منذ أن «حللت» جماعة المرشد «الشيعي والسني» حرمة القفز على السيادة الوطنية، وأجازت لنفسها «كجماعة» الاجتماع وعقد التحالفات الدولية مع أي قوى أجنبية، سواء كانت تلك القوى الأجنبية حكومات دولة أو منظمة دولية أو أي جماعات خارج حدود الدولة، وهي تعمل جاهدة الآن لإدخالنا في جدل حول المسلمات والتشكيك في ثوابت حرمة الخيانة، كي تشرعن لنا فعل «الخيانة» ولكي نختلف معها على معنى «الولاء» للوطن.
فعل الخيانة لم يختلف على تفسيره البشر، لقد مارست الشعوب طوال تاريخها نضالاً للحصول على حقوقها في إدارة شؤونها مع أنظمة كانت تتصف بالديكتاتورية، قامت بالثورات أو قامت بالتفاوض، أو باستخدام كافة الوسائل في صراعها مع الأنظمة، واختلف «الحكم التاريخي» على ذلك الحراك في سلميته أو عنفه ربما، وربما اختلفوا على طبيعة وسائل التفاوض بين القوى السياسية وبين الأنظمة، في تلك المساحة كان هناك مجال للجدل والاختلاف في الحكم على ما حدث، لكن «الحكم التاريخي» لم يختلف أبداً منذ بدء الخليقة ومنذ مراحل تكوين الدول الأولى على تحديد فعل الخيانة وعلى تجريمه وتحريمه، ولم يختلف أبداً على أطره ومحدداته، وهو قيام فرد أو مجموعة أفراد بالاتصال بقوة أجنبية خارج حدود الدولة السيادية من أجل الاستعانة بهم لممارسة أي نوع أو درجة من درجات التدخل أو فرض العقوبات أياً كانت درجة تلك العقوبات على أي طرف من الأطراف المحلية، ذلك فعل خيانة .. نقطة ومن أول السطر.
وأياً كانت الأهداف التي تقف وراء ذلك الفعل حتى لو كانت لنيل أي مطلب وإن كانت تلك المطالب هي حقوقهم، إلا أنه لم يفكر أحد في شرعنة وتحليل الخيانة أو البحث لها عن مبررات.
حركات النضال كلها من شرقها لغربها عند كل الشعوب، كانت تقف على ذلك الخط الأحمر لا تتجاوزه وإلا عد ذلك الفعل خيانة وبكل اللغات وعند كل الحضارات وفي كل الأزمنة، وكان الفرد الذي يضبط مرتكباً ذلك الفعل يختبئ ويتوارى عن الأنظار خوفاً من العار الذي يلاحقه ويلاحق أبناءه من بعده.
لم تكن هناك ألوان للخيانة، لم تكن هناك درجات من القبول أو الرفض، لم يكن هناك مجال للمساومة أو الجدل حول مفهوم الخيانة، كان ذلك الفعل منبوذاً ويوسم مرتكبه بالخسة والنذالة والوضاعة وأول من يسمه بهذا الوصف هو من يستعين به.
حتى هذه اللحظة لم أجد أمريكياً أو بريطانياً أو فرنسياً أو ألمانياً أو حتى إيرانياً ممن يلعق «خونة البحرين» أحذيتهم استجداء لتدخله، يجيز هذا الفعل عند أي من مواطنيه، ولو فعلها مواطن من تلك الدول لاحتقرته شعوبهم.
إلا عندنا .. ينشرون أخبارهم وصورهم علناً وهم يبتسمون «ببوزات» وأين؟ وهم في عقر دار جهة أجنبية «منظمة كانت أو حكومة أو جماعة» يطالبونها أن تحاكم أوطانهم وتفرض عليها عقوبات، ويجادلون شعوبهم في ما هي الخيانة؟ تعالوا فسروها لنا، وضحوا لنا ما هو الولاء للوطن؟ ما معنى كلمة «واجب الولاء» مطاطة غير مفهومة من «مططها» غيركم؟ ثم يتظلمون إذا وسموا بالخيانة!
العالم كله منذ بدء الخليقة إلى اليوم وعلى مدار الكرة الأرضية وربما في الكواكب الأخرى والمجرة الشمسية وبقية المجرات مجمع على حرمة وجرم وخسة ووضاعة وحقارة فعل الاستعانة بأي طرف أجنبي للتدخل في الأوطان ... إلا أنتم حللتموه.
على «طاري» الخيانة غداً نتحدث عن الوثيقة الأمريكية التي وقعها أوباما عام 2010 والتي تفضح تحالف القائمين على مبادرة الشرق الأوسط «ميبي» مع جماعات دينية من البحرين ومصر لتغيير الأنظمة فيهما!!