أخيراً ظهرت نتيجة انتخابات الغرفة وعرفت الوجوه التي ستثمل أعضاء بيت التجار في مجلس الإدارة في رؤاهم ومواقفهم وتطلعاتهم ومعاناتهم وفي دورهم الجديد والمنتظر في النهوض بالاقتصاد واتخاذ القرار الاقتصادي وتعزيز مكانة الغرفة.
من أبرز التصريحات في هذا الشأن ما قاله رجل الأعمال أكرم مكناس من توجيه دعوة للمجلس الجديد «للاتفاق على برنامج حقيقي وواضح يساعد التجار على الخروج من الضائقة الاقتصادية التي باتوا فيها لأكثر من 4 أعوام، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال تسخير إمكانات التجار الكبيرة مادياً ومعنوياً للخروج من عنق زجاجة هذه الضائقة».
ما قاله أكرم مكناس وضع الأصبع على الجرح، وإعادة توجيه بوصلة الغرفة الممثلة للقطاع الخاص، وأضافت نتيجة الانتخابات لها تمثيلها للشركات العائلية الكبيرة والرئيسة في البلاد، ذلك أن الاقتصاد الوطني ليس في حالة جيدة، وأنه يمر بالفعل بضائقة جعلته محبوساً في عنق الزجاجة كما قال أكرم.
فالدولة تعاني من أزمات اقتصادية عملت الحكومة خلال الثلاث سنوات الأخيرة على معالجتها بأسلوب النعامة، بالقول المتواصل إن اقتصادنا بخير وقوي، النمو في أحسن حالته، والتنمية الاقتصادية في ازدهار، والبحرين تستقطب المستثمرين من الداخل والخارج، وهي تصريحات ومواقف لا تعكس الواقع ولا تعبر عنه.
هذا الواقع الذي يعاني من تراجع الاقتصاد في قطاعاته المختلفة، عبرت عنه الغرفة في بيانات سابقة، وفي لقاءات جمعتها مع المسؤولين الرسميين، طالبتهم فيها كما يطالب رجل الأعمال أكرم مكناس اليوم بوضع برنامج حقيقي وواضح للخروج من الضائقة التي يمر بها الاقتصاد.
واليوم وبعد الجو الاحتفالي الذي حظيت به انتخابات الغرفة، والمشاركة التضامنية، والتهاني التي تلقاها الفائزون في الانتخابات من قبل كبار المسؤولين في المملكة، فإن الغرفة بحاجة إلى تجسيد هذا التضامن والمساندة بأعمال تعيد للغرفة مكانتها المستقلة أولاً، والممثلة للقطاع الخاص عملياً ثانياً، والمشاركة في اتخاذ القرار في كل ما يهم الاقتصاد الوطني وما يعنيه وما يؤثر فيه وما يعمل على معالجة مشكلاته وتطوير آلياته.
فالغرفة في المرحلة القادمة، يجب أن تتحدد علاقتها مع وزارة الصناعة والتجارة من ناحية والحكومة بشكل عام ليس من باب التابع الذي يدفعه حرصه على تلقي الدعم المالي لميزانية الغرفة، وربما لما هو أبعد من ذلك، إلى مسايرة التوجهات والتصرفات الحكومية تجاه الأزمة الاقتصادية حتى لو أثبتت هذه التصرفات عدم جدواها في تقديم حلول ناجعة، ولا حتى تقديم حلول وقتية ومسكنة.
وإنما المطلوب من الغرفة أن تعتبر الدعم الحكومي هو دعم الدولة للكيان المعني بإدارة الاقتصاد، وصاحب النصيب الأكبر في تحمل مشكلاته والمساهمة في تطوير هذا الاقتصاد، بكونه الكيان الذي يمثل القطاع الخاص ويملك زمام المبادرة في رفد الاقتصاد الوطني بعوامل القوة والازدهار.
وبالإضافة لذلك، فإنه آن الأوان لمجلس إدارة الغرفة الجديد أن يبدأ تحركاً بهدف تحفيز أعضاء الغرفة من التجار والصناعيين والمقاولين، والعقاريين وأصحاب الشركات المالية والتأمين وغيرهم، تحفيزهم على العمل متضامين لسد العجز ففي ميزانية الغرفة، وتحويلها إلى ميزانية فائضة.
من شأن هذا التحرك أن يؤكد استقلالية الغرفة في اتخاذ القرار، ومن ثم قدرتها على إعلاء صوتها، وعلى التحدث مع الحكومة بالصراحة والوضوح اللازمين فيما يتعلق بإبداء الآراء وطلب معالجة الأزمات، وتقديم الحلول لها.
وكما يقول أكرم في تصريحه عقب الانتخابات «فالتجار في البحرين اليوم بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى قيادة تجارية واعية ومبدعة لإخراجهم من حالة الاستسلام للظروف الراهنة محلياً، والانطلاق نحو فرض معززات النشاط التجاري، فليس هناك ما يعوق أي محاولة للانطلاق لا على المستوى المحلي ولا على المستوى العالمي».
فقيادة الغرفة القادمة هي التي يعول عليها في المستقبل كما كان يعول عليها في الماضي الخضوع لحالة الاستسلام والقبول بالواقع وبما هو يراد للغرفة أن تكون، أو رفض الاستسلام والارتفاع بهامة الغرفة للأعلى نحو الوصول إلى مستوى أفضل غرفة في المنطقة، وليس أعرقها فقط، بل وكما يقول الفائز في الانتخابات خالد الزياني «أن يصبح المثل الأعلى لغرفتنا الغرف التجارية في الدول المتحضرة، وما ينطبق عليها من التزامات ومالها من حقوق وصلاحيات».