إذا كان خبر ارتفاع نسبة التداول العقاري في 2013 بنسبة 30% يعتبر من الأخبار الطيبة؛ إلا أنه ليس هذا هو المقياس فقط لتحرك السوق، فالمطلوب أن نعرف أن هذه الـ30% مقارنة مع ماذا؟
هل هي مقارنة مع عام 2012؛ إذا كان هكذا فهذا ليس مؤشراً كبيراً.
من المهم جداً اليوم أن تبحث الدولة بجدية عن إيجاد حلول وبدائل ومخرج للمشاريع العقارية المتعثرة التي تشوه صورة البحرين، وتجعلنا نقول إن هذا الاقتصاد اقتصاد معطل، والدليل ما تشاهده في الطريق من مبان بالإسمنت لم تكتمل منذ سنوات.
عجلة الاقتصاد عجلة واحدة، فإن حدث تحرك في جهة ستتحرك الجهة الأخرى، الأمور مترابطة، فما يقال عن بيوت الإسكان كمثال يقال أيضاً عن بقية القطاعات الاقتصادية.
مثل بيوت الإسكان هي كالآتي؛ حين توزع بيوت إسكان تتحرك عجلة كل ما يتعلق بالمنازل في السوق المحلي؛ الأثاث، البلاط، الأدوات الصحية، الأجهزة الكهربائية، المكيفات، الغسالات، التلفزيونات، الزراعة والحدائق، كلها تتحرك حين تتحرك عجلة بيوت الإسكان.
هذا مثل، والبقية أيضاً في قطاعات أخرى ينطبق عليها المثل، لذلك فإن تحرك الاقتصاد ودوران العجلة هو نتيجة لدوران قطاعات أخرى كثيرة، والعكس أيضاً.
غير أن السؤال هنا؛ هل الدولة جادة في إزالة أكبر معوق للاقتصاد الوطني اليوم؟
وأكبر معوق يعيق السوق العقاري هو الإرهاب.
هل الدولة جادة في قطع كل سلال الإرهاب التي تعيق عجلة الاقتصاد؟
هل يعقل أن تبقى البحرين رهينة للإرهاب منذ ثلاثة أعوام، ونحن نتفرج على هبوط قطاعات في الاقتصاد المحلي، وبالتالي هذا كما أسلفت يؤثر على قطاعات أخرى مرتبطة؟
ما نشاهده وما نعايشه هو أن الدولة لا تريد استئصال الإرهاب، وهي تعلم كل شيء، وتعرف من يقف خلفه، وتعلم أماكنه، وتعلم شخوصه ومحرضيه، لكن حالنا كما هو منذ ثلاث سنوات؛ حرق للشوارع، اعتداءات على رجال الأمن، استهداف للناس والمجتمع وهكذا، هذه عجلتنا التي تدمر عجلة الاقتصاد والسياحة، وتؤثر على صعود مؤشرات البحرين في كل شيء.
الأمن قبل البرامج السياحية، فما يحدث اليوم في شرق آسيا مثلاً هو استفادة دول مجاورة لتايلند لما يحدث من أحداث في تايلند، السائح تخيفه الأخبار، حتى وإن كانت الأوضاع على الأرض غير ما ينشر بالأخبار.
خبر نشر أمس في الصحافة المحلية يقول إن «100 إرهابي يهاجمون دوريات رجال الأمن بالقنابل الحارقة وأسياخ الحديد»، وهذا الخبر ليس جديداً، بل يحدث في أماكن كثيرة، الخبر أيضاً يقول لنا بمعنى آخر إن 100 إرهابي طليق، والدولة فقط تقف لتصد الإرهاب، ولا نقوم بإجراءات قانونية لضرب الإرهاب في معقله، والقبض على من يقف خلفه.
دولة صغيرة، عدد سكان صغير، والجميع يتفرج على الأيادي الآثمة التي تريد تدمير الاقتصاد، هذا أمر مؤسف للغاية، ويجعلنا نقول إن الدولة هي التي لا تريد أن تنهي الإرهاب.
وإلا لو أرادت لاستطاعت في مساحة صغيرة من الأرض أن تحاصر كل شيء وتقدم كل الإرهابيين للعدالة، وتقلم أيادي الجمعيات التي ترعى الإرهاب وتريد أن تحقق مكاسب سياسية من خلال عصا الإرهاب.
عدنا اليوم إلى حيث كنا، ننتظر الإرهاب لكي يضرب ويدمر ويحدث عمليات كبيرة، ومن بعدها تبدأ التصريحات، وتبدأ بعض الإجراءات «الوقتية»، هذا ليس منهج دولة قانون، دولة القانون تنهي الإرهاب أولاً وقبل أي شيء بقوة القانون، من بعد ذلك لكل حادث حديث حول الإصلاح وغيره من الخزعبلات.
مؤلم أن نشعر أن الإرهاب هو الذي يتحكم في وتيرة الأحداث، إن شاء صعد وإن شاء هدأ، وهذا يعطي انطباعاً أن الإرهابيين هم الذين يقررون ماذا يفعلون، وليس الدولة هي التي تحجم وتطوق الإرهاب.
الأيام القادمة ستظهر أن الإرهابيين هم من يتحكمون في مؤشر الإرهاب، وأخشى أننا لم نتعلم كيف نباغت ونحاصر ونطوق ونحاكم الإرهابيين بعد ثلاث سنوات من الإرهاب المنظم.
الجلوس وانتظار الإرهاب لكي يضرب هو حالنا، وهو الذي يعيق تقدم الاقتصاد، هذه هي الحقيقة وهذه هي الصورة التي أمامنا.