تتجوّل في شبكات التواصل الاجتماعي، فترى تياراً يحاول أن يأخذ زخماً وسط حالة من الفوضى السائدة في هذا الفضاء الإعلامي الجديد، يتركز الخطاب الإعلامي لهذا التيار أنه ضد ما أسماهم بـ»الخـ...»، وضد «الانتخابات» المقبلة، فيما ربط البعض موقفه من الانتخابات بمشاركة «الخـ...».
هل هذا التيار أو حتى أنصاره يؤمنون بالديمقراطية أم باتوا كفاراً بها؟
طبعاً لا نعلم دون أن يتم سؤالهم، ولكن اللافت أن هذا التيار الذي كان إلى وقت قريب يمثل مجموعة من الشباب الراديكاليين، بات اليوم خليطاً سياسياً، فيه السياسي المستقل، وفيه من الإخوان والسلف!
التركيبة فريدة من نوعها، ومن النادر أن يكون هناك التقاء بين هذه الأطراف على صعيد القضايا السياسية، ومن المهم هنا التنبيه إلى أنه من الواضح أن الشخصيات التي بدأت في الانخراط ضمن هذا التيار لا تعكس وجهات نظر رسمية لتنظيماتها السياسية بقدر آراء شخصية تحملها مع وجود اختلاف كبير جعل هذه الشخصيات في هامش الحراك السياسي اليوم.
هذا الحراك يحاول أن يكوّن تياراً سياسياً مناهضاً للانتخابات المقبلة إلى درجة يدفع فيها المواطنين إلى مقاطعة الانتخابات، وإذا كانت هذه حقيقة أجندته، فإنه يدعم بشكل أو بآخر المقاطعة التي أعلنتها الجماعات الراديكالية، ولا يوجد طرف مستفيد غيرها.
يمكن القول إن الدوافع المعلنة لهذا التيار هي الإحباط ومناهضة تهميش المكون السني، ولكن الدوافع الحقيقية قناعتهم برفض الشارع لهم وعدم قدرتهم على التأثير السياسي مع توافر القدرة على التأثير الإعلامي الذي أصبح متاحاً، خاصة عبر الفضاء الإلكتروني.
لا يتوقع لهذا التيار التأثير الكبير في الحراك الانتخابي المقبل، ولكن يمكنه أن يكون سبباً في إزعاج الحراك نفسه، وبالإمكان أن ينتهي إذا تم كشف أجندته سريعاً.
هذا مجرد مثال لا أكثر موجود اليوم، ويعمل بيننا حالياً، فما نسبة المواطنين الذين كفروا بالديمقراطية البحرينية لأسباب مختلفة؟
لا توجد إجابة طبعاً، وهي بحاجة لدراسة دقيقة لنعرف طبيعة اتجاهات هؤلاء المواطنين تجاه الديمقراطية التي شاركوا في بنائها طوال أكثر من عقد، وما إذا كانت هناك إشكالات حقيقية بين المواطن وديمقراطيته التي توافق عليها الجميع قبل 14 عاماً. أما الانطباعات العشوائية التي يمكن استقاؤها من هنا وهناك، فإنها غير مفيدة تماماً لأنها غير مبنية على حقائق وليست واقعية.
عندما يتحول النظام إلى الديمقراطية، فإنه يواجه تحديات، ومن الطبيعي أن يواجه أزمات، ولكن ليس من الطبيعي أو المنطقي ألا يتم التعرف على هذه التحديات والأزمات ودراستها والعمل على تجاوزها، هذه إشكاليتنا اليوم.