موضوع استقطاع الـ5% المعني بمقترح إنشاء صندوق الادخار الوطني (الذي كتبنا عنه هنا أمس) شهد ردة فعل توضيحية من بعض النواب في جلستهم صباح الأمس، حيث أوضح بعضهم (ما نراه معلومة هامة أغفلت منذ البداية) بأن المشاركة في الصندوق والقبول بالاستقطاع هو أمر اختياري للمواطن وليس إلزامياً.
تواصل معي بعض النواب لتوضيح المسألة، منهم النائبة سوسن تقوي والنائب محمد العمادي، في حين بين النائب عبدالحليم مراد في الجلسة ومعه أيضاً العمادي بأن المسألة اختيارية وليست بهذا الحجم من التهويل.
من باب الأمانة نشرت عبر حساباتي في التواصل الاجتماعي بالأمس بعضاً مما دار بيني وبين النواب باعتبار أنها ليست «أسراراً» وإن تم بعضها عبر «مسجات» الهاتف، باعتبار أننا ككتاب ملتزمون بالحديث وبصراحة عن مشاكل الناس وهمومهم والتعبير عن مشاعرهم إزاء أي موضوع، بالتالي مصارحتهم بما لدينا من معلومات تمسهم، وفي جانب النواب باعتبار أنهم هم الذين «يفترض بهم» أن يكونوا صوتاً للناس، ومن بين ما نشرناه، توضيح النواب ورأيي المقتضب في الموضوع، على أن نتطرق للمسألة بالتفصيل «البسيط» هنا اليوم.
سنشير لهدف المقترح بشكل سريع وفي خاتمة المقال سنقول رأينا الذي نرجو من النواب أن يتحملونا ويتحملوا الناس عليه، إذ حينما تطلب أن يراعي الناس مشاعرك عليك أولاً أن تسأل نفسك؛ هل راعيت مشاعرهم في المقام الأول وأنت من تحمل مسؤوليتهم في عنقك؟!
المقترح بإنشاء الصندوق يحاكي في أهدافه صناديق الادخار الموجودة في بعض الشركات الحكومية وشبه الحكومية، مثل شركة ألبا وبابكو وغيرها، بحيث يتفق الموظف مع الجهة المعنية بالموارد البشرية والمالية على استقطاع شهري من راتبه يدخل الصندوق وتساهم الشركة بنسبة أيضاً، ويكون الادخار للموظف يستفيد منه عند التقاعد ويحق له الاقتراض منه بضوابط وشروط. هذا بالنسبة لصندوق الشركات.
الفكرة كما بينها المقترح، وبناء على المواد المكتوبة بشأنه والتي زودتني بها النائبة تقوي، تفيد بتشابه الآلية، وأن المسألة اختيارية معنية بالموظف، وأن الفكرة تستهدف إيجاد ضمان مالي للموظف وعائلته في حالة أي ظروف طارئة، وأنه من حق الموظف أن يوقف اشتراكه حسب رغبته.
الموظف إذا أراد الاشتراك سيتعين على الجهة المعنية اقتطاع 5% من راتبه، وستسهم الدولة بمبلغ خمسة دنانير لكل مشترك، وبحسب المادة (9) من المقترح فإن المشترك يستحق عوائد سنوية وفق أحكام الشريعة بناء على رصيد ادخاره. وتفيد المادة (10) بأنه يحق للموظف مرة واحدة كل عامين (إن تجاوز اشتراكه 120 شهراً) سحب 50% من رصيده، وتفيد المادة (11) بأنه يجوز للمشترك الاقتراض من الصندوق بعد مضي عام كامل على اشتراكه بما يعادل أربعة أضعاف راتبه الأساسي وأن يلتزم بسداد مبلغ الاقتراض في مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات، وأنه لا يجوز أن تحتسب عليه نسب مرابحة أو فوائد على مبلغ الاقتراض.
طبعاً العملية الأخيرة المعنية بالاقتراض لربما تكون شبيهة بقروض «الاستبدال» التي تعمل بها بعض الجهات الحكومية.
