يقول فريد الأطرش: «الحياة حلوة بس نفهمها.. الحياة غنوة ما أحلى أنغامها..»، فهذه الكلمات الرنانة على عود خشبي من شجر السنديان الأصيل تحمل معنى عميقاً ألا وهو أن العيب ليس في الحياة ولكن في ردات أفعالنا اتجاه أقدارنا المكتوبة علينا، فنحن كمسلمين نعلم أشد اليقين بأن كل أمر يجري على الإنسان هو مقدر ومكتوب، وأن من أساسيات الإيمان الرضا بالقدر شره وخيره، وعلى المنقلب الآخر نعلم أن حتى ما قُدر إلينا من شر نحن نحتسبه في أذهاننا إلا أنه يحمل خيراً، وقد يكون خيراً كثيراً في أحد ثناياه.من زاوية أخرى نعلم أن الإنسان وفكره وانتباهاته هي المحرك والدافع الأساسي في توجيه وبلورة نظرتنا إلى مجريات الأمور التي تدور حولنا.الأسبوع الماضي كان مقالي بعنوان «الناس والطاش ما طاش» محاولة الغوص في المعنى المتأصل لعبارة «الطاش ما طاش»، لكن وجدت نفسي تائهة بدهاليز المعاني التي بحثت عنها أو استلمتها، ولكن أكثر ما سرق انتباهي تعليقاً كُتب، والأجمل من التعليق اسم من كتب التعليق، وكان اسمه «متقاعد نشيط»!!!حقيقة استوقفني الاسم كثيراً، وهو وإن كانت الحقيقة المطلقة تقول بأننا لا نستطيع اختيار أسمائنا؛ إلا أن الصفات التي نطلقها على أنفسنا لا شك بأنها تعكس شخصيتنا من الداخل، لأن هذه تمثلنا نحن حقيقة.. فالمتقاعد النشيط رضي بالواقع الذي من الممكن نمر به جميعنا، وهي مرحلة التقاعد، إلا أنه رفض صراحة الاستسلام لما تحمله كلمة متقاعد في المفهوم العربي؛ وأراد أن يكون شخصاً متفاعلاً مع مجتمعه ويقدم ما يمكن تقديمه، في وقت يراه الكثيرون وقت عزله عن العمل، والأمر مقتصر على تناول القهوة والحلوى في المقهى؛ فبكل فخر تمرد عما يدور بالأفق وواقع الحال بخصوص المتقاعدين.إلا أننا إذا أخذنا صورة مقربة عن المتقاعدين في أمريكا والدول الأوروبية فإنه يتم استغلال طاقاتهم الفذة بالشكل الأمثل، لأنهم لا يملكون العلم والمعرفة وحسب؛ بل يملكون الخبرة مع تجارب الزمان المتكررة، لذلك يقولون في الأمثال «اسأل مجرب ولا تسأل خبير»، فما هو الحال لو كان هذا المجرب خبيراً ويملك العلم، فلا بد أن يكون خلطة متميزة بكل ما في المعنى من كلمة.فلا بد لكل متقاعد أن ينظر للحياة من واجهة متفائلة مليئة بالإيجابية، وأن ما مضى وما خطته السنون بعرق جبينهم وبحبر طاقاتهم فلا بد أن يدون في أوراق شبابنا الصاعدين المقدمين، واللذين لا بد أن يضعوا نصب أعينهم بأن الغد سيكون مشرقاً لأن حياتنا تبرمجها عقولنا.فإن كان ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، ولكن لا بد أن تجري السفن كما توجهها رياح عزائمنا.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90