أخطاء جسيمة قد يقع فيها بعض الإعلاميين، خصوصاً أولئك الذين يعتقدون أن بإمكانهم تحقيق كل ما يريدون من خلال الإعلام حتى لو كان ذلك بقلب الحقائق وتهويلها والكذب، فكيف إذا وقعت مؤسسة إعلامية بأكملها بهذه المشكلة.
تتعامل وسائل الإعلام العالمية ومعها جزء من العربية مع الحرب الطاحنة في سوريا بعين عوراء وبشكل مقصود لتفسح المجال أمام الميليشيات والعصابات التي تقاتل إلى جانب نظام الأسد بعملها على أكمل وجه، فمثلاً في قضية تدفق المقاتلين من خارج سوريا نجدها لا تتكلم أبداً عن العدد الأكبر الذي يأتي سوريا من عدد من الدول لدعم الأسد ولارتكاب أبشع المجازر الجماعية والجرائم بحق الإنسانية، أما تلك الجماعات السورية ومن يلتحق بها من الخارج لمقاتلة النظام وعددهم قليل جداً قياساً بمقاتلي الميليشيات الوافدة، فنصيبهم من الإعلام الاستنكار الواسع وإلصاق تهمة الإرهاب، وهنا لا نتكلم عن «داعش» فهي حالة خاصة وجدت لتتبادل الأدوار مع النظام في تنفيذ الجرائم.
إحدى وسائل الإعلام المحلية في البحرين وجدت ضالتها في هذا الجو، فاستغلت الزخم العالمي الذي يهيئ لإيران أجواء العمل في سوريا وراحت أبعد من ذلك لتحقق غاياتها في التطاول على الجمعيات الخيرية في البحرين وأصحاب الأيادي البيضاء الذي يعملون في وضح النهار ويجمعون التبرعات لأعمال الإغاثة لتلمزهم بدعم الإرهاب في سوريا، ومؤخراً راحت تطبل وتزمر وتشهر بذاك الفتى المختطف فكرياً والذي مزق جوازه البحريني أمام الكاميرات معلناً انضمامه «لداعش»، لتلمز مرة أخرى مشاركة بعض البحرينيين في أعمال الإرهاب هناك وتصور الموضوع على أنه متساهل فيه، لكن هذه الوسيلة الإعلامية لم تتطرق إلى الصور التي انتشرت قبل أيام لمجموعة من متابعيها وجمهورها وهم يستقبلون في السيدة زينب في سوريا من قبل قائد ميليشيا ذو الفقار، والكل يعلم أن منطقة السيدة زينب هي ثكنة للميليشيات الإجرامية، فهل هذه أجواء زيارة أم ماذا يفعلون هناك؟ ولم تتطرق إلى مجموعة من البحرينيين الذين يذهبون إلى العراق بحجة زيارة الأضرحة ومن مطار النجف إلى إيران ومنها إلى سوريا للقتال، ولم تتطرق أيضاً للوثائق التي وقعت بيد الجيش الحر بعد سيطرتهم على مطار الضبعة والتي أثبتت مشاركة بعض البحرينيين القتال مع نظام الأسد، وأكدها إلقاء القبض على شخص بحريني اعترف بقتاله مع الميليشيات، الحملة التي قادتها هذه الوسيلة الإعلامية تشبه دعوة الرئيس الإيراني السابق نجاد لبريطانيا وقفها المعاملة الوحشية لمثيري الشغب، في الوقت الذي يتعامل هو مع محيطه بوحشية.
قديماً قالوا «إللي بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحجارة»، وأحد الظرفاء قال «اإللي بيته من زجاج لا يخلع ملابسه» فكيف بمن خلع ملابسه في بيته الزجاجي ورمى الناس بالحجارة.