«مداهمات إرهابية لمنازل الآمنين»؛ هكذا يكتبون ويرددون بأكثر من صيغة يومياً، وكلما سمعوا عن قيام رجال الأمن المعنيين بضبط وإحضار بعض المتهمين بالإخلال بالأمن من مقار إقامتهم، حيث يسارع بعضهم بتصوير سيارة الأمن العام التي تقف عند باب المطلوبين بالكاميرا والفيديو ويقوم البعض الآخر بنشرها عبر مختلف وسائل الإعلام والاتصال، وخصوصاً الفضائيات السوسة، مصحوبة بخبر مبالغ فيه ووصف ما يحدث بأنه «مداهمات إرهابية»، رغم أن ما يحدث ليس فيه تجاوز لقانون ولا إساءة، وهو يحدث في كل بلدان العالم، مع فارق أن ذلك البعض في البحرين يعتبر العملية مداهمة إرهابية واعتداء على الآمنين ويفترض عدم حصول مثل هذا الأمر طالما أن «التخريب حق»!
ليس من الحرية ممارسة التخريب ونشر الفوضى وتجاوز القانون وتعطيل حياة الناس، وليس حقاً القيام بهذه الأمور المحرمة شرعاً والمجرمة قانوناً، فهذه الممارسات يعاقب عليها القانون الذي يبيح لوزارة الداخلية ملاحقة الفاعلين وضبطهم. ومن الطبيعي أن يتجه المعنيون بالأمن إلى بيوت المتهمين ومن تم رصدهم ومراقبتهم للقبض عليهم والبحث عن الأدلة التي تدينهم حسب ما يقتضيه القانون، وقد تم بالفعل في مرات كثيرة الحصول على أدلة تدين المطلوبين، عدا أن هكذا وضع يتطلب مثل هذه العمليات التي من دونها يضيع الأمن ويفلت المجرمون. كما إنه ليس منطقاً القيام بأعمال التخريب ثم الاحتجاج على ممارسة الجهات الأمنية لحقها القانوني.
الذين يقومون بأعمال التخريب ينطلقون من بيوتهم أو من المزارع في القرى التي يسكنونها، وبالتالي فإن من الطبيعي أن يتم تفتيش هذه الأمكنة ليلاً أو نهاراً وفي كل حين يتطلب الأمر ذلك، فهذه الممارسة حق مكفول للجهات الأمنية، لو فرطت فيه يفلت الزمام وتخرب البلاد.
إن كان المخربون يعتقدون أن من حقهم ممارسة أعمال التخريب واعتبارها تعبيراً سلمياً فهم مخطئون، وإن كانوا يعتقدون أنه ليس من حق الجهات الأمنية ملاحقتهم وضبطهم فهم مخطئون، وإن كانوا يعتقدون أن القانون يمنع تلك الجهات من ضبط وإحضار المتهمين والذين يشكلون خطراً على الأمن وتفتيش بيوتهم فهم مخطئون، وإن كانوا يعتقدون أنه «عادي» قيامهم بترويع الآمنين وعدم اعتبار ذلك ترويعاً ويعتقدون أن ما تقوم به الجهات الأمنية هو الترويع للآمنين فهم مخطئون أيضاً.
ما تقوم به وزارة الداخلية حقها وواجب عليها، فهي بهذا تحمي الوطن من المخربين وتحمي المواطنين والمقيمين من أذاهم، وهي لو لم تفعل فإنها تكون قد قصرت في أداء واجبها وصار من حق الجميع محاسبتها.
ما تقوم به الداخلية لا يمكن وصفه بالإرهابية؛ لأنها تسعى إلى منع الإرهاب وقطع دابره وعمل اللازم كي يسود الأمن، وهذا دورها، فما قد يخبئه أولئك في بيوتهم أو في المزارع يمكن أن يتسبب في قتل ساكني المنطقة، بل إن أموراً كهذه حدثت مراراً واعتبر البعض من المواطنين والمقيمين حدوثها تقصيراً من الجهات الأمنية، واتهموها بأنها دون القدرة على حمايتهم وتوفير الأمن لهم!
رجال الأمن لا يتوجهون إلى البيوت «على التصنيفة»، هم يقومون بذلك بناء على معلومات دقيقة وأوامر تصدر من المعنيين، ولا يتجاوزون حدودهم ويتصرفون وفق القانون ووفق الظروف وتطورات الموقف عند إلقاء القبض على المطلوبين.
من كان يظن أن الداخلية ستسكت عنه إن فعل ما يشكل خطورة على الأمن لاعتبارات تتعلق بسنه أو بظروفه فهذا يعني أنه يعاني من لوثة في عقله، ومن كان يظن أنها ستهتم بما قد ينشر عنها من أخبار مبالغ فيها فهو يعاني من مشكلة عقلية مضاعفة، لأن الداخلية إنما تقوم بواجبها ولا تقبل أي عذر في هذا الخصوص.