تصاعدت حدة الانتقادات داخل الدوائر الأمريكية ومراكز الاستشارات لسياسة أوباما الخارجية وتزايد عدد الأصوات التي توجه لها اللوم، بل إن حليفاً استراتيجياً كبريطانيا اضطر في الآونة الأخيرة بالنأي بنفسه بعيداً عنها وسحب نفسه وأخذ مواقف أكثر استقلالية -على غير المعهود- بعد أن رأى حجم الأضرار التي أحدثتها تلك السياسة التي وصفها السفير الأمريكي السابق في البحرين «آدم إيرلي» بالغبية وقصيرة النظر في لقاء صحافي، وهي المرة الثانية التي يدلي فيها إيرلي بوجهة نظره بعد شهادته التي قدمها للكونغرس الأمريكي في سبتمبر 2013.
وسواء كانت أسباب تلك السياسة الغبية أسباباً أخلاقية تتعلق بدعمها للمبادئ الديمقراطية ووقوفها إلى جانب حقوق الإنسان في المنطقة، أو كانت الأسباب سياسية صرفة لا علاقة لها بحقوق الإنسان ومرتبطة باستحقاقات صفقة إيرانية أمريكية، فإنها في كلتا الحالتين لم تنجح في إبرام الصفقة، ولم تنجح في دعم أهم أسس الديمقراطية وهي تقوية المجتمع المدني وتنشيطه وخلق قاعدة تنطلق منها الآليات الديمقراطية العصرية في تحقيق إرادة الشعوب.
والنتيجة أن تلك السياسة أفرزت تفكيك وإضعاف تحالف من أقوى التحالفات التي خدمت المصالح الأمريكية على مدى قرن من الزمان بينها وبين الدول العربية برمتها وليس بينها وبين البحرين فحسب.
الإدارة الأمريكية منذ عهد أولبرايت تجاوزت الأنظمة العربية وتحالفت مع الجماعات الدينية التي ظنت أنها «معتدلة»، دربتها، هيأتها، دعمتها لوجستياً، فتحت لها الأبواب على أساس أنها البديل المحتمل والأكثر ترجيحاً لاستلام السلطة بعد سقوط الأنظمة، وحين جاءت إدارة أوباما، أرادت قطف الثمار دون التأكد من استعداد تلك الجماعات لتولي تلك المهمة، ودون التأكد من قدرتها على إرساء المبادئ الديمقراطية، ودون التأكد من عجز الأنظمة عن الدفاع عن نفسها، ودون التأكد من حقيقة تمثيل هذه الجماعات للشعوب العربية حقاً.
غباء وقصر النظر عند إدارة أوباما هو استعجالها لقطف الثمار، فدفعت كل نظام حليف لها تحت العجلات كما وصف آدم إيرلي موقف إدارة أوباما من حسني مبارك، وأرادت أن تفعل الشيء ذاته مع البحرين، والنتيجة أنها أيقظت شعور الخطر عند الشعبين المصري والبحريني ومعهم كل الشعوب العربية الأخرى التي رفضت أن تفرض الجماعات الدينية عليها بدعم أمريكي، جماعتان ترتهنان لمرشدين أحدهما شيعي والآخر سني لا يمكن أن يعبرا عن الإرادة الحقيقة للشعوب، إنه تدخل سافر وفج لتقرير مصائر الشعوب، وخسران لحلفاء لا يتمثلون في الأنظمة العربية بل للشعوب العربية التي هي الثقل وليس الأنظمة كما قال إيرلي في لقائه منتقداً تخلي الإدارة الأمريكية عن «الملك والحكومة البحرينية باعتبارهما الثقل في مملكة البحرين» وهنا أختلف مع آدم إيرلي الذي مازال تحت تأثير الإحصائيات والمعلومات المغلوطة، فالطعنة والتخلي لم تكن موجهة للنظام البحريني، ومن قاومها لم يكن الملك والحكومة فحسب، بل إن من انتفض ورفض التدخل الأمريكي في البحرين كان شعب البحرين الذي خرج للفاتح ومازال يعبر عن رفضه للتدخل الأمريكي ولمحاولة فرض تجربتها العراقية الفاشلة عليه دونما أدنى اعتبار لإرادته، قاوم إصرارها للانتصار لمجموعة زحفت لاحتفالاتكم في السفارة على بطنها ولبست أجمل حللها وانبطحت تحت أقدام سفيركم مجددة العهد والولاء طالبة بابتسامة مستميتة عدم تراجع أوباما عن سياسته الغبية والقصيرة النظر.
