إذا فكرنا بنظرية المؤامرة -حيث أصبح هذا التفكير هو الذي يعطى الأولوية في عصرنا الحالي- فسنقول إن إيجاد الكيان المسلح في لبنان المسمى بـ«حزب الله» كان نتيجة مؤامرة، عبارة عن مسرحية «مقاومة» لطرد الجيش الإسرائيلي بعد اجتياح بيروت في 1982.
ثم توالى المسرح الدولي على هذا النهج، حتى «حرب تموز 2006»، الذي قال نصر الله بعدها «لو علمنــا أن اختطاف الجنديين الإسرائيليين سيسبب كل هذا الدمار لما اختطفناهما». وتوالى التعاون بين الطرفين لإعطاء شرعية الوجود المسلح لهذا الحزب حتى كبر وسمن وأصبح مقبولاً كزرعة في الوطن العربي.
وبعد فترة وجيزة من التحولات، سرعان ما اكتشف الوطن العربي أن هذا الذراع العسكري والسياسي هو موجه إلى الداخل، وقد أنشئ بتحالف ثلاثي بين إيران وإسرائيل وأمريكا، ووظيفته التي خلق من أجلها للتو بدأت في الحرب الساخنة التي يخوضها الخليج ضد إيران.
يقول أحد المحللين السياسيين المعروفين، إن إسرائيل أو أمريكا، إذا أرادت أن ترفع قدر حزب أو جهة أو دولة ما في الوطن العربي، تتظاهر بأنها خصمه، لتعطيه دور البطولة، إلا أن هذه اللعبة أصبحت مكشوفة أمام الرأي العام. فالغرب استطاع أن يخلق قوة لعدو الخليج، وأشرف على تكبيره وتسمينه، حتى أصبح كشجرة الزقوم طلعها كرؤوس الشياطين بغلاف كهنوتي، إلا أن ذلك لم يكن كافياً لتحريك كفة المواجهة بين الطرفين لخلق دمار شامل.
بعدها، جاءت الموجة الثانية من دمار العراق، وتسليم مفاتيحها للمالكي، أتباع ولاية الفقيه، لتتشكل حلقة كاملة تستطيع إيران من خلالها أن تكون خصماً قوياً في مواجهة دول الخليج عموماً والمملكة العربية السعودية خصوصاً. الدليل على ذلك، أنه ما كان هذا الحزب ليجرؤ أن يتدخل في سوريا، لولا ضوء أخضر دولي.
إنه على ذات السياسية والنهج الذي يتم التخطيط والتدبير له للخليج، الذي يتمثل بإدارة هذه الحرب بتسخينها في جانب، وتطويرها في جانب آخر، وبإطفائها هنا وإشعالها هناك، كما والاشتراك، بل فرض، السياسات والخطط المستقبلية لكل طرف في هذه المعادلة، جاءت الخلافات الخليجية كنتاج تراكمي أصبح صعباً السكوت عنه أكثر.
وفي الواقع، أصبح هذا الوضع لا يفرز إلا ثلاث نتائج لأي طرف قريب ومؤثر في هذا الصراع، إما أن تدعم بشكل مباشر طرفاً ما وتكون معه، أو تدعم مصالحه فتكون معه بشكل غير مباشر، أو تقف على الحياد محاولاً النأي عن دائرة الصراع، والخيار الثالث أصبح صعباً نظراً لطغيان المصالح المشتركة على محاولة الابتعاد عن الساحة وفرض اختيار طرف ما.
وفي دول الخليج تحديداً، أصبح الوضع حرجاً بحيث لا يسمح لدولة ما -خاصة إن كانت قريبة وفي محيط دائرتك- أن تلعب على وتر المصالح المتعارضة، سواء أخذ ذلك بحسن نية أو بسوئها، وذلك بسبب أن الوضع لم يعد يحتمل مزيداً من التآكل الداخلي، أو تحميل أعباء إضافية.
إن إعادة ترتيب البيت الخليجي، والوصول إلى حلول توافقية مشتركة وتعديل السياسات، بحيث يحفظ للكل مصالحه دون أن يتعدى على مصالح الآخر -وهذا هو أبسط ما يمكن أن يتم الاتفاق عليه كخليجيين- أصبح أولوية كبرى وتحدياً جاداً أمام جميع الدول الست.
إن المزيد من الضعف والتشرذم ينذر -للأسف الشديد- بمزيد من الضغوطات والانحسار، الأمر الذي يساعد المتربصين في اتخاذ خيارات أكثر من السابق في مواجهة دول الخليج، ونحن نقول دول الخليج وليست دولة دون أخرى، والوضع أصبح يتطلب رؤية ذات بعد مستقبلي تتغلب على هذه المشاحنات بين أطراف المجلس، وتعود إلى الحاضنة مجدداً.
