يبدو أن في الأمر سراً لا يعرفه أغلبنا، فبمجرد الإحساس للحظة بأننا صرنا قاب قوسين أو أدنى من الباب الذي يمكن أن نلج من خلاله إلى حيث الحل الذي ننشد تحدث أمور تتسبب في سلب لحظة الإحساس الجميلة تلك ليحل محلها التشاؤم والشعور بأن مشكلة البحرين ستبقى من دون حل وستستمر هكذا معلقة إلى الأبد.
الأمر يبدو وكأن البعض لا يريد لهذه المشكلة أن تنتهي -الآن على الأقل-، ويبدو كما اللغز الذي لا أحد يعرف أين يوجد مفتاح حله. جو التفاؤل الذي توفر بلقاء ولي العهد مع الأطراف ذات العلاقة بالمشكلة تبخر بعد حين قليل ولاحظ الجميع كيف أن إيقاعه تغير وصار بطيئاً فحل محله الإحساس بالخيبة. ورغم أن هذا الإحساس قابل للتغير في أي لحظة تأتي لاحقاً إلا أن الإحساس الجديد هو الآخر قابل للتغير في كل لحظة تالية!
يبدو الأمر وكأننا جميعاً نريد أن ندخل إلى مكان واحد في نفس اللحظة فلا نتمكن لأن طريقة دخولنا إليه ليست صحيحة، أو كأننا نريد أن نخرج جميعاً في نفس اللحظة من عنق زجاجة انحشرنا فيها جميعاً، وهذه طريقة لا يمكن أن تساعدنا أيضاً على الخروج لأنها غير صحيحة.
هناك أمر ما يحدث أكاد أن أقول إن الغالبية منا إن لم يكن الجميع لا يفهمه ولكنه يشعر به، طبخة ما على وشك أن «تتسكر» نشم رائحتها ولكننا لا نستطيع أن نميزها، وإلا ما هو السر وراء التصريحات القوية الأخيرة لأمين عام الوفاق ومن حوله؟ وما السر وراء لهجة التحدي التي صار أولئك الذين اختاروا البقاء في الخارج يتحدثون بها؟ وما هو سر تجديد أمين عام الأمم المتحدة لـ «قلقه» في هذه الفترة تحديداً؟ ولماذا ازدادت التصريحات الأمريكية غير المتزنة؟ ولماذا أصدر البرلمان الأوروبي بيانه الأخير الذي بدا عاطفياً وغير طبيعي؟ ولماذا ازداد حجم الدعم الإعلامي الإيراني على وجه الخصوص في هذه الفترة لتلك المجموعة حتى صار موضوع البحرين هو صاحب الأولوية في برامج الفضائيات الإيرانية وما يتبعها من فضائيات لبنانية وعراقية وغيرها؟
إن كان في الظن خير فإن اتفاقاً ما قد تم أخيراً من تحت الطاولة بين دول منها الولايات المتحدة وبريطانيا وإيران و«المعارضة» لتقاسم الكعكة عبر رفع عناوين براقة وعبارات تستفيد من اللغة العالمية الجديدة التي اعتمدت مفردات من مثل حقوق الإنسان ودولة المؤسسات.
إن لم أكن مخطئاً فإن شيئاً من هذا القبيل قد حدث ويتم استكماله، وأن هناك اتفاقاً على التعامل مع الوقت بحكمة حتى تنضج الطبخة فلا يكتشفون في اللحظة الأخيرة أنها ناقصة ملح!
ما يحدث الآن ليس تطوراً طبيعياً لما صاروا يرتاحون من تسميته «ثورة» لأن ما يجري في البحرين منذ ثلاث سنوات هو أعمال شغب لتحقيق مآرب من شأنها أن تأخذنا إلى الوراء سنين كثيرة ولكن عبر رفع لافتات تتماشى مع الحداثة.
ليس معقولاً أن الأمم المتحدة على غير علم ومعرفة واسعة بما يجري في البحرين وما تهدف إليه تلك المجموعة التي اتخذت من السلمية شعاراً ومارست العنف واقعاً، ولكن تصريح أمينها العام في هذا الوقت يثير الكثير من علامات التعجب والعديد من الأسئلة، خصوصاً وأنها ترى حجم الدعم المادي والإعلامي الذي تقدمه بعض الدول لتلك المجموعة التي تعودت إظهار نفسها بصورة المظلوم والمحتاج إلى من ينقذه ويمنحه «حق اللجوء»!
الواضح أن هناك سعياً لإحداث تغيير في المعادلة بغية تحقيق الأطراف الداخلة في ذلك السعي لمآربها، والواضح أيضاً أن مطلب الإصلاح ما هو إلا لافتة مرفوعة ولكنه ليس المطلب الحقيقي.
أرجو أن أكون مخطئاً.