منذ فترة لا تزيد عن الأيام العشرة ظهرت الكثير من المحاولات الخليجية والإقليمية والدولية من أجل ضرب التحالف الثلاثي القائم بين الرياض والمنامة وأبوظبي ليس لسبب، وإنما بسبب تضرر مصالح الأطراف التي تبنت مثل هذه المحاولات نتيجة هذا التحالف.
هناك من يرى في هذا التحالف ضمانة لأمن واستقرار المنظومة الخليجية، وصعوبة في اختراقها وتدميرها بإعادة تشكيل المنطقة أو بخلخلة الأنظمة السياسية القائمة. وهناك من يرى أيضاً في هذا التحالف استهدافاً مباشراً لأيديولوجياته وتنظيمه السياسي وشبكة نفوذه التي بناها في المجتمعات الخليجية طوال عقود من الزمن.
ما يميّز هذه المرحلة أنها مرحلة لتمييز الأجندات والمصالح، ومعرفة التوجهات الحقيقية دون مواربات أو مجاملات، ولذلك فإن من يحاول التلوّن فنهايته مكشوفة، ولا مجال للأعمال المخبأة.
البعض يحاول الآن ابتكار معارك وافتعالها عبر وسائل الإعلام التقليدية التي صارت تنقل يومياً جانباً من جوانب هذه المعركة التي تستهدف الدول الثلاث المتحالفة، فهناك من اعتبر هذه المعركة (مقدسة) لأنها تستهدف الدين ولا تستهدف جماعات بعينها!
يتم ذلك وسط معركة محتدمة في الفضاء الإلكتروني تغذيها الأطراف التي تعتقد أنها متضررة من التحالف الثلاثي، ولذلك تظهر حملة جديدة يومياً يتم تناقلها عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
في النهاية هو فخ تحاول قوى خليجية وغير خليجية إقحام العواصم الثلاث فيه، سواء على المستوى الحكومي أو على المستوى الشعبي. ولكن لا يبدو أن هناك نتيجة حقيقية أو مكتسبات ملموسة سوى جعجعات متكررة لا قيمة لها يتم استهلاكها والانتهاء منها سريعاً.
المرحلة الحالية من تاريخ الخليج العربي مرحلة مختلفة لأنها مهيأة لإنهاء الشبكات السياسية التي نشأت ونمت في المنطقة منذ زمن، ومهيأة للبحث عن حلفاء محليين جدد، أو حتى حلفاء وشركاء خليجيين، وهي بلاشك مرحلة نادرة من تاريخ المنطقة، ويمكن أن تكون نتائجها غير متوقعة مستقبلاً، خاصة على مستوى الأيديولوجيات المنتهية والمستوردة والتنظيمات ذات الأجندات الخاصة.
يبقى التحدي في كيفية إدارة علاقات الدول المتحالفة بما يحفظ مصيرها ومستقبل أمنها في ظل التحركات الجارية إقليمياً ودولياً. وهو ما يتطلب سياسة خارجية نشطة، وتعميق التحالفات شرقاً، وتنويعها دولياً. وعلى الصعيد الداخلي سياسات صارمة لضبط الأمن واحتواء الاحتياجات المحلية.