نشــرت صحيفتنا «الوطن» في عددها رقــم 2985 بتاريخ 11 فبراير الماضي نداء من مواطــن يطلب فيه الحصول على وظيفـــة مناسبة تؤمن له العيش الكريم ولتساعده في علاج والدته المريضة بالسرطان، وذلك تحت عنوان «مواطن يطلب وظيفة ليعالج أمه المريضة بالسرطان».الإيجابي أنه بعد نشر الخبر بادرت وزارة العمل مشكورة بمقابلة المواطن والاطلاع على بياناته، وعرضت عليه عدداً من الشواغر الوظيفية؛ فاختار ما يناسبه منها وتمت بالتالي إجراءات توظيفه في إحدى منشآت القطاع الخاص.بعيداً عن السياسة والجدل «المبرر» والمستمر عن وزارة العمل ودورها بشأن اتحاد النقابات والملفات الخارجية وغيرها، إلا أننا سنقف عند هذه القضية ونتعرض لها من منطلق الحقوق والواجبات ومن منطلق إنساني، وما يتوجب فعله من الجهات المسؤولة.الموضوع تضمن عدة جوانب، أولها هو دور الصحافة «المفروض عليها» أن تنقل واقع حال المواطنين وتنشر همومهم ومعاناتهم. هذا دور أصيل يتوجب عليها القيام به، فمسمى السلطة الرابعة لم يمنح للصحافة «ترفاً»، ولم توجد مهنة الصحافة أصلاً ليكون المنخرطون فيها من طبقة «الإليت» أي «علية القوم» أو أصحاب «البرستيج» ويتحولون إلى مشاهير «سلبرتيز» وعليه ينسون قضيتهم الرئيسة والأهم وهي المعنية بالدفاع عن العدالة والإنصاف والتمثل بلعب دور «صوت الناس».بيد أن الجدل يدور هنا بالضرورة عن لماذا يلجأ المواطن أصلاً للصحافة لعرض مشكلته؟!الإجابة المنطقية تقفز هنا سريعاً بالقول إنه: لم يفعل ذلك إلا حينما سدت في وجهه الأبواب، إلا بعدما استنفد ما يستطيع فعله من طرق لهذه الأبواب، ولربما الحقيقة تكون العكس، لكن أغلب الحالات التي تصلنا تفيد بأنه لا يلجأ المواطن لعرض مشكلته على الملأ أو يطلب من الصحافة نشرها إلا حينما يُسقط في يده.الآن يأتي الحديث عن دور مؤسسات الدولة، وهنا نقول بأن مثل هذه القضايا يمكن لها ألا تتصاعد وتصل للرأي العام إن حرصت المؤسسات على حل مشاكل المواطنين مباشرة. بعض الأمور تتعطل، هناك إجراءات و«بروسيجر» طويل، لكن في النهاية لا يفترض بالأمور أن تأخذ وقتاً طويلاً إن كان فيها «حق» وإن كان تحقيقها أمراً ممكناً. وهناك حالات تتحقق بشكل سريع عندما يأتي بشأنها توجيه، ما يعني أنه بإمكانها التحقق في المقام الأول، فلم انتظار صدور توجيه؟!كلها عملية تراتبية، فحينما يكون الحرص موجوداً من القطاعات الحكومية على تحقيق الرضا لدى المواطن، وحينما يكون الاهتمام موجوداً بقضية أي مواطن تصل للمعنيين والمسؤوليـــن وحتـــى الـــوزراء، وحينمـــا لا تركن هذه القضايا وتطوى مع الزمن، فإننا بالضرورة لن نجد من يشكو حاله ووضعه ومعاناته على صفحات الجرائد.بالتالـــي الشكـــر يوجـــه لمــن اهتم بقضية المواطن ووضعه من وزارة العمل، هم قاموا بفعل صحيح من واقع إحساس بالمسؤولية وهذا يقدر لهم، وإن كانت من قضايا مماثلة حققوها فهم يستحقون التحية على قيامهم بعملهم، وإن كان من تقصير تجاه قضايا أخرى فالآن نذكرهم بضرورة بذل مزيد من الاهتمام والعدل بين الجميع، فمن يحقق إنجازاً يوماً ما يمكنه أن يستمر على نفس هذا المنوال.لربما الخبر المعني بهذه القضية لم يبــرز في الصحافة وكان منشوراً بحجم صغير في صفحة داخلية، لكنني أراه خبراً يحمل مضامين هامة تجعله من أهم الأخبار التي كان يمكن قراءتها في صحافة يوم أمس. الاهتمـــام بالمواطن، الحــرص على تلبيـــة تطلعات الناس، الاهتمام بتضميد جروح معاناتهم، كلها ممارسات إنسانية من يمارسها ترفع له القبعة تحية واحتراماً حتى وإن كان واجباً هو ملزم بالقيام به.ختاماً، نتمنى لهذا المواطن أن يعينه المولى القدير ويوفقه في عمله وأن يمن على والدته الكريمة بموفور الصحة وأن يبعد عنها المرض، إنه على كل شيء قدير.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90