يتحدث جوزيف برادوي عن اتجاهات السياسة الأمريكية نحو الإخوان المسلمين وإيران ويشرح مفهوم قبلة الموت الأمريكية جاءت بسبب انعدام شعبية الولايات المتحدة بشدة في العالم العربي، وبالتالي يكون التعبير الأمريكي عن دعم أي شخص أو فصيل سبباً في الإضرار به بصورة أكبر من نفعه.
هذه هي قبلة الموت الأمريكية، وهي قبلة أصابت الإخوان في القاهرة، وقبلهم الجماعات الراديكالية في البحرين، فمن يرتبط بالولايات المتحدة ومصالحها في المنطقة، ويصبح أداة من أدوات التغيير السياسي فإن مصيره الضرر وليس النجاح بسبب تراجع شعبية الولايات المتحدة منذ العام 2010 وحتى اليوم.
كل شخص أو جماعة أو تنظيم ارتبط بالمشروع الأمريكي في الشرق الأوسط انكشف اليوم، ولذلك كل من ارتبط بها يجب أن تصيبه قبلة الموت الأمريكية، ويتضرر ويصبح تدريجياً عنصراً منبوذاً في المجتمع، ويتراجع دوره مستقبلاً أو ينتهي، هذه هي نتائج دورة قبلة الموت الأمريكية التي لن تنتهي بنجاح أبداً.
العرب هم أول من أصابتهم قبلة الموت الأمريكية، وواشنطن تشهد تراجعاً تاريخياً في نفوذها من الشرق الأوسط في حالة مشابهة بشكل أو بآخر لحالة تراجع النفوذ البريطاني التي شهدتها المنطقة خلال الفترة من 1968 ـ 1971. فمن الذي يمكن أن يملأ الفراغ في المنطقة؟
إذا كانت واشنطن ليست قادرة على حفظ نفوذها أوالحد من تراجعه في المنطقة، فهل سيعود النفوذ مجدداً للدول الأوروبية التي لها خبرة استعمارية بالمنطقة؟ أم أن هناك خيارات أخرى؟
لا يبدو الخيار الأوروبي مشجعاً على صعيد الدول الأوروبية نفسها، أو على صعيد مجتمعات دول الشرق الأوسط، فما يهم الحكومات في المنطقة هو كيفية تحقيق التوازن في العلاقات الخارجية من أجل الإسراع في إعادة حالة الأمن والاستقرار وإنهاء الفوضى الخلاقة التي لا يتوقع أن تنتهي إلا بعد نحو 15 عاماً من الآن.
هناك قوى إقليمية لها مصالح في أن تكون لاعباً أساسياً في الشرق الأوسط، كما هو الحال بالنسبة لإيران وتركيا أو الكيان الإسرائيلي، ومع ذلك فإن هناك إشكاليات في التعامل مع هذه القوى لأن لكل منها أجندة ومصالح خاصة.
لذلك فإن السيناريو المتوقع في مرحلة ما بعد قبلة الموت الأمريكية هو زيادة الفوضى وعدم الاستقرار وارتفاع حدة الصراعات والانقسامات الطائفية والسياسية التي ستخلق بيئة طاردة لأي قوة إقليمية أو دولية للسيطرة على المنطقة. الأمر الذي سيدفع القوى الدولية إلى اتباع موقف المراقب وتغذية أطراف الصراع، والسعي لتعظيم مكاسبها بسبب انفلات الأمن والاستقرار كما هو الحال بالنسبة لاستيراد الأسلحة وتوزيعها على الجماعات المتصارعة في الشرق الأوسط.