حتى الآن الفكرة منطقية ومعقولة وإنسانية، لكن ما يقلق -ومن حقنا أن نقلق- هي المادة رقم (14) المعنية بموارد الصندوق، حيث تشير إلى؛ اشتراكات المشترك، مساهمة الحكومة، أي موارد أخرى ويوافق عليها مجلس الإدارة، وعائدات استثمار أموال الصندوق، وفي شأن النقطة الأخيرة (عائدات استثمار أموال الصندوق) ضعوا ألف خط حمر. هنا من حقنا أن نتوجس وأن ننبه المواطن وأن ننبه حتى النواب، بأن كلمة «الاستثمار» في البحرين مرادفها يعني إما «الفشل» أو «الخسارة»، وحتى لا نزيد الكلام فقط أخبرونا بشأن «العجز الإكتواري» المعني بصندوق التقاعد، أليس تراكم هذه العجوزات نتيجة استثمارات لم تحقق الربحية المطلوبة (بالعربي الفصيح فاشلة)؟! بالتالي وضع أموال الناس في صندوق الادخار هذا تحت «اختبارات تجارب» باسم الاستثمار «جرس إنذار» للناس حتى لا يتعاطوا إيجاباً مع الفكرة.
هذا استعراض لفكرة المقترح ورأي في شأن استثمار الأموال. وفكرة المقترح بحد ذاتها طرحها النواب ولم يتم التركيز على تطمين الناس لتجنب إثارة الهلع فيهم ببيان أن الفكرة اختيارية لا إجبارية، وحتى الوصول للصحافة ووسائل التواصل للتوضيح لها، ومن عتب علينا من النواب بالأمس كان عتبنا عليه أكبر، إذ السكوت عن تداول أخبار غير دقيقة لا يوقع اللوم على من ينشرها بقدر ما يحمل المسؤولية من أعلن عنها دون توضيح وتفصيل دقيق حتى يستوعب المواطن الموضوع ويتجنب الإشاعات والتضخيم.
نعلق الآن برأينا الشخصي من الموضوع نفسه؛ حيث أولاً على السادة النواب أن يستوعبوا حقيقة لا يمكن أن تتغير حتى إن أغمضوا أعينهم أو صموا آذانهم، وهي أن السواد الأعظم من الناس (غير المنتمين لجمعيات النواب أو تكتلاتهم) ليسوا راضين عن أداء المجلس، ولا يتعاطفون مع أي نائب يرون فيه أنه «فشل» و»عجز» عن تحقيق وعوده، والأدهى من وعدهم بإيصال همومهم ونبضهم والدفاع عنها ثم تناسى كل ذلك وتخاذل، وفوقه لم يسجل موقفاً إكراماً لهم ولو بترك هذا الكرسي.
وبناء على ذلك فإن أي مقترح سيتقدم به النواب لا يتعلق بتحسين وضع المواطن أو بزيادة دخله أو تحسين الخدمات وتذليلها، أي مقترح بلا استثناء لن يتعاطف معه الناس ولن يقبلوا به حتى لو كان مقترحاً جيداً، فالناس انتخبت النواب لتحسين واقعهم المعاش لا لتقديم مقترحات لا تمس المواطن مباشرة في معيشته.
بالتالي وبشأن هذا المقترح المعني بصندوق الادخار، نقول وبلسان المواطن؛ رغم نجاعة الفكرة ومرونتها كونها اختيارية، لكن يا جماعة الخير «السالفة، أنه ما عندكم سالفة»! فهو يأتي في الوقت الخطأ وفي «الوضع الخطأ»، والقصد أن الناس لا ترى في مثل هذه المشاريع أولوية مقارنة بمشاريع أخرى ملحة وهامة مثل زيادة الرواتب وإلغاء استقطاعات ظالمة مثل الـ1% وتحسين الخدمات وإلغاء اشتراطات الإسكان (وهذه بحد ذاتها كارثة).
الناس تنتظر تحسين أوضاعها وليست مهيأة نفسياً لأمور أخرى، ولن تتقبل أي مقترح «وإن كان اختيارياً» يستلزم منهم الدفع. ولأن الناس خيبتها كبيرة من النواب فهم لا يتقبلون «تلقائياً» أي شيء يصدر عنهم بغض النظر عن مضمونه ودوافعه.
باختصار «الشق أكبر من الرقعة»، وأنتم تركتم «الشق» وذهبتم لترقعوا شيئاً لا يحتاج لترقيع، لأنه لا وجود له أصلاً، ولو طالبت به مجموعة ناس فلا يعني أنه أولوية عند السواد الأعظم من الناس الذين مطالبهم معروفة، وإن كانت هذه طريقة اقتراح القوانين (أي بناء على طلب الناس) فالناس طالبوكم بإسقاط القروض ورفع الرواتب وغيرها وغيرها، فأين المقترحات «التي تحققت» بناء على طلب الناس؟!
نصيحة مواطن؛ رجاء لبعض النواب أوقفوا «اختراعات» المقترحات، ونفذوا وعودكم الانتخابية أبرك لكم وللناس. واللي بيزعل من كلام الناس (وما أكثر الزعولين) يفك الناس «زعله» ولا يرشح في الانتخابات القادمة، اخذوا تقاعدكم واكفوا الناس «وجع الراس» منكم، كفاية أوجاع الراس الثانية من الدولة ومحاربيها من «أبطال الديجتال»!