تلك السياسة لم تتخلَ عن النظام البحريني كحليف فحسب، بل تخلت عن الشعب البحريني وهذا هو المهم، أما الأهم أنها تخلت عن الشعوب الخليجية كحليف مثلما تخلت عن الشعب المصري كحليف أيضاً، إن ذلك يجعلها تقع في آخر قائمة الحلفاء بالنسبة للدول العربية ولعقود قادمة!
لم تقف هذه الإدارة لحظة لتقييم تجربتها العراقية الفاشلة على الصعيدين، على صعيد احتواء القوة الإيرانية وعلى صعيد تحقيق الديمقراطية في هذا البلد، لم تقف لحظة عند مغزى وفحوى حذاء منتظر الزيدي الذي ألقي على بوش، اعتقدتها لحظة غفلة انتهزها أحد الفلول المهووسين ويتيم من أيتام الرئيس العراقي، حتى اضطرت أن تواجه الحقيقة المرة وتعرف أنها أصبحت المكروه رقم واحد لجميع أبناء العراق على اختلاف مللهم كما هي الآن بالنسبة لبقية الشعوب العربية، واضطرت أن تدفع الملايين لتضع خطة تؤمن لها ظهرها لحظة خروج قواتها من العراق دون أن تهاجم من سنة العراق وشيعته.
العراق سيظل وصمة عار للسياسة الخارجية الأمريكية وستكون تلك المغامرة مصدر إلهام للعديد من المفكرين وصناع القرار ومراكز البحوث وحتى لهوليوود كما كانت فيتنام لعقود لاحقة! وكذلك هو موقفها من البحرين ومن مصر، سيظلان عالقان في ذاكرتنا وذاكرة أبنائنا لعقود قادمة، ومصدر إلهام لنا وللشعب الأمريكي تذكره بخسائره، نعم يا سيد إيرلي إنها قرارات غبية وقصر نظر تلك التي قام بها السيد أوباما، لكنها كادت أن تهوي بنا، لولا لطف الله ولولا نهضتنا للدفاع عن مكتسباتنا.
{{ article.visit_count }}
وسواء كانت أسباب تلك السياسة الغبية أسباباً أخلاقية تتعلق بدعمها للمبادئ الديمقراطية ووقوفها إلى جانب حقوق الإنسان في المنطقة، أو كانت الأسباب سياسية صرفة لا علاقة لها بحقوق الإنسان ومرتبطة باستحقاقات صفقة إيرانية أمريكية، فإنها في كلتا الحالتين لم تنجح في إبرام الصفقة، ولم تنجح في دعم أهم أسس الديمقراطية وهي تقوية المجتمع المدني وتنشيطه وخلق قاعدة تنطلق منها الآليات الديمقراطية العصرية في تحقيق إرادة الشعوب.
والنتيجة أن تلك السياسة أفرزت تفكيك وإضعاف تحالف من أقوى التحالفات التي خدمت المصالح الأمريكية على مدى قرن من الزمان بينها وبين الدول العربية برمتها وليس بينها وبين البحرين فحسب.
الإدارة الأمريكية منذ عهد أولبرايت تجاوزت الأنظمة العربية وتحالفت مع الجماعات الدينية التي ظنت أنها «معتدلة»، دربتها، هيأتها، دعمتها لوجستياً، فتحت لها الأبواب على أساس أنها البديل المحتمل والأكثر ترجيحاً لاستلام السلطة بعد سقوط الأنظمة، وحين جاءت إدارة أوباما، أرادت قطف الثمار دون التأكد من استعداد تلك الجماعات لتولي تلك المهمة، ودون التأكد من قدرتها على إرساء المبادئ الديمقراطية، ودون التأكد من عجز الأنظمة عن الدفاع عن نفسها، ودون التأكد من حقيقة تمثيل هذه الجماعات للشعوب العربية حقاً.
