بمبادرة من صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى، يعقد في البحرين غداً، وعلى مدى ثلاثة أيام، مؤتمر حوار الحضارات تحت شعار «الحضارات في خدمة الإنسانية» بغية استئناف مسيرة حوار الحضارات بمشاركة نخبة من المؤسسات الدينية في العالم على اختلاف أديانها، وعدد من المنظمات الدولية المعنية في مقدمتها الأمم المتحدة ومن مفكرين وباحثين دوليين في حقول علمية وفكرية متعددة، حيث سيقدم 24 عالماً وباحثاً أوراق عمل متخصصة في حضور نحو 500 مدعو من المعنيين والمهتمين من داخل البحرين وخارجها.
المؤتمر الذي يؤكد مكانة البحرين كمركز للإشعاع الفكري والعلمي إقليمياً ودولياً هو «إضافة مكملة لمبادرة جلالة الملك على هذا الصعيد حيث سبقتها عدة مبادرات خلال السنوات العشر الماضية في مجال حوار الأديان والتقريب بين المذاهب أكسبت البحرين دوراً ريادياً في مسيرة الجهد الإنساني في تعميم لغة الحوار والابتعاد عن الصدام، فجلالته يؤمن بأن السلم العالمي مسؤولية تتحملها جميع دول العالم».
هكذا شرح الموقع الإلكتروني المخصص للمؤتمر دور صاحب الجلالة الملك ورؤيته في خدمة الإنسانية ومبادرته التي وجدت القبول والحماس على مدى السنوات الماضية ونظر إليها العالم وعلماؤه بما تستحقه من احترام وتقدير، كما اهتم -الموقع- ببيان فلسفة المؤتمر، فأوضح أن مبادئ التعايش والتسامح هما الرسالتان الأسمى التي جاء بهما الإسلام منذ البداية، فالرؤية الإسلامية لقضية العلاقات بين الشعوب تتسم بالاعتدال والوسطية، ويتسم الحوار بين الحضارات في المفهوم الإسلامي بالتسامح.
رئيس اللجنة العليا للمؤتمر الشيخ خليفة بن حمد آل خليفة، والذي برع في الإعداد للمؤتمر، مستفيداً من ثقافته الإسلامية الواسعة وخبرته الطويلة في مجال الإدارة زاد في بيان فلسفة المؤتمر فأوضح أن قاعدة التسامح التي يقوم عليها الإسلام فتحت أمام الأمة الإسلامية السبيل إلى الاحتكاك الواسع بالأمم والشعوب وشجعت على التفاعل مع الثقافات والحضارات جميعاً، حيث عاش المسلمون في الدولة الإسلامية مع أهل الكتاب بل والوثنيين في عصر الخلافة الراشدة والدولة الأموية والعباسية ودولة المماليك العثمانية في جميع البلدان الإسلامية، وكانت بينهم وبين المسلمين صلات ومعاملات تجارية، ولم يؤمر المسلمون بقتلهم أو إخراجهم من الدولة الإسلامية.
مؤكداً أن الحضارة الإسلامية لم تكن حضارة عنصرية، حيث استوعبت الدولة الإسلامية شتى العناصر وأصبحت الشعوب المختلفة ذات الأجناس المتباينة تعيش في أرجاء تلك الدولة ويتنقل أفرادها خلالها بحرية واسعة، موضحاً الفارق بين حوار الحضارات وصراع الحضارات قائلاً إن الترويج لفكرة صراع الحضارات يخدم أغراض فئة من البشر تسعى إلى إحكام سيطرتها على مقاليد الأمور في العالم أجمع وليس لها صلة بالأهداف الإنسانية النبيلة التي تتبع القيم الحضارية البانية للإنسان، وكما يؤدي ذلك إلى ظهور التطرف الديني من جديد في شكل ثقافات تقليدية.
من هنا -يضيف الشيخ خليفة في بيان فلسفة المؤتمر- نرى عمق دعوة الإسلام إلى التعايش وقابليته لرسم أفق أرحب للتعامل بين الناس في إطار علاقات إنسانية تنبذ العنف والتطرف والأنانية وتنبذ سحق الإنسان لأخيه الإنسان.
ثلاثة أيام سيلتقي فيها المشاركون على اختلاف أديانهم ومذاهبهم ليؤكدوا أن الاختلاف رحمة، وأن المساحة المشتركة بين المنتمين إلى الإنسانية أكبر من مساحة الاختلاف، وأن التعايش ممكن طالما وجد التسامح.
في الأيام الثلاثة المقبلة؛ سيتأكد الفكر الأصيل الذي ينطلق منه صاحب الجلالة الملك المفدى، وسيتأكد الجانب الرديف لهذا الفكر والذي تمت ترجمته محلياً وملخصه أنه ليس مهماً أصلك وفصلك ودينك ومذهبك ولونك؛ يكفي أنك إنسان لتستحق كل الاحترام وتحصل على كامل حقوقك، ويكفي أنك مواطن مخلص لتجد كل ما يعبر عن التزام الدولة بواجباتها تجاهك.