زرت المملكة العربية السعودية عدة مرات منذ يناير 1973 حتى الزيارة الأخيرة في فبراير الجاري، وفي كل مرة كانت للزيارة خصائص مختلفة ومررت بتجارب متنوعة اختلفت كل منها عن سابقتها، لكنني أستطيع أن أقول بلا تردد إنها كانت بمثابة إعادة اكتشاف المملكة العربية السعودية، قيادة وشعباً وأرضاً.
لقد كانت زيارتي هذه بدعوة من الصديق الدكتور أنور ماجد عشقي رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والقانونية، وقد تعارفنا على أرض الصين، ونحن نبحث عن جذور وعوامل التقارب والتفاعل بين الحضارتين الصينية والإسلامية بترتيب ودعوة من أكاديمية الصين للعلوم الاجتماعية ومن معهد التراث والتاريخ الإسلامي في إسطنبول، وطلب إلقاء محاضرة في مركزه المتميز عن العلاقات الصينية الخليجية وآفاقها.
كان ذلك في إطار يوم كامل من اللقاءات بالنهار مع عدد من الشخصيات الهامة في مجال الدبلوماسية والبحث في العلوم الاستراتيجية، وفي المساء امتدت محاضرتي على أكثر من ثلاث ساعات في جمع غفير ضم سعوديين وعرباً وأمريكيين في حوار وتساؤلات وتعليقات. وكانت هذه الندوة والمناقشات بمثابة إعادة اكتشاف حقيقي للشعب السعودي على مستوى المثقفين، حيث طاف الحديث في قضايا العالمين العربي والإسلامي من مصر لدول الخليج للسياسة الأمريكية وللسياسة الصينية والعلاقات الدولية وتطوراتها المعاصرة وآفاقها في ضوء أحداثها التاريخية.
هذا هو العامل الأول الذي جعلني أخلص إلى أنني لم أتعرف بعمق على الشعب السعودي ومثقفيه وقادة الرأي فيه، بل والإنجاز العمراني والتقدم الهائل، والحس الوطني السعودي والخليجي، فضلاً عن الحس القومي العربي.
كان الحضور في ندوة الظهر من قطاعات مختلفة، وعرفت أن هؤلاء النخبة يجتمعون سوياً كل أسبوع لتبادل حر للآراء والأفكار حول شؤون العالم وفي المقدمة الشؤون العربية، أما الندوة المسائية فتناولت العلاقات الخليجية الصينية، بحضور عدد أكبر من المثقفين والمهتمين، وبعضهم زار الصين عدة مرات، بل بعضهم من المتخصصين في الشؤون الصينية، والبعض الآخر كان يتابع أحوال المسلمين في الصين. وهذا هو العامل الثاني في إعادة اكتشاف السعودية حيث يتفاعل الشعور العربي الخليجي والشعور الإسلامي العميق الجذور، وحيث يتفاعل الجانب الإنساني مع الجانب العملي الاقتصادي الأمني المصلحي.
وكانت لقاءاتي مع صديقي السفير أسعد الزهير، حيث تزاملنا معاً كسفراء في باكستان، وكانت لنا ذكريات ارتبطت بالعمل وبالأسرة، وبالدولة. وهذا كان العامل الثالث في تعميق مفهوم إعادة اكتشاف السعودية وشعبها، حيث التقارب الفكري والبعد الإنساني، وحيث الإنجازات المتميزة للسفير الفريق طيار أسعد الزهير، وحيث البعد العائلي ودماثة الخلق والتواضع للسيدة الفاضلة حرمه، وهو ما جعلنا منذ لقائنا على المستوى الدبلوماسي ثم العائلي في باكستان نتواصل بصورة مستمرة، وربما كان البعد الروحي أحد الدوافع؛ فكلتا الزوجتين تنتميان بالنسب للنبي محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم وللسيدة البتول فاطمة الزهراء ولسبط النبي الكريم الحسين بن علي سيد الشهداء، وقد تشربت الذرية الصالحة روح التسامح والحب والمودة والاعتدال والعقلانية والتواضع المعروف عن النبي العربي الأصيل الذي قال عن نفسه بتواضع «أنا سيد ولد عدنان ولا فخر»، وقال عنه القرآن الكريم (وإنك لعلى خلقٍ عظيمٍ) (القلم 4)، وقال هو داعياً المسلمين عند الزواج «اختاروا لنطفكم فإن العرق دساس» والحمد الله الذي وفقنا أسعد الزهير وأنا لحسن الاختيار.
