حسناً فعلت هيئة صندوق العمل «تمكين» عندما عقدت أكثر من حلقة تشاورية مع الأشخاص والجهات التي تتعامل معها أو تستفيد من برامجها ومنحها، كما التقت مع رجال الأعمال، ومن ثم الصحافة لتبادل الآراء والملاحظات حول أداء «تمكين» وجدوى مشروعاتها وكفاءة مسؤوليها، وسلامة أوجه صرف أموالها.
لكن الملاحظ أن «تمكين» في كل هذه اللقاءات وعمليات التقييم والنقد الذاتي الذي مارسته في بعض الأحيان لم يتطرق المسؤولون الذين حضروا وتحدثوا إلى ملاحظات وانتقادات تقرير ديوان الرقابة المالية الأخير (2012-2013)، فما لم يقله تقرير الرقابة عن تمكين إنها مثل ذلك الإنسان الذي فاز بجائزة يانصيب كبرى، ووجد نفسه أمام مبلغ طائل من المال يتطلب منه إنفاقه في سبيل خدمة الناس وإسعادهم، ودون خبرة ولا معرفة بالذي يستحق والذي لا يستحق، وبين الذي سيوظف المال من أجل تطوير نفسه والارتقاء بوطنه، وذلك الذي سيتعامل مع هذا المال على أنه مال سائب وأن الذي يوزعه لم يتعب في الحصول عليه، ولن يحاسب على تبديده...
ما قاله ديوان الرقابة المالية في تقريره عن «تمكين» هو نفسه، ولكن في شكل وقائع وتصرفات وأرقام، وجاء في مقدمته: «خلصت أعمال الرقابة على مشاريع «تمكين» إلى وجود بعض أوجه القصور في مراحل إقرار وإدارة وتنفيذ المشاريع مما حد من كفاءة استخدام موارد الصندوق وأثر سلباً على فاعلية بعض المشاريع في تحقيق أهدافها بالشكل الذي يتماشى مع الأهداف التي أنشئ من أجلها الصندوق والمتمثلة وفقاً لقانون إنشائه في تطوير القطاع الخاص لجعله محركاً للنمو الاقتصادي في المملكة ورفع كفاءة العمال البحرينيين وتطوير مقدرتهم الإنتاجية وقدرتهم على المنافسة في سوق العمل لجعلهم الخيار الأفضل للتوظيف من قبل أصحاب العمل وخلق فرص عمل جديدة ومناسبة لهم.
تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية يلخص ما وجده على تمكين في العامين (2012-2013) أي بعد أكثر من 6 سنوات على بدء عمله وبالتالي اكتسابه خبرة في اختيار المدراء والموظفين الكفؤين، وإنجاز الدراسات اللازمة للتعرف على واقع سوق العمل والمواقع التي تحتاج إلى إحلال البحرينيين محل الأجانب، بعد تطويرهم وجعلهم الخيار الأفضل لدى أصحاب الأعمال، وكذلك تقديم البرامج والصرف على الشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في القطاع الخاص من تطويرها إدارياً ومؤسساتياً وتكنولوجياً، وجعلها قابلة لتوظيف المزيد من البحرينيين أولاً وعلى المنافسة في السوق لزيادة المنتج الوطني وخلق القيمة المضافة والتحول للتصدير أو إقامة شراكات مع مثيلتها بالدول المجاورة.
إزاء المأمول هذا.. يقول التقرير: «تبين للديوان أن هناك عدة مشاريع وبرامج شملتها أعمال الرقابة لم يتم تحقيق الأهداف التي أطلقت من أجلها نتيجة ضعف دراسات الجدوى وعدم التزام الجهات المكلفة بتنفيذ تلك المشاريع ببعض الاشتراطات المطلوب استيفاؤها للانتفاع بالدعم ونقص متابعة استخدام الدعم في الأغراض التي منح من أجله وتوجيه نسبة كبيرة من الدعم لمؤسسات القطاعات التي ليس لها قيمة اقتصادية مضافة مثل البرادات وصالونات الحلاقة والتجميل والكراجات والمطاعم والمقاهي وغيرها».
وعندما نأتي للتفاصيل التي يذكرها التقرير والداعمة للملاحظات العامة المذكوره أعلاه نجدها تشمل كل مجالات عمل تمكين كما تشير إلى كفاءة المسؤولين الذين يتحملون المسؤولية الأكبر في صرف أموال تمكين في الطريق الخطأ وبالتالي تبديد وإهدار هذه الأموال.
من هذه التفاصيل كما يورد التقرير:
- عدم وجود دليل إجراءات شامل ومعتمد من قبل مجلس الإدارة يحدد ويضبط الإجراءات والمراحل الواجب اتباعها عند تنفيذ المشاريع.
- عدم إخضاع العديد من المشاريع المتعلقة بدعم القطاع الخاص وتنمية الثروة البشرية لدراسات تفصيلية مستفيضة وكافية لتحديد الجدوى من تنفيذها وتحديد مكوناتها بالدقة المطلوبة.
- لوحظ استمرار الصندوق في إسناد إدارة مشاريعه إلى جهات خارجية من دون دراسة مدى إمكانية أن يتم تنفيذها من قبل موظفي الصندوق.
- ضعف إشراف الصندوق على أعمال الجهات المكلفة بإدارة مشاريعه والرقابة عليها.
- تنفيذ وتمويل برامج ومشاريع ليست من اختصاصها بقيمة 53 مليون دينار.
- موافقة الصندوق على منح بعض القروض لطلبات لم تستوف الاشتراطات المطلوبة للانتفاع بدعم المشروع.
- منح نسبة كبيرة من القروض لمؤسسات ليست ذات قيمة اقتصادية.
- إطلاق برنامجي دعم الصيادين والمزارعين البحرينيين من دون إجراء دراسات كافية لتحديد الجدوى من تنفيذها وعدم تحديد أهداف واضحة لهما.
- عدم التزام الصندوق باشتراطات الانتفاع ببرنامج دعم المؤسسات المتعثرة والتي أقرها مجلس إدارة الصندوق الأمر الذي أفسح المجال لاستفادة العديد من المؤسسات غير المستهدفة.
- وكذلك الحال بالنسبة لمشروع التطور في السلم المهني ومشروع تطوير المؤسسات.
وإزاء هذا الإخفاق الشامل لكل البرامج والمشروعات فهل يكتفى «بإعادة الهيكلة» أم بإعادة النظر داخل تمكين.