كم نتوق إلى تطوير أنفسنا كدولة بمؤسساتها الرسمية والأهلية، وبنظمها التشريعية وبتدابيرها وبأداء أفرادها في موضوع «حقوق الإنسان». وسنكون شاكرين بالفعل لأي جهة تساعدنا في تطوير هذه المنظومة الأخلاقية، ليس من باب تحسين سمعة أو تطوير أداء بحت، بل من منطلق ديني وأخلاقي وإنساني وحضاري وتنموي نحن نحتاج بالفعل للمساعده كي يتحول المفهوم إلى سلوك إداري يعني به القائمون على إنفاذ القانون.
وستجد المفوضية السامية لحقوق الإنسان تلك رغبة موجودة عند كل فرد بحريني في هذه الدولة بدأ من قيادتها إلى جميع سلطاتها إلى الأفراد في المجتمع البحريني، لكن بيننا وبين المفوضية إشكالية كبيرة، تتمثل في رؤية أعضاء المفوضية غير المفهومة –بالنسبة لنا- لمعنى ومفهوم «حق التعبير وإبداء الرأي» الذي ينعكس على حكمها على من أدين من القضاء البحريني بتهم محاولة تغيير الدستور بالقوة، ويجعلها تراهم «سجناء رأي».
إذ إن تلك المجموعة التي تحسبها المفوضية «سجناء الرأي»، فاوضت السلطة على تغيير الدستور في فبراير ومارس من عام 2011 تحت مظلة أعمال العنف والإرهاب التي اجتاحت البلاد، وتمثلت في احتلال المستشفى والاعتداء على الحرم الجامعي، وغلق الشوارع والاعتداء على المارة، واحتلال مبان حكومية لم يكن ذلك الفعل التفاوضي خارج سياق العنف والإرهاب، وبالتالي لم يكن فعلها مجرد تعبير عن «رأي» بل كان ابتزازاً لشركاء في الوطن تحت وطأة التهديد من أجل تغيير النظام السياسي بالتهديد بالإرهاب وبالاستعانة بقوات أجنبية تمثل في تفاوضهم مع مندوبي دول أجنبية بشكل مباشر حول ما ستؤول إليه أوضاع الدولة بعد استيلائهم على الحكم وتغيير الدستور، وتلك ممارسات يعلن عنها في حينها.
المفوضية لم تكن هنا حين روعت الأمهات وروع الآباء، ووصل الخوف وعدم الإحساس بالأمان لدى الأفراد والجماعات إلى حد تشكيل لجان شعبية لحماية البيوت والأسر والأحياء، إبان قيادة «من تسميهم المفوضية سجناء رأي» للحراك العام الذي دار في تلك الأيام، لذا فإن المجتمع البحريني الذي أنصفه القضاء يشعر بالضيق والتذمر من تكرار تصنيف مسؤول في المفوضية السامية لحقوق الإنسان لتلك الأفعال على أنها كانت مجرد «تعبير عن الرأي» ويطالب بإطلاق سراحهم على أنهم سجناء رأي، ففي تلك الدعوة إثارة لضحايا العنف والإرهاب، بل أزيدكم من الشعر بيتاً هناك شرائح كبيرة في المجتمع البحريني ترفض الحوار مع باقي المجموعة الذين مازالوا طلقاء ويمجدون الأفعال الإرهابية تزامناً مع بيانات شجبها.
أربع سنوات والمجتمع البحريني يدفع ثمن شيوع «مفهوم» غريب لحرية التعبير الذي أعطى المشروعية لكل أعمال العنف التي عايشتموها وشهدتموها وشجبتموها منذ الأيام الأولى لوصولكم، إنما كيف تتسق وتجدي كل عبارات التنديد والشجب ورفض العنف التي يصرحون بها أن صاحبها سلوك يمجد العنف ويعتبره «نضالاً» و«ثورة»، وقتيل التفجيرات والمولوتوف يعد «شهيداً» يتاجر بجثته وبقبره سماسرة السياسية و»رموز حريات التعبير» أليس هذا السلوك تمجيداً للعنف؟
أليست مطالبتكم بإطلاق سراح من حاول تغيير الدستور بالإرهاب وعبر تمجيد الأعمال الإرهابية يعد مخالفة للقرار رقم 1624، الصادر يوم 14 سبتمبر، 2005 والذي يشجب بأشد العبارات «كل أعمال الإرهاب بغض النظر عن دوافعها ومكانها ومرتكبيها» وكذلك «أعمال التحريض على الإرهاب. والذي «يستنكر محاولات تبرير الإرهاب أو تمجيد أعمال الإرهابيين من أجل التحريض على مزيد من الهجمات العنيفة»؟ إنكم إنما تناقضون أنفسكم مع قرارات أممية تلزمكم بتوضيحها وتوضيح مفهومها لمن يثق بكم ويلتبس عليه الفهم، فكيف لنا أن نتعاون معكم وأنتم ترون في من يمجد الإرهاب «سجناء رأي»؟!
ملاحظة:
بالنسبة لحق التعبير وإبداء الرأي، لدينا في البحرين تشريعات وقبلها لدينا دستور يجيز كل وسائل التعبير السلمي، وليست لدينا مشكلة مع كل أنواعها، إن كانت كتابة أو رسماً أو إيماءً، ونرحب بها إن كانت مكتوبة أو كانت شفهية في صحيفة أو في تجمع أو مسيرة، ولدينا دستور يجزيها وقانون ينظمها، بل وسبق 14 فبراير ومازال يمارس الجميع ذلك الحق بكل أريحية، ودافعنا وسنظل ندافع عن حق أي خصم سياسي في التعبير، الخلاصة نحن لا نتكلم نفس اللغة حين تصفون ما حدث أنه كان مجرد تعبير عن الرأي.