مع انتشار الحديث عن دخول الجمعيات السياسية في تسوية قد تخفض نسبة التوتر في البلاد وتشجع على اتخاذ خطوات جادة نحو الحل المرتجى، ومع انتشار الحديث عن حسم موضوع الانتخابات النيابية والبلدية بالإعلان بشكل «شبه رسمي» عن عقدها في منتصف نوفمبر المقبل، مع انتشار هذا الحديث وذاك وغيره من الأحاديث التي يمكن أن تفتح باباً على الخير وتمهد إلى الانتقال إلى مرحلة جديدة يسودها التفاهم وربما الود. مع هذا الانتشار قام ذلك البعض الرافض لكل شيء -حتى لنفسه- باللجوء إلى «الأرشيف» واستخراج بعض التعابير السلبية والشعارات التي تعينه على سلب الفرحة من القلوب وإغلاق كل باب أمل قد يفضي إلى خير البلاد وإخراجها من هذه الأزمة التي افتعلوها.
من ذلك على سبيل المثال لا الحصر، العبارة الشهيرة لهادي المدرسي التي كان يطلقها من فضائية أهل البيت ويلتقطها أهل الدوارعلى الهواء مباشرة، واعتبارها تعليمات وتوجيهات وإرشادات ثورية لا تقبل المناقشة، وهي «تمسكوا بشعار واحد.. ارحلوا»، وقول عبدالوهاب حسين «ليس لنا أن نقول لهذا النظام ولجميع رموزه إلا أن ارحلوا»، حيث بدؤوا في تناوب نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي وإعادة تلقينها للبسطاء الذين من الواضح أنهم لا يعرفون ما الذي يجري من حولهم ولا يزالون يعتقدون أن من أخرجهم إلى الشوارع ووضعهم في وجه المدفع سيستمر في مواقفه وسيظل معبراً بصدق عن الشعارات التي يرفعها حتى، وهو يراه يتنقل من بلد أوروبي إلى آخر «ليغسل جبده» ويستمتع بالأجواء الأوروبية الخالية من الأدخنة بأنواعها تحت ذريعة توصيل وجهة نظر «المعارضة»! (ليس هنا مجال طرح الأسئلة حول ما يقوم به «رسل المعارضة» في الدول الأوروبية إلى جانب توصيل وجهة النظر، ولكن لا يمكن تأجيل السؤال عمن يلتقون هناك من غير المسؤولين الأوروبيين وما يدور في تلك اللقاءات، وما إذا كان يقتصر حضورها عليهم وعلى من يلتقونه، فهناك الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام عن هذه الرحلات وما يجري خلالها).
ما يسعى إليه ذلك البعض بات واضحاً؛ فالتعليمات التي وصلتهم توجههم إلى رفض كل محاولة لإخراج البحرين من هذه المشكلة، فهم يرفضون حتى قبل أن يعرفوا ما يدور ويعرفوا التصورات المطروحة، فمهمتهم هي الرفض والرفض فقط، لذا فإن على الجمعيات السياسية التي للأسف لا تزال دون القدرة على التعبير بوضوح عن قناعاتها ومواقفها، ولا تزال تضع رجلاً هنا وأخرى هناك، أن تسأل نفسها عن سبب رفض أولئك لكل حل يقترح وأن تمنعهم من المتاجرة في الوطن، لأنهم هم أيضاً سيشملهم الضرر (متابعة تغريدات بعض الذين اختاروا العيش في الخارج في هذا الخصوص مثل كريم المحروس تعين على اكتشاف كل المستور وتبين كل الأهداف والمرامي).
استخراج تلك المقولات والشعارات الكريهة الآن يبين الدور الذي يلعبه أولئك ويكشفهم على حقيقتهم ويؤكد أنهم يتوسدون أمراً شيناً، وإلا لشاركوا في الوصول إلى الحل ولدعموا موقف الجمعيات السياسية التي وقفت معهم وسايرتهم وفرطت من أجلهم بمناصب سعت إليها طويلاً.
إخراج هذه العبارات في هذه الفترة والسعي لإدخالها من جديد في رؤوس البسطاء يعني وجود فئة ترفض أي حل وعلى استعداد لمعاداة الفئات الأخرى من «المعارضة»، ويعني وجود جهات لا تريد للبحرين أن تخرج من مشكلتها لأن خروجها منها يعني نهاية اللعبة وفشل المخطط الرامي إلى ما لم يعد خافياً.
في ظل هذا الوضع تعود من جديد قصة إصلاح النظام وإسقاط النظام، وبما أن الجمعيات السياسية تقول إنها مع الإصلاح وضد الإسقاط، لذا فإن عليها أن تمنع أولئك من استخراج تلك العبارات القميئة من أرشيفها.