دموية الحرب التي شنها المالكي على محافظة الأنبار أفرزت جملة من الحقائق المتعلقة بالإعلام وطريقة تعاطيه مع هذه الحرب


المعارك الدائرة منذ أشهر في محافظة الأنبار العراقية رافقتها تغطية إعلامية كشفت للمتابعين في العالم حقائق عن تعاطي الإعلام مع القضايا المهمة، لاسيما ذلك الإعلام المشوه الذي يتعامل مع جزء من الحقيقة.
دمويــــة الحـــــرب التــــــي شنهــــــا المالكي على محافظة الأنبار أفرزت جملة من الحقائق المتعلقة بالإعلام وطريقة تعاطيه مع هذه الحرب، فقد انقسم الإعلام إلى ثلاثة أقسام لكل منها ما يميـــزه عن الآخر، القسم الأول مثلـــه الجانب الحكومي وأهم ميزاته أنه إعلام يتمتع بتخصيصات مالية وتقنية كبيرة، لكنه إعلام يتعامل مع جزء من الحقيقة وينسج عليها وفي بعض الأحيان لا يتعامل أصلاً بطرف الحقيقة ويعمد إلى نقل صور عمرها عشرة أعوام على أنها صور من الواقع المعاصر، هذا الإعلام لم يخترق أسوار هذه المحافظة واكتفى بالتعامل مع الجيش الحكومي والمتعاونين معه، وقد صور لنا أهالي محافظة الأنبار ورجال العشائر المقاتلين علـــى أنهـــم «داعـــش» وأن معركـــة الحكومة تدور رحاها مع الإرهاب، وهو بذلك جزء من آلة الحرب، وقد تبع هذا الإعـــــلام، المؤسســـات الإعلاميـــة العربية والعالمية فكثير منها يستقي معلوماته من هذه المؤسسة.
أما القسم الثاني من الإعلام فقد مثلته مجموعة من النفعيين والمتاجرين بقضايا أهلهم الساعين للحصول علــــى مكاســب ماديــة وسياسيـــة وهؤلاء تدور وسائل إعلامهم في فلك مصالحهم الشخصية، وبالتالي فهم بانتظار الصفقة المناسبة وقد حصل بعضهم عليها والآخر ينتظر، أما القسم الثالث فهو إعلام المنظمات والأفراد وقد تمثل بإعلام وسائـــل التواصل الاجتماعي وهـــذا الآخر على شقين، شق داعم لأهالي الأنبار ويدافع عن قضيتهم وقد أثبت هذا القسم أنه تمكن من اختراق الأسوار والوصول إلى قلب الأحداث ونقلها من زوايا عدة، وأظهر دموية هذه الحرب وصور ضحاياها من الأطفال والشيوخ والنساء وحتى طبيعة المقاتلين وكونهم من أبناء المحافظة وليسوا من خارجها، أما شقه الثاني فهو داعم ومحرض على القتال وقد نقل صوراً التقطتها كاميرات هواتف الجيش الحكومي وظهر فيها التمثيل بجثث أهل الأنبار وسحقهم بالدبابات، هذه الأقسام الثلاثة سيطرت على نقل المشهد.
لقد أظهرت هذه الحرب الحاجة الماسة والحقيقية لوسائل إعلام مؤثرة كقناة فضائية تخاطب العالم وتبرز حقيقة ما يجري في هذه المحافظة بشكل حيادي وموضوعي ومن زوايا متعددة، ولا تكون أداة في يد مسعر الحرب أو المنتفع منها، كما أظهرت الحرب طاقات إعلامية وجدت في وسائل التواصل الاجتماعي فرصتها لنقل الخبر، لو منحت فرصة مهنية حقيقة لرفدت الساحة الإعلامية العربية بدماء جديدة. إن الإعلام المؤثر الحالي إعلام لا يتسم بالموضوعية في كثير من تغطياته فهو يتعامل مع جزء من الحدث وقد نجح بشكل أو بآخر بتصوير الحرب الجارية هناك على أنها حرب مع الإرهاب وهو ما لا يمت للحقيقة بصلة.