موضوعان يوم أمس يشدان الانتباه نشرتهما صحيفة «الوطن» بقرب بعضهما بعضاً في الصفحات الاقتصادية؛ الأول صادر عن محافظ البنك المركزي، رشيد المعراج، ويتحدث فيه عن المشاريع العقارية المتعثرة إضافة إلى إجمالي احتياط الذهب، والموضوع الآخر هو عمود الأستاذ علي صالح الذي تحدث فيه عن الدين العام.
مضامين الموضوعين خطيرة، هذا إن كنا نتحدث عن مستقبل الاقتصاد في البلد، وما هي استقراءات السنوات القادمة وتأثير كل ذلك على وضع المواطن أولاً وعلى وضعية البلد من جانب آخر بشأن الموازنات والاحتياطي المالي.
الدين العام في البحرين ظاهرة مخيفة، ومؤشرات القلق لم تصدر بناء على قراءات اختصاصين وخبراء اقتصاديين في الداخل، بل من صندوق النقد الدولي الذي قال في تقريره بأن الدين العام في البحرين آخذ في الازدياد بدلاً من أن يتم تقليصه بصورة بصورة منظمة، ما يعني أن العجز في الميزانية العامة في الدولة سيستمر وقد يتضخم، وهذا مؤشر خطير جداً.
العجز الذي تعاني منه موازنة الدولة يؤثر بشكل قوي في كل أوجه الحياة بالنسبة للمواطن، وبإمكانه أن يشل كثيراً من مشاريع الدولة، وللأسف نحن اليوم فقط نتحسر على الوضع ونقف مسقطين في أيدينا، في حين أن الحراك التشريعي في البلد يبين بأن الاهتمام بالمسألة من قبل النواب لا يعدو سوى تصريحات وتلويحات باستجواب وغيرها من المساجلات دون اتخاذ موقف صارم بشأن ما يحصل.
هنا أعني إن كان هناك إحساس حقيقي بخطورة الموقف فالمسألة أكبر من استجواب وزير أو مماحكات مع قطاعاته، بقدر ما هي مسؤولية على عاتق الدولة ينبغي أن يكون فيها حسم ولو جاء على حساب موقف عنيف من البرلمان وإن أدى لاستقالة أعضائه. فهذه المشكلة بحد ذاتها أكبر من أي مشكلة سياسية أو تشريعية، هذه مشكلة تعتبر أم المشكلات لأنها أساس لخلق عديد من المشكلات على صعيد حياة الناس أنفسهم.
هل الدولة بالفعل لا تمتلك المال لسد هذه العجوزات ولتحقيق موازنة في ميزان الاقتصاد الذي واضح أنه مختل بشدة؟!
المشكلة أن الإجابة على السؤال تبنى على إجابة سؤال آخر معني بالقدرة على وضع اليد على موضع الخلل، وبيان الأسباب الفعلية التي أدت لوجود هذا العجز والسقوط في هذا المنحدر الخطير.
لا يعقل أن تكون سياسات أفراد وحسابات خاطئة واستراتيجيات غير ناجعة ضريبتها خلق وجع دائم للدولة وشعبها، هذه مسألة لا يمكن السكوت عليها إطلاقاً، ففيها تضييع لمستقبل أجيال لا يفيد معها حتى احتياطي صندوق الأجيال.
تقرير صندوق النقد لابد وأن يكون جرس إنذار، ولابد أن يعترف المعنيون بأننا نسير اقتصادياً في اتجاه مخيف، وأن يعلن ذلك بصراحة مع خطة لاحتواء المسألة.
أما الموضوع الآخر فهو المعني بإعلان حجم احتياطي الذهب الذي تملكه البحرين، والذي أعلن بأنه يبلغ 2.4 مليار دينار بحريني، وأن الزيادة فيه بلغت 9% مقارنة بالربع الأول من العام الماضي.
مثل هذا الرقم يجعل الناس تتساءل عن أسباب وجود العجز في الميزانية مع وجود احتياطي بهذا الحجم، وهنا نحتاج -حتى يفهم الناس الوضع- لشروحات تبسيطية من قبل المسؤولين بشأن ارتباط المسألتين إن وجد لهما ارتباط، باعتبار أن هذه الأرقام تخلق حالة من الارتباك وعدم الفهم.
أيضاً في شأن التطرق للمشاريع العقارية المتعثرة، وبيان أن حجم خسائر المشروعات تخطى حاجز الـ400 مليون دينار حتى شهر يناير الماضي، فإن المسألة هنا تتعلق بإجابة السؤال المعني بمعايير منح التراخيص، ولماذا تتعطل مشاريع، ولماذا تحصل مشكلات في بعضها، ولا نريد إيراد أسماء هنا، لكن بعض المشاريع الكبيرة الشهيرة في البلد تعاني من مشكلات مازالت لم تحسم، وبعض المشاريع متوقف لم ينتهِ.
الاقتصاد هو عصب كل شيء، وطوال سنوات ظننا ونحن نسمع بأننا الوجهة الاقتصادية في المنطقة بأن الأمور تسير على ما يرام، لكن هذه المؤشرات والأرقام والتصريح المباشر بالعجوزات والعجز الإكتواري، كلها أمور تبين بأن حال وضع اقتصادنا لا يطمئن، وأن الاستراتيجيات الموضوعة ليست ناجحة حتى الآن في تحسين الوضع.
