لدينا جهة مهمتها «حماية المستهلك».. صح؟!
طيب، من تابع منكم حملات في الشوارع أو عبر الإعلام هدفها توعية الناس -بالأخص وأننا سندخل رمضان- بشأن الأسعار واحتمالية تلاعب التجار -كالعادة- فيها، وكيف يمكن للمواطن أن يتجنب عملية رفع الأسعار؟!
لنقرب الصورة أكثر، وزارة الداخلية دشنت قبل سنوات خطاً لمكافحة الفساد يتيح للمواطنين التبليغ عن الحالات التي يرصدونها شريطة تدعيمها بما يثبتها. وهنا بغض النظر عن الخوض عن جدوى المسألة وما يمكن أن تسفر إليه وكيف يمكن أن تؤثر، فإن خطاً مماثلاً للتبليغ عن تجاوزات رفع الأسعار وحملات «التخفيضات» الوهمية التي كثيراً ما تحصل، يعتبر خطاً أكثر أهمية للناس كونها متأثرة بصورة مباشرة بعملية الشراء. فهل مثل هذا الخط موجود؟! وهل هو فعال؟!
إن كان الجواب بـ»لا»، فهي كارثة، إذ المواطن لا يمتلك قناعة للتبليغ عما يرصده بنفسه من رفع للأسعار و»التضرب» فيه. وإن كانت الإجابة بـ»نعم»، فهنا مشكلة أخرى أيضاً، إذ هل تم الترويج إعلامياً ومجتمعياً بشكل قوي ومؤثر ليعرف الناس، والأهم لتصل المعلومة إلى داخل كل بيت؟!
نحن نقول بأن المستهلك «محمي»، لكن هذا كلام نسبي إذ الواقع يقول خلاف ذلك. سواء في المواسم السنوية مثل رمضان أو الأعياد، وحتى في مواسم «التخفيضات»، من يتابع حركة السوق ويرصد الأسعار يعرف تماماً بأن هناك انعداماً للمصداقية بشأن ما يعلن وبشأن الأسعار الحقيقية. وأرباب الأسر هنا يعرفون تماماً ما نقول.
في التخفيضات مثلاً، الكثيرون يعرفون أنك لو قارنت الأسعار لسلع معينة قبل التخفيضات وقارنت أسعارها خلال فترة التخفيض ستجد غالباً بأنها نفس الأسعار، وأن الخطة الشهيرة تتمثل بوضع سعر أعلى في فترة التخفيض وكتابة نسب تخفيض ضخمة بحيث حينما تحسم نسبة التخفيض تتحصل على السعر الأصلي الذي تباع فيه السلعة طوال العام.
طبعاً لا نقول بأن جميع التجار يفعلون ذلك، بل هناك بعض منهم ينتهج هذا الأسلوب، وهناك منهم بالأخص ممن يتعاملون في السلع الغذائية يخدمون الناس بشكل صحيح عبر إجراء تخفيضات حقيقية بهدف زيادة نسبة الشراء وهو ما يحقق لهم الفائدة.
لكن الحديث هنا عن حماية المستهلك، وحق المواطن في التبليغ، وواجب الجهات المعنية بأن تنصف الناس لو ثبت وجود حالات استغلال وتلاعب في الأسعار أو أقلها حالات تضليل، بحيث يكون المعروض شيئاً والواقع شيء آخر.
بالأمس فقط، هناك محل في مجمع مشهور في البحرين، مازالت تطرز واجهته إعلانات التخفيضات الضخمة، وحتى السلع مازالت عليها أسعار التخفيضات. يدخل المشتري فيفاجأ بأن الأسعار المعروضة ليست هي التي ستتم محاسبته عليها، بل أسعار أعلى. والعذر كان بأن التخفيض انتهى ولكنهم -أي المحل- لم يحصلوا على الوقت لإزالة اللوحات الإعلانية بشأن التخفيض ولا الأسعار المخفضة.
هذا عذر مرفوض تماماً، ويستوجب محاسبة الجهة المعنية، فأولاً فيه تضليل للناس التي ستدخل مثل هذه المحلات لتبتاع بالأسعار المعلنة لتكتشف أنها ليست الأسعار التي ستدفعها. ثانياً وبالأخص أن مثل هذه المحلات في مجمعات فإن نسبة داخليها من السياح والزوار كبيرة، وعليه فإن تضليل الإعلانات واختلاف السعر الحقيقي عن السعر المعروض يقدم صورة سلبية عن واقع التسوق في البحرين. وفي الحالة المذكورة كان هناك أجانب مستاؤون من اختلاف ما قرؤوه وما يطلب منهم أن يدفعوه.
الناس لديها قصص أكثر، وما أشرنا له مثال فقط. والفكرة هنا نطرحها لأجل المصلحة العامة بأمل أن تكون هناك حملات توعية أقوى من الجهات المعنية إضافة لعمليات بحث وضبط واستقبال للشكاوى تخلص إلى الحرص ألا يتضرر هذا المواطن بسبب ممارسات غير مقبولة من بعض التجار يحركهم فيها الجشع لكسب مزيد من الأموال.