أدناه سطور من ذاكرة الأزمة، أعيد «بثها» مجدداً، لأنها تؤكد بأننا نمضي «على البركة» في تسيير الأمور ومعالجة الظروف الراهنة، نفس الكلام، نفس الأمور، نفس السجال، أيام وأسابيع وشهور وهاهي ثلاث سنوات، ورغم ذلك كل شيء مثلما كان، العجلة لا تدور، والوضع كما هو، والإرهاب وسيلة ابتزاز، والحوار أبرز تخدير، بينما المخلص لا «يشوف إللي يشوفونه».
أعود لما كتبناه قبل سنتين ونيف وأقول بأن الأيام الماضية أثبتت بأن كثيراً من المخلصين من أبناء هذا البلد يحتاجون إلى «فحص نظر» بصورة عاجلة، حتى يتمكنوا من الرؤية بشكل أفضل، خاصة وأنهم متهمون اليوم بأنهم «ما يشوفون إللي يشوفونه» المعنيين بإدارة الأزمة.
ما حصل منذ البداية هي عملية اختطاف للدولة ومحاولة صريحة لإسقاط النظام، لكن بحسب ما نراه يحصل اليوم، يتضح أننا «شفنا» أشياء مختلقة ووهمية وغير صحيحة؛ فشعار إسقاط النظام «شافه» المعنيون على أنه «إصلاح النظام»، وهو ما تروج له الجماعات الانقلابية، وخيانات البعض وانقلابهم يتضح اليوم بأنه موقف وطني بحت، والدليل أن الخائن يعز ويكرم ويركض باتجاهه بينما المخلص منسي ومهمل ويتم تجنبه.
نعم، يحتاج المخلصون لفحص نظر سريع، فاللافتة التي كانت على منصة الدوار وكان مكتوب عليها «باقون حتى إسقاط النظام» وتحتها وقف قياديو الانقلاب متشابكي الأيادي، كانت أصلاً تحمل شعار «باقون حتى إصلاح النظام»، لكنكم «الله يهديكم» لم تمعنوا النظر.
من قاموا بدهس الشرطي بالسيارة، ومروا على جسده ذهاباً وعودة، والفيديو الذي وثق العملية، الناس فهموا الموضوع غلط، والعتب على النظر، فأنتم «شفتوا» شيئاً غير الذي «شافه» المعنيون، وعلى ما يبدو بأن الشرطي هو الذي رمى نفسه معترضاً السيارة ومن كان يسوقها كان يحاول تفاديه، لكنه -أي الشرطي رحمه الله- أبى إلا أن يرمي نفسه كل مرة أمام السيارة، وهو -على ما يبدو- جعل القضاء يؤجل ويؤجل إصدار الحكم النهائي فيمن قتله.
من قال للمواطنين وقادة البلد «ارحلوا» ورفع الشعارات ومارس كل صور التسقيط وشوه صورة دولته في الخارج «شفتوه» بنظرة خاطئة، هؤلاء مصلحون وكانوا أصلاً يرفعون شعارات محبة وإصلاح ويقدمون الورود ويطلقون صرخات الوحدة والتعايش السلمي والولاء للرموز، لكنكم يا مخلصون «تشوفون» و«تسمعون» على هواكم.
حتى السفراء الأصدقاء المخلصين للبلد ظلمتموهم، لأنكم «ما تشوفون صح»، فمن قال إن السفير الأمريكي يتدخل في شؤوننا الداخلية، ومن قال بأن وثائق «الويكيليكس» تنشر الحقائق، ومن قال أصلاً بأن هناك أطرافاً خارجية تتدخل في البحرين؟! أنتم تظلمون السفراء الأصدقاء لأنكم ما «تشوفون إللي يشوفه» المعنيون بإدارة العلاقة مع السفراء. هم «يشوفون» السفراء يقومون بممارسات عادية ليست تدخلاً في شؤوننا الداخلية، ولو أنهم تدخلوا فـ«الويل والثبور» لهم بحسب الأعراف الدبلوماسية.
الله يهديكم «تشوفون» أشياء لا صحة لها، الكلام كثير، وحالات «ضعف النظر» عديدة، وأجزم بأن كثيراً من المخلصين اكتشفوها مؤخراً، وفهموا بأن كثيراً من الأمور تدار اليوم لأن المعنيين -ونحمد الله على ذلك- لم «يشوفوا» ما «شفتموه» أنتم، وإلا لكنا في وضع حرج، خاصة حينما «شفتم» ممارسات فئات وشخصيات على أنها «خيانات»، في حين لو كانت لديكم «قوة النظر» لرأيتم كيف «تقطر» الوطنية والإخلاص منهم مثل «قطرات الندى». بصراحة، كثير من المخلصين «ما يشوفون» صح، وهذه هي المشكلة التي تقف عائقاً أمام حلحلة الوضع اليوم.
نعم أنتم السبب يا مخلصون لهذا الوطن وقيادته، أنتم سبب التأزيم، وأنتم من «يعيق» عملية إعادة اللحمة ورأب الصدع!
والله الناس «تشوف»، لكن يبدو ما «يشوفونه»، لا يعجب من لا يريدون أن «يشوفوا» ما «يشوفه» الناس، بالتالي «يشوف» شيء ما «يشوفونه» الناس!!!
على العموم، تشوفون العافية!