لم يتوانَ الكيان الصهيوني في استغلال الضعف العربي وتشرذم كل العرب في أن يختلي بالفلسطينيين ليمارس معهم اليوم أبشع صنوف التنكيل والظلم، خصوصاً بعد يقينه بابتعاد كل العيون العالمية عن مراقبته، وانشغالهم بما يجري في الوطن العربي من أحداث مأساوية ودموية.
حين يصمت العرب وهم في أوج قوتهم عن كل الانتهاكات الصهيونية بحق إخوتنا في فلسطين، ماذا ستكون ردود أفعالهم وهم يتعرضون لضربات شرسة من طرف الأعداء، وهم كذلك يعيشون أضعف مراحل قوتهم السياسية والعسكرية عبر ما يسمى بالربيع العربي؟
تقول الأخبار إن مدن الضفة الغربية المحتلة تشهد حصاراً خانقاً من قبل جيش الاحتلال بعد عملية أسر ثلاثة جنود إسرائيليين في مدينة الخليل، وشدد الاحتلال من عملياته في مناطق الضفة ليعتقل العشرات من الفلسطينيين بينهم نواب في المجلس التشريعي، في حين أصيب أربعة فلسطينيين بعد سلسلة غارات جوية على مناطق متفرقة من القطاع، كما استشهد شاب في مخيم الجلزون شرقي رام الله، وفرضت سلطات الاحتلال طوقاً أمنياً مشدداً حول الأقصى، في وقت اتصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتنياهو بمحمود عباس لأول مرة منذ عام للإسهام في التوصل للجنود المفقودين.
هذا وداهمت القوات الإسرائيلية ست بلدات فلسطينية وشنت حملة اعتقالات واسعة في صفوف قيادات حركة حماس، حيث اعتقلت قرابة 40 فلسطينياً بينهم رئيس المجلس التشريعي عزيز الدويك، إضافة إلى نواب ووزراء سابقين، ليرتفع بذلك عدد المعتقلين الفلسطينيين منذ بدء العملية إلى 180. أما في مخيم الجلزون قرب رام الله، استشهد شاب فلسطيني يبلغ من العمر 20 عاماً، وأصيب آخرون، كما أصيب ثلاثة فلسطينيين بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، إلى جانب إصابة العشرات بحالات اختناق، في مواجهات مع الاحتلال في بلدة بيت أمر شمال الخليل، واندلعت مواجهات جنوب رام الله وأصيب خلالها شاب فلسطيني برصاصة في صدره، كذلك وأصيب أربعة مواطنين فلسطينيين بينهم طفلان في 6 غارات شنتها طائرات حربية إسرائيلية، واستهدفت مواقع تدريب للمقاومة الفلسطينية وأهدافاً متفرقة في قطاع غزة.
لن تهدأ إسرائيل أبداً إلا إذا نفذت خطتها باسترداد الجنود المختطفين، وسواء كانت عمليـــات الاختطــاف حقيقية أم مفبركة، فلن تقبل هذه المرة أن يوقفها أحد، مستغلة ضعف الأنظمة العربية، وانشغال شعوبها بما يسمى بالربيع العربي، وانشغال مجانينها بالمعارك الطائفية، كذلك لا يمكن أن نغض الطرف في هذا الأمر بعامل من أهم العوامل التي جعلت الكيان الصهيوني يجن جنونه، وهو ما يتعلق بالمصالحة الفلسطينية الأخيرة بين الإخوة الأعداء، إذ إن توافق الفلسطينيين في ما بينهم سيرفع من وتيرة استخدام العنف والإرهاب ضد كل الفلسطينيين، دون تمييز بين من ينتمي لفتح أو حماس.
على العرب أن ينتبهوا لهذا المخطط الشيطاني الصهيوني، وأن يرتبوا صفوفهم ويعيدوا حساباتهم من جديد حول ما يمكن أن يقدموه للإخوة في فلسطين، وإلا إذا استشعرت إسرائيل أن العرب منشغلون تماماً في ما بينهم أكثر مما هم منشغلون عنه في السابق، فابشروا بحرب إبادة ستقع في كل شبر من فلسطين، ضد إخوتنا المنسيين أصلاً منذ زمن النكبة الأولى وحتى يومنا هذا، وحينها سيحملنا التاريخ كل العار.