كلما توقفت أمام جملة «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته»؛ أشعر بالفخر التام على ما أعطاه الله سبحانه وتعالى بانتمائنا إلى ديننا الإسلامي العظيم، الدين الخاتم لكل الديانات، لما تحمله هذه الجملة الرائعة من طاقة إنسانية هائلة، وما تشحنه من معنى السلام الذي تدخل ضمنه كل معاني الخير والرحمة والبركة والمحبة والتعاطف والإحسان لكل ما هو موجود على هذه الأرض أو في السماء.
«السلام عليكم ورحمة وبركاته»؛ رسالة قلبية يقولها الإنسان المسلم على كل من عرف أو لم يعرف، على السائر في الطريق، أو الجالس على كرسي مقهى أو دكان، السلام بابتسامة تبرق في العين هو الطريق الوحيد السليم إلى دخول قلوب الآخرين من غير أي جهد، حتى لو كان هذا السلام على من لا يحبونك، أو ما يسمون بأعدائك.
في «الموسوعة بوك» قرأت نصاً جميلاً يعبر بصورة رائعة عن طبيعة العلاقة الإنسانية الفطرية التي جبل عليها الإنسان، ولكنه نسيها في غمرة انشغالاته بنفسه وابتعاده عن الابتسام في وجوه الآخرين، يقول النص..
كان هناك رجل يدعى جوان، يشتغل في مصنع تجميد وتوزيع أسماك، وفي يوم بعد ميعاد انصراف الموظفين دخل غرفة التبريد «الفريزر»، لكن في لحظة انقفل الباب عليه وانحبس داخله، الموظفون كلهم كانوا قد انصرفوا ولا يوجد أي مجال أن يساعده أحد، ورغم معرفته أن أي محاولة لطلب النجدة ستبوء بالفشل، صرخ بأعلى صوت واستمر يضرب على الباب بكل قوته، وبعد 5 ساعات وكان على وشك الموت، دخل أحد أفراد أمن المصنع وفتح الباب وأنقذه.
وبعد أن خرج الرجل بالسلامة، سألوا الحارس: كيف عرفت أن هناك أحداً داخل الثلاجة؟!
قال الحارس: أنا أعمل في هذا المصنع منذ 35 سنة، مئات الموظفين يدخلون ويخرجون، ولكن كلمة «صباح الخير» و»سلام.. أراك غداً» التي يقولها لي هذا الرجل مختلفة، لأنه ببساطة من الناس القليلين الذين يتعاملون معي على أني إنسان!
اليوم وبعد ساعات العمل تذكرت أني لم أسمع هذا الرجل وهو يسلم عليّ أثناء المغادرة، فعرفت إن هناك شيئاً خطأ، فأخذت أبحث عنه في كل المصنع حتى وجدته داخل الثلاجة وأنقذته.
يقول ناقل القصة، عندما قرأت هذه القصة صدقت فعلاً أن الكلام الذي نقوله له تأثيره على من حولنا، حتى لو «صباح الخير».
لو اهتممنا بكل واحد بصفة شخصية وتعاملنا معه على أنه إنسان موجود بصرف النظر عن أي اختلاف على أي مستوى، سيكون الموضوع مختلفاً تماماً.
قل السلام على من عرفت أو لم تعرف، ابتسم وأنت تسلم على الآخرين، أرسل بركاتك وبركات ربك على كل ما حولك، وإن كنت غنياً بالمحبة والرحمة والبركة تستطيع أن ترسل سلامك إلى من رحلوا عن هذا العالم، فإنهم يسمعون، وإذا مررت على مقبرة قل كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «السلام عليكم يا أهل الدار».
سلم على الهواء وسلم على السماء وسلم على البحر والجبل وسلم على كل ما تراه من نور وظلام، سلم ولا تتوقف عن قول السلام.