اليوم بإمكان الدولة بسهولة أن تقيم عمل قطاعاتها ومؤسساتها، بإمكانها ببساطة أن تعرف صحة مسارها بخصوص شعارات الإصلاح والعمل السليم من عدمه، الدولة لديها مؤشرات يمكن أن تبني عليها كل ذلك، لكن تبقى عملية الاستفادة منها.
هنا نتحدث عن أهم مؤشر معني بتقييم الأداء ويتمثل ذلك برأي الناس، يتمثل ذلك بانطباعاتهم، ويتمثل ذلك برضاهم عما يقدم لهم، وكل ذلك باعتبار أن المواطن هو المستهدف من كل هذه العمليات، وباعتبار أنه الذي يستخدم اسمه في أغلب التصريحات الرسمية المعنية بحراك مؤسسات الدولة، وذلك بالقول إن «المواطن هو محور وأساس العمليات» وأن الغاية «تحقيق تطلعاته».
اليوم لدينا هذا المؤشر واضحاً كل الوضوح، يمكن قياسه بسهولة شديدة، والوصول إليه دون صعوبات؛ فالقنوات مفتوحة ومتاحة للناس للتعبير عن آرائهم، وإن لم تكن قنوات الدولة الرسمية بالأريحية المطلوبة والسقف المرتفع لتوصيل أصوات الناس، فإن قنوات التواصل الاجتماعي موجودة ومتاحة لأي مواطن، والمجالس في البحرين على كثرتها عامرة بأصحاب الرأي من المواطنين الذين يعبرون عما يختلج بداخلهم، إضافة لمجلس النواب الذي من المفترض أن يكون موصلاً جيداً لأصوات الناس، رغم أن هذه المسألة فيها وجهة نظر، إذ أغلب الناس يعتبرون المجلس لا يمثل رأيهم ولا يوصل تطلعاتهم ولا يعمل على تحقيقها، وهذا ليس بسر إذ الجميع في البحرين من مسؤولين ومواطنين ونواب أنفسهم يعرفون بأن المواطن غير راض.
باعتبار أن هذه المؤشرات موجودة، بالتالي لنستمع للناس، وهنا أقول لنستمع ولا أعني بها الصحافة أو كتاب الرأي أو غيرهم، فنحن نستمع لهموم الناس يومياً ونحاول إيصالها بشفافية ووضوح قدر المستطاع، لكن المهم هنا أن يكون الاستماع حاضراً من قبل الدولة ومن أصحاب القرار، فالمشكلة اليوم لا تقف عند القطاعات الحكومية والمؤسسات الرسمية إذ أغلب المسؤولون وللأسف يعملون بأسلوب «لا أسمع ولا أرى» لكنه «يتكلم» وكلامه بعيد عن تلمس هموم الناس وتلبية تطلعاتهم، وحتى لو وجد مسؤول هنا أو هناك فإن «الكثرة تغلب الشجاعة» وعليه يبقى الاستياء والامتعاض المجتمعي الشعبي قائماً.
هل يمكننا أن نسأل أنفسنا اليوم وأن نجيب بصراحة في نفس الوقت؟! هل يمكننا أن نسأل عن نسبة البيروقراطية في التعاملات الرسمية وهل قلت أم زادت أم ظلت على حالها؟! هل يمكننا أن نسأل عن أسوأ فايروس (ولن أقول فيتامين) يمكن أن يصيب أي جهاز فيشل أداءه ويضيع بوصلته عن الطريق الصحيح، وأعني هنا «الواسطة» التي ابتلينا بها وجاءت على حساب الناس في فرض الأولويات على معاملاتهم أو تفضيل كفاءات على أخرى، هل هي مازالت موجودة أم اختفت؟!
هذه الأسئلة يجب أن تسألها الدولة لجهاز التخطيط لديها (هذا إن وجد)، يجب أن تبحث عن إجابة صادقة وصحيحة لها، وطبعاً لن تجدها إن سألت المسؤولين المقصرين والمثبتة عليهم المخالفات والتجاوزات (تذكروا تقارير ديوان الرقابة) دون محاسبة صارمة.
نكرر القول هنا، أنه لحل أي مشكلة، علينا أولاً الاعتراف بوجودها وبشجاعة، ثم تشخيصها وتحديد المسؤولين عنها، ومن ثم إبدال أسباب المشكلة بإجراءات وحتى أشخاص يمكن أن يصنعوا الفارق.
اليوم ليس بمعجز الدول أن تقف على مدى الرضا ومدى الامتعاض، هذه مسؤوليتها تجاه المواطنين، ولأجل أن تتساوى كفتا ميزان الوطنية، ونعني كفة الواجبات وكفة الحقوق. فهل من مجيب؟!