العامل الرابع في إعادة اكتشاف المملكة وقياداتها هو قرار خادم الحرمين الشريفين بتقديم مساعدات لمصر في حدود ملياري دولار لشراء أسلحه لدعم الدفاع والأمن المصري، وهو في تقديري ما جعل زيارة المشير عبدالفتاح السيسي والوزير نبيل فهمي لموسكو زيارة مثمرة، وساعدتهما في مواجهة التحديات الداخلية والإقليمية والدولية. والمساعدات المالية من خادم الحرمين الشريفين هي متابعة لمساعدات أخرى سبق تقديمها لدعم الاقتصاد المصري.
أما البعد الإنساني فكان ذلك الحريق الذي نشب في أحد فنادق المدينة المنورة وراح ضحيته عدد من الأفراد من جنسيات مختلفة بينهم بعض المصريين، ولمست من حديثي مع القنصل العام المصري في جدة ومن تصريحات السفير المصري في الرياض، مدى ما حظي به المصابون والضحايا من رعاية واهتمام على أعلى المستويات.
العامل الخامس في إعادة الاكتشاف كان في مطار المدينة المنورة، العاملون في قاعة الاستراحة وفي الجوازات وخدمة الطيران اتسموا جميعاً بالرقة والمجاملة وروح المداعبة، مما ذكرني بأخلاق المصريين من المودة والرغبة في خدمة الضيف أو الزائر بلا تردد.
العامل السادس هو اكتشاف الأصالة الخليجية خلال تلك الزيارة، بخاصة أصالة شعب البحرين، فلقد شارك في إنجاح زيارتي هذه شخصيات عديدة من وكلاء وزارات الخارجية أو مدير مكتب وزير الخارجية، أو مدير مكتب وزير الدولة أو نائب مدير المراسم، وحتى السعاة والسائقين كل ساهم بدور أو كلمة أو بمسعى ويرتبط بذلك في مجال التنفيذ العملي القنصلية البحرينية في جدة والقنصل العام إبراهيم المسلماني ومسؤول العلاقات العامة أحمد صالح وغيرهم، وأيضاً رعاية خاصة من الزميل المستشار محمد الشريف بالقنصلية المصرية، ولولا هؤلاء جميعاً ما كان للزيارة أن تنجح فللجميع الشكر.
وقد ألهمني الله بالدعاء لهم ولكثيرين غيرهم تواردت أسماؤهم على خاطري في الحرم المكي والحرم النبوي، حيث الصفاء والروحانية، وحيث نسيان الدنيا وما فيها من مباهج وطموحات وآمال ومطامع.
العامل السابع اكتشاف المرأة السعودية في مجال الأمن ودورها بوجه خاص في الحرم النبوي في تنظيم تحرك النساء في الحرم ورعايتهن، وأيضاً ضبط سلوكهن. وهذا دليل على أن المرأة السعودية في مجال الأمن لا تقل مكانة وأهمية وضرورة عن نظيراتها في الدول الأوروبية المتقدمة. وهذا ما جعلني أتحدث عن التغير الذي طرأ على المجتمع السعودي، حيث أصبحت المرأة عضواً في مجلس الشورى وسيدة أعمال ومسؤولة أمن، وهذا التغير في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يبشر بمجالات أوسع للمرأة ولحقوقها ولدورها في المجتمع، بما يعيد لها مكانتها العريقة في عهد الرسول الكريم، حيث كانت المرأة المسلمة تجاهد وتشارك في رعاية المصابين وتضميد جراحهم، بل الذود عن النبي، كما في معركة أحد.
