومة البوليفية.
أما عن مواقف المسؤولين في الدول الأخرى كيف تتعامل مع التدخلات الأجنبية في شأنها السياسي، فمثال على ذلك ما نشر في 2 يونيو 2014، عن قيام ميرفت التلاوي رئيس المجلس القومي للمرأة بطرد وفد من الاتحاد الأوروبي الذي قدم تقريراً ينتقد فيه الانتخابات الرئاسية، مؤكدة أن مندوبي المجلس القومي للمرأة لم يلحظوا أي انتهاكات للانتخابات الرئاسية، فهل يجرأ أحد من المسؤولين في البحرين بالقيام بمثل هذا التصرف؟ بل مع الأسف يقابلهم المسؤولون بابتسامة عريضة ويقدمون لهم الكعكة والقهوة، ثم يتعهدون لهم بإجراء مزيد من الرقابة والإصلاحات ويطلبون منهم تدريب المواطنين تقنياً وتقديم الدورات والبرامج ليس لمؤسسة واحدة بل لكافة المؤسسات، حتى الأمنية منها.
أما في البحرين وبالرغم من أن الدور الأمريكي المكشوف في مساندة الوفاق في المؤامرة الانقلابية وتحركات السفير الأمريكي العلنية وزيارته في الليل والنهار للوفاق ومشاركته ندواتهم ومؤتمراتهم، وتصريحات الخارجية الأمريكية المعادية للدولة، يكون المقابل التودد الذي وصل أن يكون السفير الأمريكي وسيطاً بين الوفاق والحكم وشريكاً في الحوار، فكيف بعد هذا كله تتحدث الدولة عن الدور الأمريكي في المؤامرة الانقلابية، وهي من فتحت له كل باب وشرعت له كل نافذة.
ولا نقول هنا إلا ما يقوله المثل «طقاق روحه ما يصيح».