على مدى أكثر من ساعة ونصف الساعة جواً خلال الزيارة الرسمية الملكية الأخيرة للعاصمة الكازاخستانية؛ دار حوار تفصيلي مع وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، وخلاله طرحت سؤالاً على معاليه يتعلق بمدى قدرة البحرين في الحفاظ على توازناتها الدولية بين حلفائها التقليديين أوروبا والولايات المتحدة وبين الحلفاء الجدد الذين سعت على تطوير شراكاتها معهم طوال السنوات الثلاث الماضية.
لم يحتج الوزير لوقت للتفكير والإجابة على السؤال، بل جاءت الإجابة سريعة ومباشرة، عندما قال: «لا يمكن أن نتخلى عن تحالفاتنا التقليدية مع الغرب، ولكننا نسعى لبناء شراكات جديدة نستفيد منها في القارة الآسيوية».
قد تكون الإجابة ليست بحجم السؤال، ولكنها تبين مدى التوازن الذي يمكن أن نراه في سياستنا الخارجية، وفي الوقت نفسه مازالت سياسة تلتزم بمبدأ عدم الانحياز القديم رغم اختفاء هذا المبدأ من الناحية الواقعية منذ أكثر من ربع قرن.
نظرة وزير الخارجية واقعية جداً، فعوامل الجغرافيا السياسية تفرض على البحرين الحفاظ على تحالفاتها الدولية التقليدية، والسعي نحو شراكات جديدة. ولكن هل هذه المعادلة أبدية غير قابلة للتغيير مع دولة محدودة القوة السياسية في النظام الدولي والعلاقات الدولية مثل البحرين؟
لا أعتقد أنها معادلة مطلقة وغير قابلة للتغيير، فهناك الكثير من الدول محدودة القوة السياسية استطاعت قلب هذه المعادلة، كما هو الحال بالنسبة لكوبا، وحتى لبريطانيا في مرحلة تاريخية معينة.
أبسط وسائل تغيير هذه المعادلة هو ربط اتجاهات السياسة الخارجية البحرينية مستقبلاً مع سياسة خارجية مشتركة لسياسات بلدان أخرى، ومن السياسات القريبة جداً التي نتأثر بها كثيراً ونتفاعل معها باستمرار هي السياسات الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي، وفي مقدمتها السياسة الخارجية السعودية. ومثل هذا الارتباط ليس انتقاصاً، بل هو ميزة استراتيجية مادامت تخدم مصالح الأطراف المترابطة في السياسة الخارجية.
وبناءً على ذلك فإن معادلة السياسة الخارجية التي تحدث عنها الوزير من الممكن أن تتبدل مادامت ارتباطاتنا واضحة مع سياسات دول الجوار، فإذا كانت البحرين اليوم بين مجموعة من الحلفاء التقليديين والشركاء الجدد، فقد تكون مستقبلاً بين حلفاء جدد وشركاء تقليديين.
حالة الانقلاب هذه في السياسة الخارجية لم نعتد عليها طوال تاريخنا الدبلوماسي الحديث، ولكنها قد تكون تجربة جديرة بالاهتمام والتبني مستقبلاً إذا كانت الظروف والوقت مناسبين، والأهم من ذلك إذا كانت تتوافق مع المصالح الاستراتيجية البحرينية.