{{ article.visit_count }}
ثم توالى المسرح الدولي على هذا النهج، حتى «حرب تموز 2006»، الذي قال نصر الله بعدها «لو علمنــا أن اختطاف الجنديين الإسرائيليين سيسبب كل هذا الدمار لما اختطفناهما». وتوالى التعاون بين الطرفين لإعطاء شرعية الوجود المسلح لهذا الحزب حتى كبر وسمن وأصبح مقبولاً كزرعة في الوطن العربي.
وبعد فترة وجيزة من التحولات، سرعان ما اكتشف الوطن العربي أن هذا الذراع العسكري والسياسي هو موجه إلى الداخل، وقد أنشئ بتحالف ثلاثي بين إيران وإسرائيل وأمريكا، ووظيفته التي خلق من أجلها للتو بدأت في الحرب الساخنة التي يخوضها الخليج ضد إيران.
يقول أحد المحللين السياسيين المعروفين، إن إسرائيل أو أمريكا، إذا أرادت أن ترفع قدر حزب أو جهة أو دولة ما في الوطن العربي، تتظاهر بأنها خصمه، لتعطيه دور البطولة، إلا أن هذه اللعبة أصبحت مكشوفة أمام الرأي العام. فالغرب استطاع أن يخلق قوة لعدو الخليج، وأشرف على تكبيره وتسمينه، حتى أصبح كشجرة الزقوم طلعها كرؤوس الشياطين بغلاف كهنوتي، إلا أن ذلك لم يكن كافياً لتحريك كفة المواجهة بين الطرفين لخلق دمار شامل.
بعدها، جاءت الموجة الثانية من دمار العراق، وتسليم مفاتيحها للمالكي، أتباع ولاية الفقيه، لتتشكل حلقة كاملة تستطيع إيران من خلالها أن تكون خصماً قوياً في مواجهة دول الخليج عموماً والمملكة العربية السعودية خصوصاً. الدليل على ذلك، أنه ما كان هذا الحزب ليجرؤ أن يتدخل في سوريا، لولا ضوء أخضر دولي.
إنه على ذات السياسية والنهج الذي يتم التخطيط والتدبير له للخليج، الذي يتمثل بإدارة هذه الحرب بتسخينها في جانب، وتطويرها في جانب آخر، وبإطفائها هنا وإشعالها هناك، كما والاشتراك، بل فرض، السياسات والخطط المستقبلية لكل طرف في هذه المعادلة، جاءت الخلافات الخليجية كنتاج تراكمي أصبح صعباً السكوت عنه أكثر.
وفي الواقع، أصبح هذا الوضع لا يفرز إلا ثلاث نتائج لأي طرف قريب ومؤثر في هذا الصراع، إما أن تدعم بشكل مباشر طرفاً ما وتكون معه، أو تدعم مصالحه فتكون معه بشكل غير مباشر، أو تقف على الحياد محاولاً النأي عن دائرة الصراع، والخيار الثالث أصبح صعباً نظراً لطغيان المصالح المشتركة على محاولة الابتعاد عن الساحة وفرض اختيار طرف ما.
وفي دول الخليج تحديداً، أصبح الوضع حرجاً بحيث لا يسمح لدولة ما -خاصة إن كانت قريبة وفي محيط دائرتك- أن تلعب على وتر المصالح المتعارضة، سواء أخذ ذلك بحسن نية أو بسوئها، وذلك بسبب أن الوضع لم يعد يحتمل مزيداً من التآكل الداخلي، أو تحميل أعباء إضافية.
إن إعادة ترتيب البيت الخليجي، والوصول إلى حلول توافقية مشتركة وتعديل السياسات، بحيث يحفظ للكل مصالحه دون أن يتعدى على مصالح الآخر -وهذا هو أبسط ما يمكن أن يتم الاتفاق عليه كخليجيين- أصبح أولوية كبرى وتحدياً جاداً أمام جميع الدول الست.
إن المزيد من الضعف والتشرذم ينذر -للأسف الشديد- بمزيد من الضغوطات والانحسار، الأمر الذي يساعد المتربصين في اتخاذ خيارات أكثر من السابق في مواجهة دول الخليج، ونحن نقول دول الخليج وليست دولة دون أخرى، والوضع أصبح يتطلب رؤية ذات بعد مستقبلي تتغلب على هذه المشاحنات بين أطراف المجلس، وتعود إلى الحاضنة مجدداً.