على عكس ما هو متوقع، وما هو منتظر فقد جاء النبأ الذي نشر يوم الثلاثاء عن الاجتماع الذي عقد لبحث ما وصل إليه مشروع تطوير حقل البحرين النفطي، وضم الأطراف الثلاثة الممثلة في شركة «تطوير» وهي الشركة القابضة للنفط والغاز، شركة أوكسيدنتال الأمريكية وشركة مبادلة الإماراتية. الخبر كما نشر، ذكر أن وزير المالية الوزير المشرف على شؤون النفط والغاز بحث تطوير حقل البحرين خلال لقائه كل من وزير الطاقة بالإمارات رئيس مجلس إدارة مبادلة للبترول، ورئيس الإنتاج الدولي بشركة أوكسيدنتال الأمريكية. وتم خلال الاجتماع بحث سبل تعزيز وتنشيط الاستثمارات النفطية في البحرين، كما تم بحث الاستثمارات المتعلقة بشركة تطوير للبترول والتي تساهم فيها كل من الشركة القابضة للنفط والغاز وشركة مبادلة وأوكسيدنتال، وحضر الاجتماع عدد من المسؤولين في الجهات الثلاث. الخبر كما قرأناه مقتضب وغير شفاف، ولا يتضمن معلومة مفيدة ولا تصريحاً من وزير المالية رئيس وفد البحرين الى الاجتماع يقول للمواطنين أين وصلت عمليات التطوير في حقل البحرين، وهل نجحت الشركتان الأمريكية والإماراتية في الإيفاء بالتزاماتهما، وعملتا بالفعل على بلوغ مستوى الإنتاج المخطط له بعد السنوات الخمس الأولى من بدء أعمال تطوير والتي انعقد هذا الاجتماع بسبب انتهاء هذه المرحلة ومن أجل تقييم نتائجها وإعلانها بشفافية على الملأ. ما الذي يهدف إليه وزير المالية ومعه شركة تطوير من نشر هذا الخبر، ولماذا ينشر أصلاً إذا كان لا يريد أن يصرح شيئاً بما ناقشه الاجتماع، وبما توصل إليه من نتائج واتخذ بشأنها من قرارات، ولماذا لم تدع الصحافة للالتقاء بالأطراف الثلاثة بعد انتهاء الاجتماع والحصول منها على تصريحات بشأن ما بحث في الاجتماع، هل تتم مثل هذه الدعوة فقط إذا كان الوزير يريد أن يطلع الرأي العام على أخبار إيجابية تستحق الإشادة ولا يفعل ذلك إذا كانت هذه الأخبار سلبية. اتفاقية تطوير حقل البحرين احتفل بتوقيعها في منتصف عام 2009 وبدأت أعمال التطوير في الربع الأخير من العام نفسه ونصت حسب البيان الذي قدمه وزير النفط في ذلك الوقت الى مجلسي النواب والشورى على أن الإنتاج من النفط الخام بالحقل سيرتفع بالتدريج من 28.7 ألف برميل يومي في عام 2009 إلى 30.2 ألف برميل يومي في 2010 ويصل إلى 72.559 ألف برميل يومي في 2013 ثم 81.766 ألف برميل يومي في العام الحالي 2014 والى 105.174 ألف برميل يومي في عام 2019، وبعد ذلك يبدأ بالانخفاض حتى يقف في نهاية مدة الاتفاقية عام 2028 عند 101.018 ألف برميل يومي. وبما أننا تجاورنا عام 2013 فمن المفترض حسب الاتفاقية أن يكون الإنتاج من حقل البحرين قد تطور وتجاوز حاجز 73 ألف برميل ووصل 75 ألف برميل كما ذكر وقت التوقيع على الاتفاقية، لكن المعلومات التي تنشرها شركة بابكو، وأكدتها وزارة المالية من خلال الميزانية العامة للدولة أن إنتاج الحقل حتى هذا العام لا يتجاوز 45 ألف برميل يومي، وبالتالي فإن الشركتين أوكسيدنتال ومبادلة أخفقتا في بلوغ مستوى الإنتاج المستهدف.المعلومات الأخرى في هذا المجال والتي تم تداولها في عام 2009 هي أن المعدل الأساسي لإنتاج حقل البحرين عندما كانت «بابكو» مسؤولة عنه هو 40 ألف برميل وأن تكلفة إنتاج البرميل وقتها في حدود 4.5 دولار، وأنه حسب الاتفاقية فعندما تتمكن الشركتان المطورتان رفع الإنتاج الى ما فوق 40 ألف برميل يومي فإن تكلفة الإنتاج ترتفع إلى 10 دولارات للبرميل، وتأخذ بالصعود حتى تبلغ 17 دولاراً للبرميل في عام 2013 وبإنتاج اكثر من 72 ألف برميل يومي. الجانب الآخر المتعلق بإنتاج النفط الخام من حقل البحرين، هو أن الإنتاج الأساسي من النفط الخفيف والذي كانت تقوم به «بابكو «على مدى 77 عاماً هو الذي تم تسليمه للشركتين حسب اتفاقية التطوير إلى جانب النفط الثقيل الموجود في مكامن الحقل منذ الأزل والذي عجزت بابكو عن استخراجه بسبب عدم توفر التكنولوجيا اللازمة لديها، والتكلفة العالية لتوفير هذه التكنولوجيا. وللعلم فإن الإنتاج الكلي الذي تنص عليه الاتفاقية في نهاية التطوير (2028) هو 634 مليون برميل من النفط العادي أو الخفيف، إلى جانب 164 مليون برميل من النفط الثقيل التي أبرمت الاتفاقية أصلاً من أجل استخراجه، وأن سبب تسليم الحقل بنفطيه الخفيف والثقيل إلى شركة أوكسيدنتال ومبادلة، وعدم تسليمهما النفط الثقيل فقط هو- حسب تصريح رسمي في 2009 - جزء من المعادلة!الخلاصة أن شركة تطوير الحقل لم تتمكن من الوصول بالنفط الأساسي الى مستوى 75 ألف برميل يومي، مع إنها بذلت جهوداً مضنية وحفرت أكثر من 650 عيناً بالحقل من أجل زيادة الإنتاج، وهو عدد كبير جداً في فترة قصيرة، وأنها أجرت العديد من التجارب على إنتاج النفط الثقيل، وان هذه التجارب ستستمر لثلاث سنوات قادمة على الأقل قبل أن تقرر الشركة جدوى إنتاج كميات تجارية من هذا النفط، وفي كل الحالات ستبقى متخلفة عن الإيفاء بوعدها. بالنسبة للغاز المصاحب لإنتاج النفط من الحقل فقد زادت كميته عن احتياجات شركة غاز البحرين الوطنية، لكن الملاحظ أن هذه الزيادة الطبيعية يتم حرقها في الجو بدلاً من الإبقاء عليها مخزنة في الحقل باعتبارها ثروة وطنية تحتاجها البحرين وإذا كان هذا هو الحال... فعلى ماذا اتفق المجتمعون؟!
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90