تحدثنا قبل يومين عن مستقبل طلبة المرحلة الثانوية العامة لهذا العام، وعن مدى جدوى الخطط التعليمية المقدّمة لهم عبر مجموعة من البعثات والمنح من طرف وزارة التربية والتعليم وغيرها، وكيف يبدو المشهد لو جاءت كل تلك البعثات والمنح مغايرة لمتطلبات سوق العمل في المستقبل، لتضيف بذلك الدولة مجموعة جديدة من العاطلين عن العمل إلى قطارها، ليكونوا كما ذكرنا بالأمس «عالة» على الدولة والمجتمع، بينما في الأساس يجب أن يكونوا أحد وأبرز من يعطي هذا الوطن.
حين نتحدث عن أهمية الكشف عن مصير الآلاف من أبنائنا الخريجين من الطلبة حتى قبل طرح خطة البعثات، لأننا نملك رقماً مخيفاً من العاطلين عن العمل، بسبب عدم اتساق خطط البعثات السنوية مع سوق العمل، وعلى ما يبدو من الوهلة الأولى فإن وزارة التربية والتعليم ستستنسخ في هذا العام كما هو في كل عام مجموعة لا يستهان بها من العاطلين عن العمل.
إضافة لكل هذه الكبوات والخيبات، تأتي مرحلة البحث عن العمل، وهي من أسوأ المراحل التي تواجه الخريجين على الإطلاق، حيث أصبحت مسألة البحث عن وظيفة من طرف شاب جامعي من الأمور المخيبة للآمال.
هاتفني بعض الشباب الجامعي من الباحثين عن العمل مؤكدين لي أنهم وجدوا مؤخراً مجموعة من الموظفين الآسيويين يعملون كأمناء صندوق «كيشرية» في إحدى مؤسسات الدولة، بينما هم وحتى هذه اللحظة مازالوا يبحثون عن أي عمل يغنيهم عن ذل السؤال منذ أكثر من خمسة أعوام، وهم أيضاً يملكون المؤهلات الجامعية في مجال المحاسبة وأخواتها!
شككت في هذه المعلومة ولم أصدقهم في البداية، فقمت بالتحري عن هذا الأمر حتى تبين لي صحة ما يدعيه أولئك الشباب الجامعي، وكأن تلك المؤسسة الرسمية تستفز البحرينيين من خلال توظيفها للآسيويين لتضعهم في واجهة «الكونتر»، فتشاهدهم مجرد دخولك لتلك المؤسسة.
يقول البعض من المؤكد أن أولئك الآسيويين الذين يعملون كأمناء صندوق في تلك المؤسسة الرسمية لا يعملون كموظفين لديها، بل هم يعملون في شركة، وأن المؤسسة الرسمية هي التي تعاقدت مع تلك الشركة فجاءت الشركة بهم، وهذا الأمر لا تتحمله المؤسسة الرسمية.
نحن نؤكد هنا لو صحت هذه الرواية بأن المؤسسة الرسمية تعطي للشركة التي أتت بهذا الأجنبي راتباً كبيراً في مقابل الحصول على خدماته، ولربما لو وظفت شاباً بحرينياً لرأيناه يقبل حتى بنصف راتب الأجنبي، ولما حدثت «الشوشرة» بين صفوف العاطلين عن العمل وهم يشاهدون الآسيويين يعملون في مقدمة تلك المؤسسة بدلاً منهم!
ليس هذا وحسب، بل يجب على المؤسسة الرسمية تلك أن تجبر الشركة بتخصيص مجموعة من الموظفين البحرينيين ليعملوا لديها كأمناء صندوق، بدلاً من استفزاز الجامعيين حين ترتضي بعمل هؤلاء الآسيويين لديها.
لو كانت وظيفة «كيشر»غير متوفرة عبر كافة العناصر البحرينيين من الخريجين وغيرهم لما اعترضنا على توظيف هؤلاء الآسيويين، لأننا في الحقيقة ضد العنصرية وضد تعطيل مصالح الناس، لكن حين تتوفر الطاقات البحرينية الشابة من الجامعيين للعمل في هذا المجال، حينها يكون الحديث عن توظيف الآسيوي بدلاً من الشاب البحريني أمراً ممجوجاً وسخيفاً للغاية، ويضع ألف علامة للاستفهام حول مصير كل الخريجين الجامعيين.
نحن ننصح المؤسسة تلك أن تطالب الشركة التي أتت بالموظفين الآسيويين، والتي تستلم من الدولة مبالغ طائلة لتعطي فتاتها لهم لتستولي على بقية المبالغ الخيالية، أن تسحب كل الموظفين الآسيويين لتحل محلهم موظفين وطنيين من أبنائنا الخريجين، وكفى الله المؤمنين القتال، ويكفي دماراً وخراباً لمستقبل أبناء البحرين أيتها الشركات التي لا هم لك سوى الربحية المطلقة حتى ولو كانت على حساب وم