العامل الثامن هو الإنسان السعودي؛ فقد أجرى عدد من الشخصيات الذين قابلتهم اتصالات تليفونية عدة مرات للاطمئنان على برنامجي وعلى سلامتي، وعما إذا كنت أحتاج أي خدمة، رغم أن هؤلاء تعرفت عليهم صدفة وفي فترة قصيرة، كما تحدث معي بعد الندوة المسائية عدد من أصحاب الصالونات الفكرية كلٌ يطلب أن أقدم في صالونه محاضرة عن الإسلام وحقوق الإنسان، أو عن التطورات في السياسة العالمية، أو عن مستقبل مصر للإجابة على السؤال التقليدي مصر إلى أين؟ إن دلالة ذلك أن المملكة العربية السعودية ومثقفيها أصبح لديهم رغبة كبيرة وحرص على الثقافة والتفاعل الثقافي مع الآخر والانفتاح على العالم.
التاسع يرتبط بالمشروعات العمرانية والإنشاءات بوجه عام، وفي الحرمين الشريفين، بوجه خاص حيث يحرص كل ملك للبلاد على أن يضيف لبنة في بناء الحرمين الشريفين، وحقاً كان لقب خادم الحرمين اختياراً موفقاً، فالمفهوم ارتبط بخدمة بيت الله ورعاية الحاج والمعتمر وتوسعة الأماكن الشريفة، وفي زيارة مسجد قباء عام 2014 لا أعرف أي معلم من المعالم التي شاهدتها عام 1973عند أول زيارة للمملكة وزاد توافد المعتمرين بالأعداد الهائلة من مختلف الجنسيات، وحقاً قول الله تعالى (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامرٍ يأتين من كل فج عميقٍ) (الحج 27)، ودعوة سيدنا إبراهيم (رب اجعل هـذا بلداً آمناً وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلاً ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير) (البقرة 126)، وقوله تعالى (ربنا إني أسكنت من ذريتي بوادٍ غير ذي زرعٍ عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدةً من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون) (إبراهيم 37)، وقد استجاب الله سبحانه وتعالى لدعوة إبراهيم عليه السلام، وأصبحت المملكة مركزاً مهماً للعالمين العربي والإسلامي.
لقد كانت زيارتي هذه بدعوة من الصديق الدكتور أنور ماجد عشقي رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والقانونية، وقد تعارفنا على أرض الصين، ونحن نبحث عن جذور وعوامل التقارب والتفاعل بين الحضارتين الصينية والإسلامية بترتيب ودعوة من أكاديمية الصين للعلوم الاجتماعية ومن معهد التراث والتاريخ الإسلامي في إسطنبول، وطلب إلقاء محاضرة في مركزه المتميز عن العلاقات الصينية الخليجية وآفاقها.
كان ذلك في إطار يوم كامل من اللقاءات بالنهار مع عدد من الشخصيات الهامة في مجال الدبلوماسية والبحث في العلوم الاستراتيجية، وفي المساء امتدت محاضرتي على أكثر من ثلاث ساعات في جمع غفير ضم سعوديين وعرباً وأمريكيين في حوار وتساؤلات وتعليقات. وكانت هذه الندوة والمناقشات بمثابة إعادة اكتشاف حقيقي للشعب السعودي على مستوى المثقفين، حيث طاف الحديث في قضايا العالمين العربي والإسلامي من مصر لدول الخليج للسياسة الأمريكية وللسياسة الصينية والعلاقات الدولية وتطوراتها المعاصرة وآفاقها في ضوء أحداثها التاريخية.
هذا هو العامل الأول الذي جعلني أخلص إلى أنني لم أتعرف بعمق على الشعب السعودي ومثقفيه وقادة الرأي فيه، بل والإنجاز العمراني والتقدم الهائل، والحس الوطني السعودي والخليجي، فضلاً عن الحس القومي العربي.