{{ article.visit_count }}
تواصل معي بعض النواب لتوضيح المسألة، منهم النائبة سوسن تقوي والنائب محمد العمادي، في حين بين النائب عبدالحليم مراد في الجلسة ومعه أيضاً العمادي بأن المسألة اختيارية وليست بهذا الحجم من التهويل.
من باب الأمانة نشرت عبر حساباتي في التواصل الاجتماعي بالأمس بعضاً مما دار بيني وبين النواب باعتبار أنها ليست «أسراراً» وإن تم بعضها عبر «مسجات» الهاتف، باعتبار أننا ككتاب ملتزمون بالحديث وبصراحة عن مشاكل الناس وهمومهم والتعبير عن مشاعرهم إزاء أي موضوع، بالتالي مصارحتهم بما لدينا من معلومات تمسهم، وفي جانب النواب باعتبار أنهم هم الذين «يفترض بهم» أن يكونوا صوتاً للناس، ومن بين ما نشرناه، توضيح النواب ورأيي المقتضب في الموضوع، على أن نتطرق للمسألة بالتفصيل «البسيط» هنا اليوم.
سنشير لهدف المقترح بشكل سريع وفي خاتمة المقال سنقول رأينا الذي نرجو من النواب أن يتحملونا ويتحملوا الناس عليه، إذ حينما تطلب أن يراعي الناس مشاعرك عليك أولاً أن تسأل نفسك؛ هل راعيت مشاعرهم في المقام الأول وأنت من تحمل مسؤوليتهم في عنقك؟!
المقترح بإنشاء الصندوق يحاكي في أهدافه صناديق الادخار الموجودة في بعض الشركات الحكومية وشبه الحكومية، مثل شركة ألبا وبابكو وغيرها، بحيث يتفق الموظف مع الجهة المعنية بالموارد البشرية والمالية على استقطاع شهري من راتبه يدخل الصندوق وتساهم الشركة بنسبة أيضاً، ويكون الادخار للموظف يستفيد منه عند التقاعد ويحق له الاقتراض منه بضوابط وشروط. هذا بالنسبة لصندوق الشركات.
الفكرة كما بينها المقترح، وبناء على المواد المكتوبة بشأنه والتي زودتني بها النائبة تقوي، تفيد بتشابه الآلية، وأن المسألة اختيارية معنية بالموظف، وأن الفكرة تستهدف إيجاد ضمان مالي للموظف وعائلته في حالة أي ظروف طارئة، وأنه من حق الموظف أن يوقف اشتراكه حسب رغبته.
الموظف إذا أراد الاشتراك سيتعين على الجهة المعنية اقتطاع 5% من راتبه، وستسهم الدولة بمبلغ خمسة دنانير لكل مشترك، وبحسب المادة (9) من المقترح فإن المشترك يستحق عوائد سنوية وفق أحكام الشريعة بناء على رصيد ادخاره. وتفيد المادة (10) بأنه يحق للموظف مرة واحدة كل عامين (إن تجاوز اشتراكه 120 شهراً) سحب 50% من رصيده، وتفيد المادة (11) بأنه يجوز للمشترك الاقتراض من الصندوق بعد مضي عام كامل على اشتراكه بما يعادل أربعة أضعاف راتبه الأساسي وأن يلتزم بسداد مبلغ الاقتراض في مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات، وأنه لا يجوز أن تحتسب عليه نسب مرابحة أو فوائد على مبلغ الاقتراض.
طبعاً العملية الأخيرة المعنية بالاقتراض لربما تكون شبيهة بقروض «الاستبدال» التي تعمل بها بعض الجهات الحكومية.
حتى الآن الفكرة منطقية ومعقولة وإنسانية، لكن ما يقلق -ومن حقنا أن نقلق- هي المادة رقم (14) المعنية بموارد الصندوق، حيث تشير إلى؛ اشتراكات المشترك، مساهمة الحكومة، أي موارد أخرى ويوافق عليها مجلس الإدارة، وعائدات استثمار أموال الصندوق، وفي شأن النقطة الأخيرة (عائدات استثمار أموال الصندوق) ضعوا ألف خط حمر. هنا من حقنا أن نتوجس وأن ننبه المواطن وأن ننبه حتى النواب، بأن كلمة «الاستثمار» في البحرين مرادفها يعني إما «الفشل» أو «الخسارة»، وحتى لا نزيد الكلام فقط أخبرونا بشأن «العجز الإكتواري» المعني بصندوق التقاعد، أليس تراكم هذه العجوزات نتيجة استثمارات لم تحقق الربحية المطلوبة (بالعربي الفصيح فاشلة)؟! بالتالي وضع أموال الناس في صندوق الادخار هذا تحت «اختبارات تجارب» باسم الاستثمار «جرس إنذار» للناس حتى لا يتعاطوا إيجاباً مع الفكرة.
