ذات مرة في العام 2009 اشتكى أحد الإخوة وهو يروي قصة ابنه الذي لم يتعد سن السابعة، اشتكى أن ابنه كان يرفع علم البحرين ويرتدي جاكيتاً باللون الأحمر، غير أن ابنه تمت السخرية منه من أنه يحتفل باليوم الوطني للبحرين.
قال الوالد: إن هناك من يريد أن يسخر من احتفالنا باليوم الوطني، ويجعل الأبناء محل سخرية لأنهم يرفعون أعلام البحرين.
ما أشاهده اليوم ونحن في العام 2013 يعد أمراً مغايراً تماماً لحادثة هذا الابن ووالده وسخرية أبناء الحي منه، اليوم هناك تسابق بين المواطنين صغاراً وكباراً للاحتفال باليوم الوطني، ماذا تغير؟ ولماذا تحول الموقف، بعض الذين كانوا لا يريدون الاحتفال باليوم الوطني، إلا أنهم أول من يزين سياراتهم، وبيوتهم؟
العلامة الفارقة التي أحدثت ثورة في حب البحرين وتراب البحرين (وريحة وعبق البحرين) هي أحداث العام 2011 بحسب ما أرى.
ذلك العام أيقظ فينا مشاعر خامدة، أخرج ما فينا من حب كامن وولاء لا يضاهيه ولاء لتراب البحرين وأهلها وقيادتها، المعدن الأصلي حتى وإن وضع على الرف، ما أن تمسح عنه الغبار وتعيده للواجهة حتى يخرج لونه الأصلي وبريقه السابق، هكذا كان أهل البحرين.
ما يفعله الصغار والكبار اليوم تعبيراً عن حبهم لوطنهم شعور جميل ورائع وعفوي وصادق، لم يأخذوا مالاً من أحد ليزينوا سياراتهم، أو يزينوا بيوتهم، أو يشتروا ملابس للأطفال تحمل ألوان وشعار الوطن، فعلوا كل ذلك من تلقاء أنفسهم، ومن صميم وجدانهم، حب البحرين لا يمكن أن يمسحه شيء، أو خلافات، أو امتعاض من أمور خاطئة، نعم نتمنى أن تكون البحرين أفضل في كل المجالات، ونغضب ونزل حين يتخطانا من كان خلفنا بسنوات ضوئية، لكن ذلك لا ينزع ذرة من حب البحرين وترابها وأهلها وقيادتها حفظها الله.
العلامة الفارقة كانت محاولة اختطاف الوطن، ذلك ما أخرج ما فينا من حب وولاء وانتماء لراية البحرين وعلمها الجميل وترابها الذي نقبله حباً في هذا الوطن.
2011 كان الضارة النافعة، هو الذي كشف لنا النيات، وكشف لنا الوجوه، وكشف لنا ما يحاك للبحرين وأهلها، وهذا من فضل الله، أحياناً نحسب أن الأزمة هي ضرر ومصيبة، لكنها درس من الواحد الأحد، وما أن تنقضي الأزمة حتى نعرف أنها كانت خيراً لنا من أجل أن نميز الخبيث من الطيب.
كل هذا الحب العفوي من الناس ما نشاهده من تعبير عن الحب للوطن والقيادة في وسائل التواصل الاجتماعي إنما هو اندفاع الروح الأصيلة التي تحب وطنها وتدافع عنه من غير مقابل، ومن غير أن يقول لها أحد افعل ولا تفعل، إنه حب البحرين الذي امتزج بدمائنا، ولا ينزع حب البحرين منا أحد، ولن يستطيع مهما فعل وتآمر وخدع، حبنا للبحرين حب أرض ووطن وقيادة.
بعد محاولة الانقلاب استنفر الناس كل مواطن ومقيم في موقعه للدفاع عن وطنه، هكذا فعلوا بنا، أشعلوا الروح الخامدة، أيقظونا من الغفلة، جعلونا نحب البحرين أكثر، وجعلوا ما كان راكداً، يشبه الموج الهادر.
شكراً لمن كان يريد أن يضرنا فجعلنا نعشق البحرين أكثر، ونعمل لها أكثر، ونحرص عليها أكثر.. شكراً لمن لا يستحق الشكر، لكن الشكر لله من قبل ومن بعد الذي كشف لنا خبائث النفوس، وجعلنا نمحص الوجوه.. إنها الضارة النافعة..!
كل ما تشاهدونه اليوم من حب للبحرين، ربما لم نشاهد مثله قبل أعوام المؤامرة والانقلاب، اليوم الحالة لدى الناس أصبحت أكثر عفوية، وأكثر تعبيراً وصدقاً في حبها للبحرين وتعلقاً بها.
حتى من يسافر سنوات طويلة خارج البحرين، يبحث عن أخبار وطنه بالإنترنت، ويشغله حبها، يتحرق لأن يعود سريعاً، حتى وإن كانت هناك اختلافات ما، إلا أن حب البحرين لا يموت أبداً.
من يريد أن ينشر السواد في الشوارع، قابله أهل البحرين بنشر الحب والفرح بأعلام الوطن وحب البحرين الجامع، هكذا يرد أهل البحرين على من يريد أن يجعلنا نعيش في جلباب التاريخ وتزييف التاريخ، ويريد أن نعيش الأحزان والأحقاد.
عام الانقلاب غير نمط حبنا في البحرين، جعلنا نتعلق بكل شيء أحمر وأبيض، جعلنا نخرج مسيرات فرح عفوية، جعلنا نزين سياراتنا وبيوتنا بشكل عفوي أكثر، كل من أراد أن يضر البحرين، ينقلب عليه السحر، بفضل الواحد الأحد، ويعود يجر أذيال الخيبة.
اللهم احفظ هذا الوطن وأهله من أيادي الغدر والخيانة، اللهم احفظ وطني من المؤامرات الداخلية والخارجية، اللهم اجعل أيامنا أفضل، واكشف لنا الأقنعة. اللهم احفظ قادة البلد جلالة الملك حمد بن عيسى، والأمير خليفة بن سلمان، والأمير سلمان بن حمد، وأنر طريقهم بالحق والعدل، وارزقهم يا رب الحكمة في كل شيء، واجعلهم يلتمسون طريق الصلاح وإسعاد أهل البحرين.