كان الحضور في ندوة الظهر من قطاعات مختلفة، وعرفت أن هؤلاء النخبة يجتمعون سوياً كل أسبوع لتبادل حر للآراء والأفكار حول شؤون العالم وفي المقدمة الشؤون العربية، أما الندوة المسائية فتناولت العلاقات الخليجية الصينية، بحضور عدد أكبر من المثقفين والمهتمين، وبعضهم زار الصين عدة مرات، بل بعضهم من المتخصصين في الشؤون الصينية، والبعض الآخر كان يتابع أحوال المسلمين في الصين. وهذا هو العامل الثاني في إعادة اكتشاف السعودية حيث يتفاعل الشعور العربي الخليجي والشعور الإسلامي العميق الجذور، وحيث يتفاعل الجانب الإنساني مع الجانب العملي الاقتصادي الأمني المصلحي.
وكانت لقاءاتي مع صديقي السفير أسعد الزهير، حيث تزاملنا معاً كسفراء في باكستان، وكانت لنا ذكريات ارتبطت بالعمل وبالأسرة، وبالدولة. وهذا كان العامل الثالث في تعميق مفهوم إعادة اكتشاف السعودية وشعبها، حيث التقارب الفكري والبعد الإنساني، وحيث الإنجازات المتميزة للسفير الفريق طيار أسعد الزهير، وحيث البعد العائلي ودماثة الخلق والتواضع للسيدة الفاضلة حرمه، وهو ما جعلنا منذ لقائنا على المستوى الدبلوماسي ثم العائلي في باكستان نتواصل بصورة مستمرة، وربما كان البعد الروحي أحد الدوافع؛ فكلتا الزوجتين تنتميان بالنسب للنبي محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم وللسيدة البتول فاطمة الزهراء ولسبط النبي الكريم الحسين بن علي سيد الشهداء، وقد تشربت الذرية الصالحة روح التسامح والحب والمودة والاعتدال والعقلانية والتواضع المعروف عن النبي العربي الأصيل الذي قال عن نفسه بتواضع «أنا سيد ولد عدنان ولا فخر»، وقال عنه القرآن الكريم (وإنك لعلى خلقٍ عظيمٍ) (القلم 4)، وقال هو داعياً المسلمين عند الزواج «اختاروا لنطفكم فإن العرق دساس» والحمد الله الذي وفقنا أسعد الزهير وأنا لحسن الاختيار.
العامل الرابع في إعادة اكتشاف المملكة وقياداتها هو قرار خادم الحرمين الشريفين بتقديم مساعدات لمصر في حدود ملياري دولار لشراء أسلحه لدعم الدفاع والأمن المصري، وهو في تقديري ما جعل زيارة المشير عبدالفتاح السيسي والوزير نبيل فهمي لموسكو زيارة مثمرة، وساعدتهما في مواجهة التحديات الداخلية والإقليمية والدولية. والمساعدات المالية من خادم الحرمين الشريفين هي متابعة لمساعدات أخرى سبق تقديمها لدعم الاقتصاد المصري.
أما البعد الإنساني فكان ذلك الحريق الذي نشب في أحد فنادق المدينة المنورة وراح ضحيته عدد من الأفراد من جنسيات مختلفة بينهم بعض المصريين، ولمست من حديثي مع القنصل العام المصري في جدة ومن تصريحات السفير المصري في الرياض، مدى ما حظي به المصابون والضحايا من رعاية واهتمام على أعلى المستويات.
العامل الخامس في إعادة الاكتشاف كان في مطار المدينة المنورة، العاملون في قاعة الاستراحة وفي الجوازات وخدمة الطيران اتسموا جميعاً بالرقة والمجاملة وروح المداعبة، مما ذكرني بأخلاق المصريين من المودة والرغبة في خدمة الضيف أو الزائر بلا تردد.
