مقابل ذلك البعض القليل الذي إن التقيته في مكان عام ابتسم لكنه لم يتمكن من إخفاء موقفه السالب من موقفي السياسي ومما أكتب، فيفضحه وجهه، ولعله في داخله يسب ويلعن كما آخرين لا تربطني بهم معرفة شخصية، مقابلهم ألتقي باستمرار بآخرين من المحسوبين على طرف بعينه، ولكنهم لا يوافقون على ما يحدث وما ينفذه صغار عقل محسوبون عليهم يعتقدون أنهم بفعلهم هذا ينتصرون للدين وللوطن، فأفاجأ بأنهم يضغطون على يدي عند مصافحتهم ولا يتردد البعض منهم عن توصيل بعض الكلمات المعبرة عن ارتياحه من موقفي ومما أكتب، ويعتبرني معبراً عنه وممثلاً له في فترة يجد صعوبة التعبير عن رأيه وموقفه بصراحة.
هذه معلومة حقيقية وليست ادعاء؛ وهي تعني أن مقابل البعض القليل الذي اتخذ طريق الشر وسعى إلى زرع الفوضى والخراب ولم يعد يعرف كيف يعيش الخير؛ بل لم يعد يعرف ما هو الخير، في مقابلهم يوجد كثيرون ممن هم غير راضين عن هذا الذي يقومون به ويرفضون أن ينفذ باسمهم وتحت رايتهم وراية المذهب الذي ينتمون إليه، لكنهم يؤثرون السلامة ويخافون الانتقام والغدر، خصوصاً إن كانوا من المقيمين في المناطق التي ينشط فيها «أبطال الميادين»، وخصوصاً إن كانوا ينتمون إلى عائلات معروفة.
أحد هؤلاء قال لي قبل يومين إن من يدير الساحة أطفال وأنه يشعر وكأن المشكلة بدأت الآن فلا مؤشرات على عودتهم أو عودة قادتهم إلى رشدهم، وأنهم ينفذون ما يؤمرون به، وأنه يتوقع أن تطول المسألة وتضيع فرص الحل التي تبرز في لحظة لتغيب لحظات طويلة.
تشاؤم لا أوافق عليه بطبعي المتفائل ولكن له مبرراته، فالتطورات المتسارعة وغير الطبيعية في الساحة المحلية تجعل الكثير من المتفائلين يتشاءمون، فقد صار لنا في كل يوم قصة، بل صار لنا قصة في كل ساعة، وكلها تصب في منحى تعقيد المشكلة.
بالأمس طويت قصة مشيمع الذي لم تسفر كل «العمليات الثورية» والمسيرات واللقاءات عن أي مكسب له ولم تحرك العالم كما كانوا يعتقدون، فبرزت قصة حسين النجاتي، ولن تخلو الساحة من قصص أخرى ستطفو على السطح اليوم وغداً وبقية أيام الأسبوع، فالهدف الواضح من كل هذه القصص هو إبقاء الساحة ساخنة كي لا يبرد من يتم دفعهم إلى الميدان ليكونوا وقود ما يدور فيه من مواجهات.
أما القصة الأبرز والتي يسعى ذلك البعض إلى بيعها على العالم فهي أن الحراك شيعي، وأن الشيعة هم المظلومون ومن سلبت حقوقهم، وهذا يعني أنهم يريدون أن يقولوا إنهم يمثلون كل الشيعة حتى وإن لم يحصلوا على تفويض منهم.
ادعاء هؤلاء الذين يمارسون أعمال التخريب والإرهاب بأنهم يمثلون الشيعة ادعاء مردود عليه لأنهم ببساطة ليسوا إلا فئة محدودة، وإن كان جلهم أو كلهم من الشيعة وصاروا يرفعون راية الحسين، والقول إن سكوت العائلات الشيعية الكبيرة يعني أنها تؤيد تلك الفئة مردود عليه أيضاً، لأنه ببساطة لا يمكن لهذه العائلات أن تغامر بتاريخها ومكانتها ومصالحها من أجل سواد عيون هذا أو ذاك وقع أسير برمجة أفراد أو جهات لا يريدون الخير للبحرين ويسعون لتحقيق أهدافهم التي لم تعد خافية، والقول إن سكوت أهل القرى عن الذي يحدث في قراهم يعني رضاهم عنه مردود عليه أيضاً، لأنه صار معروفاً أن أغلب هؤلاء يخشون الانتقام فيؤثرون السلامة، فيسكتون.
ليس هذا فقط، فاليوم يوجد بين أعضاء الجمعيات السياسية التي صارت في جيب ما يسمى بائتلاف شباب فبراير من لا يوافق على ما تقوم به هذه الجمعيات ويتخذ من إداراتها موقفاً.
هذه حقائق وليست ادعاءات.