غباء وقصر النظر عند إدارة أوباما هو استعجالها لقطف الثمار، فدفعت كل نظام حليف لها تحت العجلات كما وصف آدم إيرلي موقف إدارة أوباما من حسني مبارك، وأرادت أن تفعل الشيء ذاته مع البحرين، والنتيجة أنها أيقظت شعور الخطر عند الشعبين المصري والبحريني ومعهم كل الشعوب العربية الأخرى التي رفضت أن تفرض الجماعات الدينية عليها بدعم أمريكي، جماعتان ترتهنان لمرشدين أحدهما شيعي والآخر سني لا يمكن أن يعبرا عن الإرادة الحقيقة للشعوب، إنه تدخل سافر وفج لتقرير مصائر الشعوب، وخسران لحلفاء لا يتمثلون في الأنظمة العربية بل للشعوب العربية التي هي الثقل وليس الأنظمة كما قال إيرلي في لقائه منتقداً تخلي الإدارة الأمريكية عن «الملك والحكومة البحرينية باعتبارهما الثقل في مملكة البحرين» وهنا أختلف مع آدم إيرلي الذي مازال تحت تأثير الإحصائيات والمعلومات المغلوطة، فالطعنة والتخلي لم تكن موجهة للنظام البحريني، ومن قاومها لم يكن الملك والحكومة فحسب، بل إن من انتفض ورفض التدخل الأمريكي في البحرين كان شعب البحرين الذي خرج للفاتح ومازال يعبر عن رفضه للتدخل الأمريكي ولمحاولة فرض تجربتها العراقية الفاشلة عليه دونما أدنى اعتبار لإرادته، قاوم إصرارها للانتصار لمجموعة زحفت لاحتفالاتكم في السفارة على بطنها ولبست أجمل حللها وانبطحت تحت أقدام سفيركم مجددة العهد والولاء طالبة بابتسامة مستميتة عدم تراجع أوباما عن سياسته الغبية والقصيرة النظر.
تلك السياسة لم تتخلَ عن النظام البحريني كحليف فحسب، بل تخلت عن الشعب البحريني وهذا هو المهم، أما الأهم أنها تخلت عن الشعوب الخليجية كحليف مثلما تخلت عن الشعب المصري كحليف أيضاً، إن ذلك يجعلها تقع في آخر قائمة الحلفاء بالنسبة للدول العربية ولعقود قادمة!
لم تقف هذه الإدارة لحظة لتقييم تجربتها العراقية الفاشلة على الصعيدين، على صعيد احتواء القوة الإيرانية وعلى صعيد تحقيق الديمقراطية في هذا البلد، لم تقف لحظة عند مغزى وفحوى حذاء منتظر الزيدي الذي ألقي على بوش، اعتقدتها لحظة غفلة انتهزها أحد الفلول المهووسين ويتيم من أيتام الرئيس العراقي، حتى اضطرت أن تواجه الحقيقة المرة وتعرف أنها أصبحت المكروه رقم واحد لجميع أبناء العراق على اختلاف مللهم كما هي الآن بالنسبة لبقية الشعوب العربية، واضطرت أن تدفع الملايين لتضع خطة تؤمن لها ظهرها لحظة خروج قواتها من العراق دون أن تهاجم من سنة العراق وشيعته.
العراق سيظل وصمة عار للسياسة الخارجية الأمريكية وستكون تلك المغامرة مصدر إلهام للعديد من المفكرين وصناع القرار ومراكز البحوث وحتى لهوليوود كما كانت فيتنام لعقود لاحقة! وكذلك هو موقفها من البحرين ومن مصر، سيظلان عالقان في ذاكرتنا وذاكرة أبنائنا لعقود قادمة، ومصدر إلهام لنا وللشعب الأمريكي تذكره بخسائره، نعم يا سيد إيرلي إنها قرارات غبية وقصر نظر تلك التي قام بها السيد أوباما، لكنها كادت أن تهوي بنا، لولا لطف الله ولولا نهضتنا للدفاع عن مكتسباتنا.