من يُراقب سياسة واشنطن تجاه طهران لا يخفى عليه عنصر الريبة والإرباك الذي يعتري هذه السياسة، فعلى مدى 35 سنة والعلاقات بين الولايات المتحدة وإيران تحكمها الألغاز التي يحاول كل منهما أن يزيدها غموضاً عندما يكون بحاجة للتوصل إلى اتفاق مع الطرف الآخر لتحريك حجر في هذه الرقعة الجغرافية، أو تنفيذ مخطط في تلك الرقعة التي يشترك الطرفان في اللعب عليها.
وليست الرقعة الجغرافية وحدها هي الجامع المشترك بينهما؛ بل أن هناك أحجاراً مشتركة بينهما أيضاً، وهذا النوع من اللعب أكثر تعقيداً من لعبة الشطرنج، وربما تكون من النوادر في تاريخ الخصومات السياسية أن يتبادل الأعداء الخدمات عبر تحريك كل طرف منهما حجراً لخدمة عدوّه، غير أن تاريخ العلاقات السياسية بين الولايات المتحدة ونظام الولي الفقيه الإيراني أثبت أنه لا مكان للمستحيل في تبادل الخدمات بين الأعداء.
إن ما يجمع بين واشنطن وطهران من مصالح مشتركة أكبر بكثير من العداوة المعلنة بينهما، ولعل في التعاون الذي حصل بينهما في أفغانستان والعراق، وما زال قائماً إلى الآن، أبسط مثال على أن العداوة المعلنة ليست جذرية، وما كانت ولن تكون عائقاً يعترض سبيل تطور التعاون بين البلدين، ولذا يجب ألا يستغرب المرء عندما يأتي من يقول إنه لولا السكوت الأمريكي لما استطاعت إيران أن تصل ببرنامجها النووي إلى هذا الحد الذي يدفع بوزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى القول إن إيران أمامها شهران لامتلاك السلاح النووي، ذلك أن النظام العالمي ما كان ليسمح لإيران أن تبلغ هذا المستوى المتقدم ببرنامجها لو لم يكن قائد النظام العالمي قد غض البصر عنها.
إذاً من هذا المنطلق قد يصحّ توقع بعض المراقبين بشأن ما قد يؤدي إليه اتفاق جنيف الأخير بين «السداسية» وإيران من تعاون أمريكي - إيراني جديد يساهم في مساعدة إيران في التمدّد الإقليمي، ويحقق لها بعض أهدافها التي تسعى إلى تحقيقها في الشرق الأوسط، وتحديداً فيما يخص الوضع في كل من سوريا واليمن ولبنان، ناهيك من العملية السياسية في العراق التي أبقت واشنطن خيوطها بيد طهران، ويمكن إضافة إلى ما سبق أيضاً موضوع الجماعات المتشددة في البحرين التي تحظى برعاية إيرانية وتعاطف أمريكي مشترك. وللعلم فإن الجانب المثير في اتفاق جنيف بين «السداسية» وإيران أنه أهمل حسم الموقف بشأن الدعم الإيراني للجماعات الإرهابية التي تستعين بها طهران لتنفيذ مآربها في تهديد أمن واستقرار الدول، وبعضها دول تعد صديقة لواشنطن.
إن أمريكا، التي اعتادت أن تكون سبّاقة في مواجهة المنظمات المسلحة في العالم ولو كانت صغيرة ووضعها على قائمة الإرهاب، نراها تتغاضى عن الكثير من المنظمات الإرهابية لارتباط هذه المنظمات بإيران، فلماذا لم تدرج «جماعة الحوثي» في اليمن أو «جيش المختار» أو «عصائب أهل الحق» أو غيرها من المنظمات المسلحة في العراق؟ أو بعض الحركات والجماعات التي تمارس العنف المسلح في البحرين، على قائمة الإرهاب؟
لا شك أن ثمة مصالح مشتركة بين أمريكا وإيران رغم عداوتهما المعلنة، وهذا قد لا يكون مستغرباً في عالم السياسة من وجهة نظر البراغماتيين، لكن من المؤكد أن هذا لا يليق من الناحية الأخلاقية بدولة تقود النظام العالمي، كما أنه يعد سبباً في حصول أزمة ثقة بين أمريكا وحلفاء مهمين لها في المنطقة.
إن ما يزيد من مخاوف بعض الأطراف الإقليمية هو أن تبادر إيران إلى استغلال الأزمة الحالية حيال أوكرانيا بين أمريكا والاتحاد الأوروبي من جهة، وروسيا من جهة أخرى، لصالح دعم المنظمات الإرهابية. أمريكا قد لا تضغط على إيران لكي لا تدفعها إلى توسيع علاقاتها مع روسيا التي تسعى واشنطن والاتحاد الأوروبي للضغط عليها اقتصادياً وسياسياً، ولكن إيران ستستغل هذه النقطة وتدفع بدعم المنظمات الإرهابية لخلق المزيد من الفوضى في المنطقة.
