جيهان «دلوعة شاشة فضائية العالم» استضافت مساء الخميس الماضي في البرنامج المخصص للإساءة إلى البحرين وقيادتها، والذي يبث يومياً على الهواء مباشرة، استضافت رئيس شورى جمعية الوفاق جميل كاظم. كان الحوار عن درع الجزيرة ومشاركته في أحداث البحرين.
ليس مهماً ما سألته وليس مهماً ما أجاب، فما قيل كله مكرر وليس فيه جديد ومل الناس منه، وهو ليس موضوع هذا المقال. المهم هو ما صدر من هذه «المذيعة» التي يبدو أنها اعتبرت نفسها «حاضنة الثوار» حتى لم تعد قادرة على كتمان تعاطفها وانحيازها لهم. فعندما قال جميل كاظم ما يعتقد هو أنه صحيح عن أعداد القوات الخليجية التي شاركت في حفظ البحرين وحمايتها ومنعها من الوقوع في براثن من أراد بها السوء قبل ثلاث سنوات وتطرق إلى ما جرى على الشهيد طارق الشحي واعتبر تواجده في مكان الانفجار الذي حدث في الديه دليلاً على مشاركة قوات إماراتية في التعامل مع المتظاهرين، قاطعته وهي تضحك بقولها «إنه ربما كان هناك ليشتري سمك».
أما جميل كاظم فكان واضحاً أنه فوجئ بتعليقها واعتبره تطاولاً وتجاوزاً، لكنه واصل حديثه بعد أن قال لها «يعني بعيداً عن التنكيت». وهو في الحقيقة موقف جميل يستحق عليه الشكر، ولكنه كان موقفاً ناقصاً، بل ليناً؛ بل ليناً جداً، فقد كان المفروض أن ينهرها بقوة ويطالبها بالاعتذار أو ينسحب من البرنامج، لكنه لم يفعل وواصل مشاركته.
لم يكن مناسباً من مقدمة البرنامج إبداء هذا القدر من التعاطف مع من اعتبروا أنفسهم في ثورة إلى هذا الحد القميء، خصوصاً وأنها ينبغي أن تكون محايدة وأن تكون بمثابة «محامية الشيطان» في مثل هذه البرامج الذي تستضيف فيه طرفاً واحداً فقط، ولم يكن لطيفاً أن تتحدث عمن نال الشهادة بهذه الطريقة الدونية، حيث الحديث عمن فارق هذه الحياة بهذا الأسلوب أمر غير لائق وغير جائز، ولا يقره دين ولا شرع ولا أخلاق، وهو يعتبر بكل المقاييس تطاولاً ويدخل في باب قلة الأدب.
الأكيد أن الوفاق ورئيس شوراها سيعتبرون ما حدث وكأنه لم يحدث، وسيواصلون مشاركاتهم في هذا البرنامج المسيء لشعب البحرين والمتجاوز لكل الحدود والخطوط، فلن يطالبوا باعتذار الفضائية أو حتى اعتذار دلوعتها، لكن الأكيد أيضاً أنهم لن يقبلوا أن يذكر الآخرون من خسر حياته منهم بسببهم بأي كلمة ناقصة وسيواجهونه بكل ما يحفظونه من آيات قرآنية وأحاديث نبوية وصولاً إلى تكفيره. هذا تناقض تعيشه الوفاق وتعيشه المعارضة بكل أطيافها، حيث المهم عندهم هو ألا يسيء أحد إلى من هو محسوب عليهم أما ما عدا ذلك فجائز والدين والأخلاق يسمحان به.
لو كانت الوفاق تعرف كيف تمارس العمل السياسي لاتخذت على الفور موقفاً أدانت فيه المذيعة والفضائية ولطالبتهما بالاعتذار لأسرة الشهيد طارق الشحي أولاً وللمشاهدين ولها أيضاً ولأوقفت مشاركتها في برامج هذه السوسة لبعض الوقت كي تسجل موقفاً وتؤكد أنها لا تقبل بالتجاوز وأن المبدأ بالنسبة إليها فوق المصلحة، لكنها للأسف دون القدرة على اتخاذ مثل هذا الموقف وهذا القرار، لذا صار على «الآخرين» أن يطالبوا المذيعة والفضائية بالاعتذار الواضح عبر شاشتها وعبر كتاب رسمي لذوي الشهيد والتعهد بعدم تكرار مثل هذه الحماقة أو مقاضاتهما.
اللافت أن التجاوز والتطاول هذه المرة لم يأتِ من المشاركين الذين يعتبرون الاستضافة فرصة ذهبية لإفراغ ما في جوفهم من غل على الدولة، ولكنه أتى من مقدمة البرنامج، فمن حق الشهيد أن يذكر بخير وألا يساء إليه وإن لم يعجبهم الفعل الذي أدى به إلى نيل الشهادة.