إضافة إلى ما يتناثر من معلومات هنا وهناك عن عمل يتم في الخفاء وبهدوء وتتشارك فيه مختلف الأطراف ذات العلاقة في محاولة للخروج من الأزمة التي دخلت عامها الرابع، وهو ما يوفر مساحة للأمل ظلت غائبة طويلاً، فإن بدء العد التنازلي لشهر رمضان المبارك والذي تفصلنا عنه أربعة أسابيع فقط يوفر إحساساً من شأنه أن يعزز من مساحة الأمل، ما يعني أن الاستمرار في ما يتم «طبخه» الآن -لو كان ما تسرب دقيقاً- ودخول شهر رمضان المبارك سيؤدي إلى الظفر بصيف «آيسكريمي» لطيف، قد ينتهي بعودة الجميع إلى الحياة الطبيعية وبدء مرحلة جديدة يكون فيها موضوع الارتقاء بالوطن والمواطن هو الهم الأول بدل السياسة والشعارات الفارغة التي لم تكسب هذا الوطن إلا الآلام والكثير من الفرقة.
من الأمور التي ينبغي أن تستغل جيداً في هذه الفترة هي الحالة الإيجابية التي يصير فيها أهل البحرين كلما أوغل شهر رمضان في الاقتراب، ذلك أنه لا يختلف اثنان على أن الأيام التي تسبق الشهر الكريم وأيام رمضان وما يحتويه هذا الشهر من روحانيات تجعل المواطنين هنا أكثر تقبلاً للتعامل مع التغيرات المفضية إلى الحلول، فما ظلوا يرفضونه من قبل تتوفر له فرصة القبول في هذه الفترة بسبب أجواء رمضان الخاصة.
من هنا صار لابد من الإسراع في إعداد خطة مناسبة يتم تنفيذها خلال الشهر الكريم للعودة إلى حيث يمكن تقبل الآخر والتفاعل معه، وهو الدور المنوط بمجالس رمضان التي تجمع أهل البحرين بالقيادة وبكل الشخصيات المؤثرة في المجتمع البحريني، فعبر المجالس الرمضانية يمكن التوصل إلى كثير مما يصعب التوصل إليه خارجها، ولعل اعتماد برامج يتم الاتفاق عليها من الآن لتنفيذها خلال الشهر الكريم من شأنه أن يسهل توقع ما سيحدث بعد رمضان وعند الاقتراب من فترة الانتخابات النيابية والبلدية الجديدة.
ليس المقصود هنا تبادل الزيارات في رمضان والسلام في المجالس، فهذا أمر طبيعي وطقس مجتمعي لا يمكن أن يتأثر بما يحدث من نواتج للعمل السياسي، ولكن توظيف الزيارات بطريقة علمية تضمن توفير الأجواء المناسبة لعودة الأمور إلى طبيعتها والانتهاء من هذه الفترة الصعبة التي عاشتها بلادنا.
الإعداد لهذا الأمر مسؤولية الجميع، لذا ينبغي ألا يكون كفرض الكفاية إذا قام به البعض سقط عن البعض الآخر، وبالتأكيد فإن من المهم عدم ترك هذا الأمر للصدفة والظروف، حيث العمل على إعداد خطة قابلة للتنفيذ على أرض الواقع قبل حلول الشهر الكريم هو ما يمكن أن يفضي إلى نتائج إيجابية.
لنتصور أن من بيدهم قرار تحريك أولئك الذين يقومون باختطاف الشوارع وإشعال النار في إطارات السيارات وتعطيل حياة الناس وإرهابهم وتعريضهم للخطر، لو أنهم أوعزوا إلى هؤلاء بالتوقف عن هذه الممارسات القميئة في شهر رمضان والأسبوع الذي يسبقه والأسبوع الذي يليه لأسهموا بشكل عملي في توفير الأجواء المعينة على جبر جزء كبير من الكسر الذي لا أحد يستطيع أن يجبره سوى أصحاب الشأن أنفسهم، فمثل هذا القرار سيقابل بقرارات أخرى مشجعة تؤدي إلى توفير الأجواء التي ينتظرها الجميع، والتي لن يقبلوا إلا بالاستفادة منها واستغلالها جيداً.
الأجواء الروحانية التي تتوفر في شهر رمضان المبارك وقبله من شأنها أن تفتح ما انغلق من أبواب، ومن شأنها أن تؤكد أن هذا الشعب أصيل وأنه مهما كان الشرخ الذي حدث بسبب تهور البعض وضعف قدراته في قراءة الساحة كبيراً فإن بإمكانه أن يوفر الأسباب التي تفضي إلى ما يلفت العالم إليه ويتخذه مثالاً.
استغلال الأجواء التي يوفرها شهر رمضان المبارك هو استغلال للعقل وتوظيف للحكمة فهل ننتصر لهما؟