وليست الرقعة الجغرافية وحدها هي الجامع المشترك بينهما؛ بل أن هناك أحجاراً مشتركة بينهما أيضاً، وهذا النوع من اللعب أكثر تعقيداً من لعبة الشطرنج، وربما تكون من النوادر في تاريخ الخصومات السياسية أن يتبادل الأعداء الخدمات عبر تحريك كل طرف منهما حجراً لخدمة عدوّه، غير أن تاريخ العلاقات السياسية بين الولايات المتحدة ونظام الولي الفقيه الإيراني أثبت أنه لا مكان للمستحيل في تبادل الخدمات بين الأعداء.
إن ما يجمع بين واشنطن وطهران من مصالح مشتركة أكبر بكثير من العداوة المعلنة بينهما، ولعل في التعاون الذي حصل بينهما في أفغانستان والعراق، وما زال قائماً إلى الآن، أبسط مثال على أن العداوة المعلنة ليست جذرية، وما كانت ولن تكون عائقاً يعترض سبيل تطور التعاون بين البلدين، ولذا يجب ألا يستغرب المرء عندما يأتي من يقول إنه لولا السكوت الأمريكي لما استطاعت إيران أن تصل ببرنامجها النووي إلى هذا الحد الذي يدفع بوزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى القول إن إيران أمامها شهران لامتلاك السلاح النووي، ذلك أن النظام العالمي ما كان ليسمح لإيران أن تبلغ هذا المستوى المتقدم ببرنامجها لو لم يكن قائد النظام العالمي قد غض البصر عنها.
إذاً من هذا المنطلق قد يصحّ توقع بعض المراقبين بشأن ما قد يؤدي إليه اتفاق جنيف الأخير بين «السداسية» وإيران من تعاون أمريكي - إيراني جديد يساهم في مساعدة إيران في التمدّد الإقليمي، ويحقق لها بعض أهدافها التي تسعى إلى تحقيقها في الشرق الأوسط، وتحديداً فيما يخص الوضع في كل من سوريا واليمن ولبنان، ناهيك من العملية السياسية في العراق التي أبقت واشنطن خيوطها بيد طهران، ويمكن إضافة إلى ما سبق أيضاً موضوع الجماعات المتشددة في البحرين التي تحظى برعاية إيرانية وتعاطف أمريكي مشترك. وللعلم فإن الجانب المثير في اتفاق جنيف بين «السداسية» وإيران أنه أهمل حسم الموقف بشأن الدعم الإيراني للجماعات الإرهابية التي تستعين بها طهران لتنفيذ مآربها في تهديد أمن واستقرار الدول، وبعضها دول تعد صديقة لواشنطن.
إن أمريكا، التي اعتادت أن تكون سبّاقة في مواجهة المنظمات المسلحة في العالم ولو كانت صغيرة ووضعها على قائمة الإرهاب، نراها تتغاضى عن الكثير من المنظمات الإرهابية لارتباط هذه المنظمات بإيران، فلماذا لم تدرج «جماعة الحوثي» في اليمن أو «جيش المختار» أو «عصائب أهل الحق» أو غيرها من المنظمات المسلحة في العراق؟ أو بعض الحركات والجماعات التي تمارس العنف المسلح في البحرين، على قائمة الإرهاب؟
لا شك أن ثمة مصالح مشتركة بين أمريكا وإيران رغم عداوتهما المعلنة، وهذا قد لا يكون مستغرباً في عالم السياسة من وجهة نظر البراغماتيين، لكن من المؤكد أن هذا لا يليق من الناحية الأخلاقية بدولة تقود النظام العالمي، كما أنه يعد سبباً في حصول أزمة ثقة بين أمريكا وحلفاء مهمين لها في المنطقة.
إن ما يزيد من مخاوف بعض الأطراف الإقليمية هو أن تبادر إيران إلى استغلال الأزمة الحالية حيال أوكرانيا بين أمريكا والاتحاد الأوروبي من جهة، وروسيا من جهة أخرى، لصالح دعم المنظمات الإرهابية. أمريكا قد لا تضغط على إيران لكي لا تدفعها إلى توسيع علاقاتها مع روسيا التي تسعى واشنطن والاتحاد الأوروبي للضغط عليها اقتصادياً وسياسياً، ولكن إيران ستستغل هذه النقطة وتدفع بدعم المنظمات الإرهابية لخلق المزيد من الفوضى في المنطقة.