عشرة قتلى و 80 إصابة بالغة و 2500 إصابات متفرقة هذه خسائر معركة حربية وليست خسائر احتجاجات سلمية، إنها خسائر لمعركة فيها الكر والفر والإعداد والتجهيز والهجوم والمباغتة والتخطيط والرسم والترصد وتحريك الجموع، وكان يكفينا أن نوظف أي من الفيديوات التي تصور الهجوم على مراكز الشرطة أوالهجوم على سيارات الأمن لتثبت أن رجال الأمن في البحرين تواجه حرب شوارع بالفعل.
اليوم على وزيرالداخلية أن يوضح أسباب اضطرار البحرين لاتخاذ إجراءات أمنية استثنائية للأمين العام للأمم المتحدة ويشرح له حقيقة الواقع الذي يواجهه رجال الأمن في البحرين بأنها بالفعل «حرب شوارع» واضطرت وزير الدولة للشؤون الإعلامية أن ترسل للأمين العام رسالة توضح فيها ذلك الواقع أيضاً، واضطرت عضو مجلس الشورى السيدة جهاد الفاضل باقتراح قانون يعتبر فيه من يستشهد من رجال الأمن بسبب عمل إرهابي «شهيد حرب» وإلزام الدولة تعويض أسرته على هذا الأساس ووضع استحقاقاته بقانون خاص يلزم الدولة لا يستجديها نيل تلك الحقوق.
نحن الآن ندفع ثمن قرار اتخذ منذ 3 سنوات بالمعالجة الإعلامية المترددة في إظهار هذا الواقع، لأننا أخفينا هذه الصورة بقرار اتخذ منذ ثلاث سنوات -وإلى الآن- بعدم استغلال المشاهد التي تثبت هذا الواقع، والآن نتساءل كيف يمكن إقناع العالم بأننا نخوض حرب شوارع مع عصابات إرهابية سببت لنا خسائر في الأرواح والممتلكات، جنباً إلى جنب مع إقناع العالم بأن الوضع آمن في البحرين، وبإمكان السائح أن يزورنا وبإمكان المستثمر أن يستثمر عندنا؟
هذه معادلة إعلامية ممكنة ونجحت فيها دول كبريطانيا وكالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وألمانيا لم تترد لحظة واحدة في عرض صور الإرهاب لأنها تعرف أن تلك الصور هي أداتها الوحيدة لتبرير أية إجراءات قانونية متشددة أو أية معالجة أمنية استثنائية تنوي اتخاذها، هي تعرف ردود الفعل وتوجهات منظمات حقوق الإنسان ووو.. لهذا لم تتردد تلك الدول خوفاً على الاقتصاد أو السياحة، فالاقتصاد والسياحة تجذبهما الدولة القوية الحاسمة في معالجة الإرهاب، أما الإرهاب فموجود في كل دول العالم وليس هناك استثناء إنما الفارق هو دولة تعالجه بحزم ودولة تتردد في معالجته، وتلك هي التي تخسر اقتصاداً واستثماراً.
لهذا السبب حين قررت الحكومة البريطانية اتخاذ إجراءات أمنية وقانونية استثنائية لمحاربة الإرهاب والفوضى، حشدت لها رأياً عاماً دولياً ومحلياً يقف معها ويساندها من خلال استخدام الصورة التي توضح حقيقة ما يواجهه رجال الأمن، وظفتها بشكل مدروس يعتمد على تكبيرها وتكرارها وتحليلها حتى ثبتت، وحين كسبت شجباً ورفضاً وتنديداً بهذا العمل البشع، حين كسبت مؤيدين لها وحلفاء يقفون معها في إجراءاتها الأمنية التي تنوي اتخاذها وهي إجراءات استثنائية، حين خلقت رأياً عاماً دولياً ومحلياً لا يساندها فحسب بل يدعوها لاتخاذ إجراءات صعبة، كان الكل يقف معها و يساندها.
صور تفجير الدير وصور ضحاياه، صور الهجوم على سيارة الشرطة، صور الهجوم على مراكز الشرطة، صور الاعتداء على رجال الإعلام كانت كفيلة أن ترفع الحرج عن الدولة أما نحن فأخفينا الصور وغيبنا الواقع وتوقعنا أن يتفهم العالم إجراءاتنا الاستثنائية، والآن ندفع ثمن هذا القرار الخاطئ.... تعال فهم الحين!!