هذا استعراض لفكرة المقترح ورأي في شأن استثمار الأموال. وفكرة المقترح بحد ذاتها طرحها النواب ولم يتم التركيز على تطمين الناس لتجنب إثارة الهلع فيهم ببيان أن الفكرة اختيارية لا إجبارية، وحتى الوصول للصحافة ووسائل التواصل للتوضيح لها، ومن عتب علينا من النواب بالأمس كان عتبنا عليه أكبر، إذ السكوت عن تداول أخبار غير دقيقة لا يوقع اللوم على من ينشرها بقدر ما يحمل المسؤولية من أعلن عنها دون توضيح وتفصيل دقيق حتى يستوعب المواطن الموضوع ويتجنب الإشاعات والتضخيم.
نعلق الآن برأينا الشخصي من الموضوع نفسه؛ حيث أولاً على السادة النواب أن يستوعبوا حقيقة لا يمكن أن تتغير حتى إن أغمضوا أعينهم أو صموا آذانهم، وهي أن السواد الأعظم من الناس (غير المنتمين لجمعيات النواب أو تكتلاتهم) ليسوا راضين عن أداء المجلس، ولا يتعاطفون مع أي نائب يرون فيه أنه «فشل» و»عجز» عن تحقيق وعوده، والأدهى من وعدهم بإيصال همومهم ونبضهم والدفاع عنها ثم تناسى كل ذلك وتخاذل، وفوقه لم يسجل موقفاً إكراماً لهم ولو بترك هذا الكرسي.
وبناء على ذلك فإن أي مقترح سيتقدم به النواب لا يتعلق بتحسين وضع المواطن أو بزيادة دخله أو تحسين الخدمات وتذليلها، أي مقترح بلا استثناء لن يتعاطف معه الناس ولن يقبلوا به حتى لو كان مقترحاً جيداً، فالناس انتخبت النواب لتحسين واقعهم المعاش لا لتقديم مقترحات لا تمس المواطن مباشرة في معيشته.
بالتالي وبشأن هذا المقترح المعني بصندوق الادخار، نقول وبلسان المواطن؛ رغم نجاعة الفكرة ومرونتها كونها اختيارية، لكن يا جماعة الخير «السالفة، أنه ما عندكم سالفة»! فهو يأتي في الوقت الخطأ وفي «الوضع الخطأ»، والقصد أن الناس لا ترى في مثل هذه المشاريع أولوية مقارنة بمشاريع أخرى ملحة وهامة مثل زيادة الرواتب وإلغاء استقطاعات ظالمة مثل الـ1% وتحسين الخدمات وإلغاء اشتراطات الإسكان (وهذه بحد ذاتها كارثة).
الناس تنتظر تحسين أوضاعها وليست مهيأة نفسياً لأمور أخرى، ولن تتقبل أي مقترح «وإن كان اختيارياً» يستلزم منهم الدفع. ولأن الناس خيبتها كبيرة من النواب فهم لا يتقبلون «تلقائياً» أي شيء يصدر عنهم بغض النظر عن مضمونه ودوافعه.
باختصار «الشق أكبر من الرقعة»، وأنتم تركتم «الشق» وذهبتم لترقعوا شيئاً لا يحتاج لترقيع، لأنه لا وجود له أصلاً، ولو طالبت به مجموعة ناس فلا يعني أنه أولوية عند السواد الأعظم من الناس الذين مطالبهم معروفة، وإن كانت هذه طريقة اقتراح القوانين (أي بناء على طلب الناس) فالناس طالبوكم بإسقاط القروض ورفع الرواتب وغيرها وغيرها، فأين المقترحات «التي تحققت» بناء على طلب الناس؟!
نصيحة مواطن؛ رجاء لبعض النواب أوقفوا «اختراعات» المقترحات، ونفذوا وعودكم الانتخابية أبرك لكم وللناس. واللي بيزعل من كلام الناس (وما أكثر الزعولين) يفك الناس «زعله» ولا يرشح في الانتخابات القادمة، اخذوا تقاعدكم واكفوا الناس «وجع الراس» منكم، كفاية أوجاع الراس الثانية من الدولة ومحاربيها من «أبطال الديجتال»!