العامل السادس هو اكتشاف الأصالة الخليجية خلال تلك الزيارة، بخاصة أصالة شعب البحرين، فلقد شارك في إنجاح زيارتي هذه شخصيات عديدة من وكلاء وزارات الخارجية أو مدير مكتب وزير الخارجية، أو مدير مكتب وزير الدولة أو نائب مدير المراسم، وحتى السعاة والسائقين كل ساهم بدور أو كلمة أو بمسعى ويرتبط بذلك في مجال التنفيذ العملي القنصلية البحرينية في جدة والقنصل العام إبراهيم المسلماني ومسؤول العلاقات العامة أحمد صالح وغيرهم، وأيضاً رعاية خاصة من الزميل المستشار محمد الشريف بالقنصلية المصرية، ولولا هؤلاء جميعاً ما كان للزيارة أن تنجح فللجميع الشكر.
وقد ألهمني الله بالدعاء لهم ولكثيرين غيرهم تواردت أسماؤهم على خاطري في الحرم المكي والحرم النبوي، حيث الصفاء والروحانية، وحيث نسيان الدنيا وما فيها من مباهج وطموحات وآمال ومطامع.
العامل السابع اكتشاف المرأة السعودية في مجال الأمن ودورها بوجه خاص في الحرم النبوي في تنظيم تحرك النساء في الحرم ورعايتهن، وأيضاً ضبط سلوكهن. وهذا دليل على أن المرأة السعودية في مجال الأمن لا تقل مكانة وأهمية وضرورة عن نظيراتها في الدول الأوروبية المتقدمة. وهذا ما جعلني أتحدث عن التغير الذي طرأ على المجتمع السعودي، حيث أصبحت المرأة عضواً في مجلس الشورى وسيدة أعمال ومسؤولة أمن، وهذا التغير في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يبشر بمجالات أوسع للمرأة ولحقوقها ولدورها في المجتمع، بما يعيد لها مكانتها العريقة في عهد الرسول الكريم، حيث كانت المرأة المسلمة تجاهد وتشارك في رعاية المصابين وتضميد جراحهم، بل الذود عن النبي، كما في معركة أحد.
العامل الثامن هو الإنسان السعودي؛ فقد أجرى عدد من الشخصيات الذين قابلتهم اتصالات تليفونية عدة مرات للاطمئنان على برنامجي وعلى سلامتي، وعما إذا كنت أحتاج أي خدمة، رغم أن هؤلاء تعرفت عليهم صدفة وفي فترة قصيرة، كما تحدث معي بعد الندوة المسائية عدد من أصحاب الصالونات الفكرية كلٌ يطلب أن أقدم في صالونه محاضرة عن الإسلام وحقوق الإنسان، أو عن التطورات في السياسة العالمية، أو عن مستقبل مصر للإجابة على السؤال التقليدي مصر إلى أين؟ إن دلالة ذلك أن المملكة العربية السعودية ومثقفيها أصبح لديهم رغبة كبيرة وحرص على الثقافة والتفاعل الثقافي مع الآخر والانفتاح على العالم.
التاسع يرتبط بالمشروعات العمرانية والإنشاءات بوجه عام، وفي الحرمين الشريفين، بوجه خاص حيث يحرص كل ملك للبلاد على أن يضيف لبنة في بناء الحرمين الشريفين، وحقاً كان لقب خادم الحرمين اختياراً موفقاً، فالمفهوم ارتبط بخدمة بيت الله ورعاية الحاج والمعتمر وتوسعة الأماكن الشريفة، وفي زيارة مسجد قباء عام 2014 لا أعرف أي معلم من المعالم التي شاهدتها عام 1973عند أول زيارة للمملكة وزاد توافد المعتمرين بالأعداد الهائلة من مختلف الجنسيات، وحقاً قول الله تعالى (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامرٍ يأتين من كل فج عميقٍ) (الحج 27)، ودعوة سيدنا إبراهيم (رب اجعل هـذا بلداً آمناً وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلاً ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير) (البقرة 126)، وقوله تعالى (ربنا إني أسكنت من ذريتي بوادٍ غير ذي زرعٍ عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدةً من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون) (إبراهيم 37)، وقد استجاب الله سبحانه وتعالى لدعوة إبراهيم عليه السلام، وأصبحت المملكة مركزاً مهماً للعالمين العربي والإسلامي.