دستـــور البحرين تضمن حقاً كفلــه للناس وهو حق الخروج في مسيرات واعتصامات «سلمية» شريطة أن تكــون ملتزمة بضوابط القانون، بالتالي من حق أي مواطن أن يخرج ليعبر عن رأيه طالما التزم بهذا القانون، وطالما كان خروجه لأجل صالح الدولة وللإسهام في إصلاحها وبنائها.
هذه نقطة هامة لابد وأن يتذكرها كـــل مواطــن مــن منطلـق «الحقـــوق والواجبات».
وطالمــا التزم المواطن بواجباته تجــاه دولته، فيحق له بعدها -بعد الالتزام- المطالبة بحقوقه، وهنا يأتي دور الدولة لتلتزم بواجباتها تجاه المواطن، بالأخص المواطن «الصالح» الذي يضع يده في يد قيادة البلد لما فيه الخير والصلاح، ويمارس دوره في النقد بهدف التصحيح ومحاربة الأخطاء.
نوجه الشكر هنا لمن دعوا ورتبوا ونظموا لمسيرة الأمس تحت عنوان مسيرة «شهداء الواجب»، والشكر أيضاً لكل من شارك والتزم بالضوابط والقانون، الشكر لهم فرداً فرداً دون استثناء، فهم مارسوا حقهم المكفول دستورياً وأوصلوا رسالتهم بوضوح لقيادة البلد والتي نلخصها في أمور واضحة ومباشرة أولها «تطبيق القانون»، وثانيها «حماية رجــال الأمن» وثالثها تسجيل الموقــف بأنه «لا موافقة على حوار مع الإرهاب وداعميه والمحرضين عليه وممارسيه».
هل أساء المشاركون لقيادة البلاد؟! هل تجاوزوا القانون؟! هل تصادموا مع رجال الأمن؟! هل حرقوا الشوارع وخربوا الممتلكات العامة؟! هل رفعوا لافتات تشتم وتسب القانون ورموز الدولة؟!
كل هذا لم يحصل، بل على العكس كانت التحية توجه لرجال الأمن الذين تواجدوا لضمان سير المسيرة بلا تجاوزات، وهذا واجبهم بحكم القانون، ولو تجاوزت المسيرة الضوابط وانفلت فلن يستاء أحـــد إن قــام رجال القانون بدورهــم، فهذه دولة المؤسسات والقانون، أقلها ما نؤمن به كشعار نطالب بأن يفعل ويطبق على الجميع بلا استثناء.
كنت شخصياً أتلفت في المسيرة باحثاً عن قيادات في جمعيات معينة، خاصة وأن ذكرى تجمع الفاتح صادفت أمس الأول، وخــاب الظن بأنني لم أجد مــن وجه الخطابات للناس من الائتلاف ومــن جمعية تجمع الوحدة الوطنية، وحتى لا أظلم أشخاصاً بالتعميم فإن التحية توجه لشخص الشيخ ناجي العربي الذي تواجد وتقدم الصفوف، مؤكداً على موقف متسق مع مواقف المخلصين منبثق منه، بأنه حتى يسود النظام في هذا البلد فلابد من تطبيق القانون.
أتمنى من الدولة أن تستمع لهذا الشعب المخلص، أن تستمع لمن وقفوا في تجمع الفاتح الأول، أن تستمع للشعب الذي لا يريد زعامة سياسية ولا تصدر المنصــات ولا أي شيء آخر، فقط يريـــد لثوابت بلده أن تتعزز وتقوى، ويريد أن يطبق القانون بالحق والعدل، هؤلاء لهم حق على الدولة، فهم لم يخرجوا عليها ويناصبوها العداء ويتطاولوا عليها وعلى قيادتها، بل على العكس، فعلوا كل شيء لتبقى دولتهم ثابتة ولا تسرق لترمى في أحضان من عاش وفي قلبه غل وحقد ونزعات ثأر هي صنيعة الخارج المتربص دوماً وأبداً بالبحرين العربية الخليجية.
الشعب المخلص لم يعد نفسه ذاك الذي كان يعيش مبتعداً عن شوشرة السياسة قبل محاولة الانقلاب، الشعب وعى وصحا وانتبه لكثير من الأمور هي تداعيات أصلاً لسياسات غير صحيحة وتعاملات لم تجد مع من يتحين الفرصة تلو الأخرى للانقضاض على البلد.
فإن كانت هناك اليوم جهات تريــد التسليم والمهادنة مع من خان بلد وأساء لرموز، فإن عليها أن تنتبه لحقيقة هامة، عليها أن تنتبه بأن البحرين ليست تضم فئة انقلابية ومن يمثل النظام فقط، بل هي تضم طرفاً أهم وأقوى تحرك حينما استهدفت أرضه وكان حينها الرقم الصعب وقلب المعادلة التي صورت كذباً وزيفاً وفبركة للخارج، عليها أن تدرك بأن من وقفوا دفاعاً عن بلدهم يوماً لن يقفوا بعد تقادم الزمن ليروا بلدهم تنفتح فيها الثغرات مجدداً ليدخل منها المنقلب والخائن والعميل.
اعدلوا هو أقرب للتقوى، هذا قول الله عز وجل، وهو الذي لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.