وكيل الزراعة بوزارة البلديات والتخطيط العمراني توقع «بدء زراعة الأرض التي منحتها السودان للبحرين من أجل الاستثمار الزراعي خلال العام الحالي، مضيفاً أن المشروع لن يبقى حكومياً بل نحاول جذب التاجر البحريني للاستثمار في هذه الأرض وإذا تعذر ذلك فقد نلجأ للمستثمر الأجنبي».
وكيل الزراعة عاد و«دعا تجار البحرين للاستثمار في الأرض الممنوحة للبحرين في السودان» مؤكداً أنه «مشروع مربح وسيغطي السوق البحرينية وبالإمكان التصدير إلى مصر والسعودية والدول القريبة، كما إن حركة النقل بين السودان والبحرين ستكون من غير ضرائب أو أية رسوم جمركية».
خلاصة هذه التصريحات أن سعادة سفير السودان جاء إلى البحرين وعرض مشكوراً على الحكومة أو إدارة الزراعة منحة الأرض المذكورة وبمساحة 100 فدان أي ما يعادل 420 كم مربع مع الإعفاء من الضرائب والرسوم الجمركية.
إدارة الزراعة والتي تحاول أن توجد لها موضع قدم في ما يسمى بالتنمية الزراعية والحيوانية في البلاد وفي تحقيق الأمن الغذائي، وبعد نجاحها في الترويج لسوق المزارعين وتصويره وكأنه سوق زراعي مليء بالأصناف والكميات من المنتجات الزراعية، وليس مجرد «صرتين رويد وسلة كنار»، هذه الإدارة وجدتها فرصة للبروز من جديد بصفتها قائدة وراعية النهضة الزراعية وبدأت الترويج للزراعة في السودان.
فالوكيل وربما وزارته كان عليهم بعد أن يوجهوا الشكر للسودان، وقبل وأن يعلنوا عن المنحة ويروجوا لها بالطريقة التي قرأناها قبل قليل أن يستفيدوا من وجود الخبير الزراعي لديهم ليكون ضمن لجنة من الخبراء المتخصصين في الزراعة والثروة الحيوانية المنتدبين من الفاو ومن الدول التي عرضت على البحرين خدماتها في هذا المجال مثل أستراليا وغيرها.
مهمة هذه اللجنة وضع دراسة عن الوضع الحالي للزراعة من توفر الأراضي إلى وجود المياه اللازمة وإمكانية الاستفادة من المياه المعالجة بعد التطوير الأخير الذي مولته الكويت، إلى محاولات الاستثمار في الزراعة من قبل القطاع الخاص، لتتوصل الدراسة إلى ما هو متوفر من الإمكانات للزراعة والثروة الحيوانية وما نحن بحاجة إليه لكي نخلق تنمية زراعية وحيوانية تحقق لنا الأمن الغذائي أو تقربنا منه على الأقل، ثم ما هو ممكن تحقيقه في المستويات القريبة والمتوسطة والبعيدة، وفي أي مرحلة يمكننا الزراعة في خارج البحرين والاستفادة من المنحة السودانية والتايلندية والهندية والباكستانية والكازخستانية، فكل هذه الدول عرضت علينا مشكورة إقامة مشروعات زراعية فيها..
هذه الدراسة غير موجودة، وأظن أن وزارة البلديات والزراعة لم تفكر فيها أو ليس لديها وقت لها، والدليل على ذلك تصريحات الوكيل المشار إليها فهو مرة يقول إن الحكومة ستستثمر في السودان، وبعدها يقول إن الاستثمار سيحول لرجال الإعمال البحرينيين، ثم يقول وإذا لم يقبلوا فسنستعين بالمستثمرين الأجانب، ويعود ليقول إنه يرى أن البحرينيين يجب أن يستثمروا في الزراعة في بلدهم البحرين، وأنه لن يسمح بأن تنافس المنتوجات التي تزرع في السودان مثيلتها التي تزرع في البحرين.
ولكن ما هي المنتوجات والأصناف الزراعية التي تحتاجها البحرين لتحقيق الأمن الغذائي وستزرع في السودان، الجواب يأتي على لسان الخبير الزراعي بالوزارة: إن «أرض السودان من الأراضي التي لا تتأثر كثيراً بالعوامل الجغرافية الحاصلة في الكرة الأرضية كارتفاع درجة الحرارة، وهناك مجموعة من المحاصيل تحتاجها البحرين كالسمسم الذي يعتبر من المحاصيل ذات العائد الاستثماري وإنتاجه قصير المدة إذ يمكن إنتاجه خلال مدة لا تتجاوز 120 يوماً إضافة للفول السوداني وزهرة الشمس، ومن الممكن إنشاء مصنع صغير بالسودان لاستخلاص الزيت أو إنشائه بالبحرين، إضافة للقمح، فالسودان تزرع 12 صنفاً من القمح مقاومة للحرارة، وأضاف أن الأرز سيزرع بالأرض الواقعة جنوب الخرطوم، كما ستزرع الذرة والمحاصيل السكرية كقصب السكر بالأرض الشمالية وبالإمكان زراعة البرسيم، متوقعاً أن تغطي الأرض الموجودة بالسودان احتياجات البحرين مما يتيح التصدير للخارج»..
هل هذه المحاصيل هي بالفعل ما تحتاجه البحرين لتحقيق أمنها الغذائي، من حيث الكمية والنوعية، وهل القمح والأرز مثلاً من الأنواع المطلوبة والمرغوبة في البحرين، هذه الأسئلة وغيرها تجيب عليها الدراسة المشار إليها، أليس كذلك؟؟
الوكيل يجيب على هذا السؤال في ختام تصريحاته قائلاً: «اخترنا الشركات التي ستعمل الدراسات البيئية والجدوى الاقتصادية، وستنتقل الأجهزة الفنية للسودان وسيكون هناك معسكر موجود للدراسة».
وحتى تنجز هذه الدراسة - الدراسات علينا أن نصمت ولا نروج لشيء مجهول ولشيء لا نعرفه، اصمتوا وفقكم الله حتى تنجز الدراسات وتتضح الصورة.