إن الدعم الأمريكي المقدم للمجموعة البحرينية التي قادت محاولة الانقلاب والمنتمية لجماعة دينية متشددة منذ 2003 مستمر حتى اللحظة، فهو ذات الدعم الذي يقدم الآن للفرع الأصلي للجماعة في العراق حتى بعد أن ثار الشعب العراقي ضد حكمها الفاسد، ويؤكد أننا لسنا أمام مشروع «لدعم الديمقراطية» بل إننا أمام مشروع أمريكي لتمكين «جماعة دينية شيعية راديكالية» محددة في العراق وفي البحرين تأتمر بأمر مرجعيات إيرانية رغم أنف الشعبين.
فرغم انكشاف سوءات حكم المالكي الإدارية ورغم طائفيته المقيتة الفاقعة وارتهانه لإيران، إلا أن بقاءه في السلطة أصبح التزاماً أمريكياً بقدر ما هو التزامها بالمشروع الأساسي.
والتقرير المنشور في الوطن اليوم هو عملية رصد قام بها الدكتور بشير زين العابدين يوضح الرابط بين «الجماعة» التي حاولت تغيير نظام الحكم في 2011 ، والمؤسسات البحرينية والأفراد المستقلين الذين تلقوا التدريبات من «مبادرة الشراكة الأمريكية»( ميبي)، وهم ذاتهم الذين مازالوا يروجون الأكاذيب و مازالوا معتمدين في أروقة الدوائر الأمريكية من أجل «شرعنة» وتحليل فعل تغيير الأنظمة بالقوة والابتزاز وبالتهديد لبقية أطياف المجتمع البحريني تساعدهم «ميبي» لتفعيل مشروع الإدارة الأمريكية، وهم فرع من ذات الجماعة العراقية التي رافقتهم في أروقة جنيف وبروكسل ونيويورك وواشنطن ولندن وبيروت و بالطبع النجف وقم وتحكم العراق.
رون نيكسون وهو كاتب مقال في جريدة النيويورك تايمز يؤكد ما نقوله إذ أشار إلى أن «الثورة» التي وقعت في البحرين كانت من فعل مجموعات ممولة ومنظمة من قبل برامج دعم الديمقراطية الأمريكية، وأكد نيكسون حصول هذه المجموعات على مبالغ وتدريب من قبل الإدارة الأمريكية بهدف شن الحملات، ومخاطبة الرأي العام، والتعامل مع وسائل الإعلام، ومراقبة الانتخابات، وعلى رأس هؤلاء كوادر مركز البحرين لحقوق الإنسان. (نيويورك تايمز 5 أبريل 2011).
أما ليسلي كمبل الذي يترأس معهد (N D I )، ثم انضم إلى فريق (IRI) فأكد أن المعهد قد «ساعد أكبر مجموعة معارضة في البحرين على تنظيم نشاطها السياسي»، وإجابة على التساؤل حول كيفية الاجتماع مع قادة هذه الجمعية والتنسيق معهم، أجاب كامبل: «لدينا برامج مشتركة معهم، وتترسخ هذه العلاقة من خلال تقديم الدورات التدريبية لهم». (نشرة المعهد الجمهوري الدولي 2011). الدعم الأمريكي لهذه المجموعة يؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية ملتزمة بتمكين هذه الجماعة في العراق والبحرين بأي ثمن حتى لو كان الثمن تقسيم العراق، خاصة وهي ترى مشروعها الذي غامرت من أجله بخسارة علاقات تاريخية تربطها بدول المنطقة مقابل سمك في البحر الإيراني يتهاوى، أمريكا التي لم تتحرك عسكرياً في سوريا رغم أن نظامه ضرب شعبه بالكيماوي، على استعداد للتحرك عسكرياً لحماية حكومة فاسدة طائفية إقصائية.
التطورات العراقية الأخيرة فضحت المشروع الأمريكي وكشفت حقيقة تمكين الأقليات التي أنكرتها دوماً، التطورات العراقية دفعت الصحافة البريطانية إلى فتح الأسئلة حول جدوى دعم بريطانيا للمشروع الأمريكي الذي دفعت فيه بريطانيا المليارات وفقدت فيه أكثر من 180 بريطانياً! هل كان فعلاً مشروعاً لدعم الديمقراطية؟!
حتى الصحافة البريطانية بدأت تشكك بتلك الشراكة وأهدافها المخزية وأشارت إلى أن المشروع الأمريكي فشل فشلاً ذريعاً وبدأ يتهاوى، وإن كان نجح في شيء فإنه نجح في تحفيز الانقسام الطائفي في الدولتين (البحرين والعراق)، حين انتصر لجماعة شيعية انتصاراً ألقى بثقل كبير كثقل دولة عظمى كالولايات المتحدة الأمريكية لتمكين «جماعة» ودعمها وغض الطرف عن جرائمها وفسادها، فلا هو خدم الوحدة الوطنية في تلك الدول ولاخدم التنمية ولاخدم الرخاء والرفاهية ولاخدم الأمن ولاخدم الليبرالية ولا المدنية ولا داعي للقول إنه لم يخدم الديمقراطية.
إن كان هذا المشروع نجح في شيء فإنه كشف للعالم العربي أن «جماعة الولي الفقيه» أخطر مهدد للأمن والوحدة الإسلامية والعربية والرخاء وأنهم جماعة مستعدة لبيع أي شيء وبأي ثمن مقابل تمكينها من السلطة.