الوثيقة الأمريكية الجديدة التي تم الكشف عنها قبل أيام حول برنامج الرئيس أوباما لتغيير الأنظمة السياسية في عدد من الدول العربية لا ينبغي أن تمر مرور الكرام، ودون موقف جاد وحازم، ليس لأنها تتحدث عن تغيير الأنظمة في البحرين واليمن والسعودية وتونس ومصر، إضافة إلى ليبيا وسوريا فهذه معلومات تم التحقق منها منذ العام 2011 وصارت حقائق، بل لأنها تكشف لنا أن العرب لم يتعاملوا بعد بالشكل المطلوب مع من ساهم في إلحاق الضرر بهم.
حتى نستوعب حجم الضرر الذي لحق بالعرب بسبب الحركة الانقلابية الأمريكية، فإن البحرين شهدت محاولة انقلابية بدعم أمريكي راح ضحيتها نحو 2500 شرطي بين قتيل ومصاب، إضافة إلى خسائر اقتصادية بملايين الدنانير. وفي مصر راح ضحية ثورتها نحو 840 قتيلاً، وأكثر من 6500 مصاب، وخسائر اقتصادية تجاوزت مئات المليارات، خاصة أن هناك قطاعاً حيوياً مثل قطاع السياحة الذي يعمل به نحو 4 ملايين مصري تضرر نتيجة هذه الأحداث.
من المبادئ الواردة في ميثاق الأمم المتحدة مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ولكن يبدو أن الإدارة الأمريكية لم تكترث لهذا المبدأ الأصيل في العلاقات الدولية، وحتى مبادئ حقوق الإنسان تجاوزتها ووصلت إلى مرحلة عدم الاكتراث بنشرها الفوضى الخلاقة عبر برامجها المشبوهة منذ إدارة الرئيس السابق جورج بوش الابن انتقالاً إلى الرئيس الديمقراطي الحالي باراك أوباما.
ما ورد في الوثيقة ينبغي أن يدفع دول مجلس التعاون، وبقية الدول العربية المتضررة إلى موقف جدي، وتعامل مختلف غير تقليدي، لأن الوثيقة اعتراف صريح بالدور الأمريكي في تغيير الأنظمة السياسية، وبالتالي ما شهدته هذه البلدان هو حركات انقلابية أمريكية بأيد عربية تم تدريبها وتمويلها وتوجيهها بامتياز منذ فترة ليست بالقصيرة.
ما المطلوب من العرب الآن؟
لا يمكن تجاهل الدور الأمريكي والضرر الكبير الذي ألحقته سياسات واشنطن بالبحرين والدول العربية، ومن حق المواطنين وقطاعات الأعمال المطالبة بتعويضات مالية عن الضرر الذي لحق بهم، ومن حق الحكومات المطالبة بتعويضات على صعيد تشويه السمعة. ولا يمكن بأي شكل من الأشكال السكوت عن التدخل الأمريكي السافر لأن الوثائق موجودة، والأدوار معروفة، وكذلك النتائج محددة.
من المهم أن يكون هناك موقف جماعي من مجلس التعاون الخليجي، وكذلك جامعة الدول العربية، وإذا لم يكن هناك دور للأمم المتحدة، فإن الفرصة متاحة لتقديم شكوى أمام المنظمة الدولية ضد السياسات الأمريكية الجائرة لتغيير الأنظمة العربية.
يوسف البنخليل