يقول علي سلمان: «أينما ذهبنا وجدنا العالم يستغرب، ويسخر، ويتعجب من القوانين القراقوشية التي تصدر في بلادنا، ينظرون لبعضهم ويطلقون عبارات الاستهجان عندما يعرفون أن المجلس المنتخب يرفض زيادة صلاحياته ويشترط لاستجواب الوزراء موافقة الثلثين».
نقول له؛ إن هذا العالم الذي تتحدث عنه عالم غريب لا نعرفه، وقد يكون عالماً من الفضاء أو قد يكون من جن الجبال، أي أنه عالم مفصول لا يدري عما يحصل في برلمانات وحكومات العالم، ومثال على ذلك البرلمان الإيراني عندما يتقدم 100 نائب لاستجواب الرئيس الإيراني السابق نجاد في نوفمبر 2012 بسبب الأزمة الاقتصادية، فيأتي خامنئي ليمنع البرلمان من استجوابه ويقول «إلى هذه اللحظة كانت خطة استجواب الرئيس إيجابية في إطار حس المسؤولية لدى البرلمان وتجاوب مسؤولي الحكومة، ولكن إذا تمادى هذا الأمر لأبعد من ذلك فسيكون هذا ما يريده الأعداء، ولذلك أطلب من النواب المحترمين عدم الاستمرار به».
إذاً أيهما أفضل ديمقراطية مجلس نواب يشترط لاستجواب الوزراء موافقة ثلثي المجلس أم مجلس نواب لو تقدم بالإجماع لاستجواب وزير يسقط استجوابه بأمر من الولي الفقيه؟ ألا يدعو هذا إلى السخرية والاستغراب؟ أين إذاً القوانين القرقوشية؛ أليست هي القوانين التي يؤول الأمر أوله وكله فيها إلى رجل واحد في الدولة، وكل كلمة تخرج من لسانه هي تشريع وقانون، أم دولة فيها يعود الأمر أوله وكله إلى مجلس نيابي شارك فيه علي سلمان بنفسه ومرر من القوانين واستجوب من استجوب من وزراء ليس لصالح عام وإنما لصالح مآرب فئوية، إذاً هذا الاشتراط هو في غاية الحس الديمقراطي الذي يحفظ المجلس النيابي من التجاذبات السياسية والمصالح الفئوية من أي طرف، وها قد عشنا مجلساً نيابياً شاركت فيه الوفاق تصدت لاستجواب وزراء بعينهم وتمنع استجواب وزراء ثبت عليهم الفساد من قمة رأسهم حتى قدمهم، فقط لأنهم من طائفتها، فهذه المعلومة التي لم يحط بها العالم الذي جلس معه علي سلمان كي يعرف العقلية التي تريد أن تستحوذ على المجلس النيابي، وتسيره وفق أجندتها إذا ما شاركت فيه.
أما قول علي سلمان عن نفس العالم الذي جلس معه: «إن السياسيين والحقوقيين الذين نلتقي بهم يقولون أنتم البلد الوحيد الذي يجنس الأجانب بهدف تغيير التركيبة الديموغرافية للبلد». نقول له أولاً هل قوانين التجنيس حرام في المواثيق الدولية؟ ثانياً هل أحيط هذا العالم بعدد المجنسين الإيرانيين منذ الخمسينات والستينات التي فيها غيرت الديموغرافية للبحرين حين تحولت الجالية الشيعية، حيث وصفوا أنفسهم بها في العريضة التي تقدموا بها إلى المعتمد البريطاني في البحرين في العشرينات من القرن الماضي؟ ثم هل أحيط هذا العالم بعدد المجنسين في 2001 بعشرات الآلاف من إيران ومنهم لا ينطقون العربية حتى بحرف واحد؟ أم التجنيس يكون خطيئة وفريداً من نوعه عندما يجنس العرب وفق أنظمة وقوانين الدولة؟
ويواصل سرده عما قال له هذا العالم الذي جلس معه فيقول «أنتم البلد الوحيد الذي نعرف أنه يمنع التجمع السلمي في العاصمة». نقول له؛ هل علم هذا العالم ماذا تفعلون في المنامة؟ هل يعلمون أنكم تقفلون الشوارع وتعتدون على كل مواطن يمر خلال مسيراتكم؟ هل يعلمون أنكم تعطلون الحياة بالكامل اقتصادية واجتماعية؟ هل يعلمون أنكم تقيمون تجمعاتكم كل إجازة أسبوعية وكل مناسبة وطنية أو دينية؟
كما نذكر هنا هذا العالم كيف فضت أمريكا مسيرات وول ستريت التي خرجت لأجل إصلاحات اقتصادية وليست مظاهرات لأسقاط نظام، حيث قامت السلطات المحلية في نيويورك بفض الاعتصامات بالقوة بحجة تحول تلك المخيمات إلى «بؤر تهدد الأمن والصحة العامة»، وكيف فضت بريطانيا المظاهرات في لندن عندما أمر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون باستخدام القوة المفرطة لفض المظاهرات، وقال إن لديه خطة صارمة للقضاء على تلك الأعمال التخريبية والقضاء على المجرمين في العاصمة البريطانية، فكيف بمسيرات وتجمعات تحشد كل يوم وساعة في المنامة وسط شوارعها وتعم كل مناطقها؟
أما عن قوله إن هذا العالم قال له «أنتم البلد الوحيد الذي يسحب الجنسية من سكانه الأصليين ويعطيها للغرباء». فنقول له؛ هل جاءت البحرين بشعب عربي أو أي شعب آخر وأعطته الجنسية مثلما فعلت العراق التي قامت بتجنيس 3 ملايين ونصف إيراني، وسحبت الجنسية من العرب، وكما قامت سوريا بتجنيس مليوني إيراني تم تغيير أسمائهم إلى العربية، هذه أمثلة قليلة نذكرها كي يعلم علي سلمان والعالم الذي جلس معه بأن البحرين البلد الوحيد الذي استحمل أولئك الذين تم تجنيسهم وحصلوا على أعلى المناصب والمراكز في الدولة، فإذا بهم يغدرون بها ويطالبون بإسقاط نظامها، ومازالت البحرين الدولة الوحيدة في العالم التي تتفاوض وتتقارب مع من يحرق ويقتل على أمل في أن يكون منهم يوماً ما مواطن صالح.
إنها البحرين البلد الوحيد الذي ليس كمثله بلد في العالم يواجه بحنية وحنان مؤامرة إرهابية تهدف إلى إسقاط النظام.