{{ article.visit_count }}
مضامين الموضوعين خطيرة، هذا إن كنا نتحدث عن مستقبل الاقتصاد في البلد، وما هي استقراءات السنوات القادمة وتأثير كل ذلك على وضع المواطن أولاً وعلى وضعية البلد من جانب آخر بشأن الموازنات والاحتياطي المالي.
الدين العام في البحرين ظاهرة مخيفة، ومؤشرات القلق لم تصدر بناء على قراءات اختصاصين وخبراء اقتصاديين في الداخل، بل من صندوق النقد الدولي الذي قال في تقريره بأن الدين العام في البحرين آخذ في الازدياد بدلاً من أن يتم تقليصه بصورة بصورة منظمة، ما يعني أن العجز في الميزانية العامة في الدولة سيستمر وقد يتضخم، وهذا مؤشر خطير جداً.
العجز الذي تعاني منه موازنة الدولة يؤثر بشكل قوي في كل أوجه الحياة بالنسبة للمواطن، وبإمكانه أن يشل كثيراً من مشاريع الدولة، وللأسف نحن اليوم فقط نتحسر على الوضع ونقف مسقطين في أيدينا، في حين أن الحراك التشريعي في البلد يبين بأن الاهتمام بالمسألة من قبل النواب لا يعدو سوى تصريحات وتلويحات باستجواب وغيرها من المساجلات دون اتخاذ موقف صارم بشأن ما يحصل.
هنا أعني إن كان هناك إحساس حقيقي بخطورة الموقف فالمسألة أكبر من استجواب وزير أو مماحكات مع قطاعاته، بقدر ما هي مسؤولية على عاتق الدولة ينبغي أن يكون فيها حسم ولو جاء على حساب موقف عنيف من البرلمان وإن أدى لاستقالة أعضائه. فهذه المشكلة بحد ذاتها أكبر من أي مشكلة سياسية أو تشريعية، هذه مشكلة تعتبر أم المشكلات لأنها أساس لخلق عديد من المشكلات على صعيد حياة الناس أنفسهم.
هل الدولة بالفعل لا تمتلك المال لسد هذه العجوزات ولتحقيق موازنة في ميزان الاقتصاد الذي واضح أنه مختل بشدة؟!
المشكلة أن الإجابة على السؤال تبنى على إجابة سؤال آخر معني بالقدرة على وضع اليد على موضع الخلل، وبيان الأسباب الفعلية التي أدت لوجود هذا العجز والسقوط في هذا المنحدر الخطير.
لا يعقل أن تكون سياسات أفراد وحسابات خاطئة واستراتيجيات غير ناجعة ضريبتها خلق وجع دائم للدولة وشعبها، هذه مسألة لا يمكن السكوت عليها إطلاقاً، ففيها تضييع لمستقبل أجيال لا يفيد معها حتى احتياطي صندوق الأجيال.
تقرير صندوق النقد لابد وأن يكون جرس إنذار، ولابد أن يعترف المعنيون بأننا نسير اقتصادياً في اتجاه مخيف، وأن يعلن ذلك بصراحة مع خطة لاحتواء المسألة.
أما الموضوع الآخر فهو المعني بإعلان حجم احتياطي الذهب الذي تملكه البحرين، والذي أعلن بأنه يبلغ 2.4 مليار دينار بحريني، وأن الزيادة فيه بلغت 9% مقارنة بالربع الأول من العام الماضي.
مثل هذا الرقم يجعل الناس تتساءل عن أسباب وجود العجز في الميزانية مع وجود احتياطي بهذا الحجم، وهنا نحتاج -حتى يفهم الناس الوضع- لشروحات تبسيطية من قبل المسؤولين بشأن ارتباط المسألتين إن وجد لهما ارتباط، باعتبار أن هذه الأرقام تخلق حالة من الارتباك وعدم الفهم.
أيضاً في شأن التطرق للمشاريع العقارية المتعثرة، وبيان أن حجم خسائر المشروعات تخطى حاجز الـ400 مليون دينار حتى شهر يناير الماضي، فإن المسألة هنا تتعلق بإجابة السؤال المعني بمعايير منح التراخيص، ولماذا تتعطل مشاريع، ولماذا تحصل مشكلات في بعضها، ولا نريد إيراد أسماء هنا، لكن بعض المشاريع الكبيرة الشهيرة في البلد تعاني من مشكلات مازالت لم تحسم، وبعض المشاريع متوقف لم ينتهِ.
الاقتصاد هو عصب كل شيء، وطوال سنوات ظننا ونحن نسمع بأننا الوجهة الاقتصادية في المنطقة بأن الأمور تسير على ما يرام، لكن هذه المؤشرات والأرقام والتصريح المباشر بالعجوزات والعجز الإكتواري، كلها أمور تبين بأن حال وضع اقتصادنا لا يطمئن، وأن الاستراتيجيات الموضوعة ليست ناجحة حتى الآن في تحسين الوضع.