مع احترامنا لكل روح صعدت لبارئها، إلا أن جدول الوفاق الذي حسب عدد وفياتهم بتسع وتسعين، والذي نشرته صحيفتهم يوم الأحد، ذكرني بالتاجر الذي لا يريد أن يصدم الزبون بالسعر المرتفع، فيقوم بخدعه رقمية، فيكتب تسعة وتسعون ديناراً و950 فلساً، حتى لا يقرأ الزبون 100 دينار ويصاب بسكتة.
كيف أصبحت قائمة وفيات الوفاق 99؟ لا يهم كيف، فليس لأحد أن يطالبها بالأدلة، فإن طلبتم الأدلة فإنكم تعيقون عمل حقوق الإنسان، فليست الأدلة شأناً ذا بال، ومهمتهم كدائرة لحقوق الإنسان ليست تقديم أدلة وإثباتات، بل لهم الحق في التشخيص الطبي وممكن لرئيس الدائرة أن يقدم تقاريره الخاصة بلا طب شرعي ولا خبراء ولا هم يحزنون، ومن مات في حادث مروري محسوب ضمن التسعة والتسعين ومن مات اكتئاباً محسوب، ومن انفجرت فيه القنبلة وهو يصنعها لقتل الأبرياء محسوب، ومن مات بالسكلر محسوب، ومن مات بسكتة قلبية محسوب، ومن سقط على السلم ومن اصطدمت سيارته بجدار فهو محسوب، ومن ماتت بسيخ رماه الإرهابيون هي ضمن عدادهم، بل إنه يقر أن 35 من التسعة والتسعين ماتوا بسبب مسيل الدموع، هذا الغاز الذي مر على رجل الأمن الذي أطلقه ولم يقتله، ومر الغاز على كل بيوت القرية وبقوا أحياء، سبحان الله غاز خبيث يتنقل بحرية تامة يلتف على البيوت وعلى رجال الأمن ويختار ضحيته من بين مئات وآلاف، غاز ذكي، ووو هكذا أصبح عددهم 99.
صحيح هناك من مات، جمعية الوفاق تجيز لنفسها الكذب والادعاءات الباطلة لأن وزارة الداخلية لا تقر بأخطائها ولا تعاقب مخطئيها من وجهة نظر الوفاق، فشرعنت الكذب وحللته، وأعطت لنفسها الحق بعدم التزام الصدق، الصدق مشروط هنا و«المصداقية» تعمل بنظام «الأون والأوف» وليست مبدأ دينياً يجازى من يرتكبه، ولا حتى مبدأ أخلاقياً، وهي الجمعية «الإسلامية».
دعك من الدين الإسلامي ودعك من الأخلاق، فما عاد حجة على أحد الآن، لنتمسك «بالقانون» على الأقل هو حصننا الباقي بين أيدينا، فمنظرات ومحرمات الدين لها مالك يحاسب عليها يوم الدين، أما ترويج أخبار كاذبة فلدينا مادة قانونية في قانون العقوبات تحاسبها وتعدها جريمة، والأخبار الكاذبة ترتكبها جمعية الوفاق في تقاريرها وهي جمعية مرخصة وفقاً للقانون يمنعها ويجيز لوزير العدل أن يرفع دعوى للقضاء ويحلها.
وحين يقول وزير الداخلية رداً على تقرير الوفاق المليء بالأخبار والخلط والدس والكذب، إن القضاء بينه وبين من يدعي بيانات ومعلومات نذكره أن هذا هو التقرير الثاني الذي هددت وزارة الداخلية باللجوء للقضاء ورفع دعوى بسببه.
وكأن الوفاق لم تسمعه، واستدعي القائل من قبل، ثم عاد لفعلته واستمرت الوفاق في ممارسة تجاوزاتها وجرائمها.
الاستدعاء لطلب الأدلة، هو قمع وتضييق على الحريات عند الوفاق، المطالبة بالالتزام بالمصداقية ترف ولا وجود له في مملكة البحرين، هنا في هذا الوطن تستطيع أن تطرح أي رقم وتروي أي رواية وتسوق الاتهامات يميناً ويساراً وحين تستدعى لتقديم الأدلة يعتبر الاستدعاء جريمة، أما الكذب والتزوير وخلط الأوراق فهو عمل مشروع، لسبب بسيط جداً، لم تستمر أي دعوى ضد الوفاق وأحياناً يتوقف حتى مجرد رفعها ويقطع الطريق.
ولأن قانون البحرين مازال يصل إلى حد الوفاق ويتعطل، فلا وزير للعدل طبق قانونه ولا وزير للداخلية أنفذ قانونه ولا وزير للعمل ولا أي وزير، جميعهم ينتظرون ضوءاً أخضر يتجاوز السفارة الأمريكية كي ينفذ.
وإلى حين ينطلق هذا الضوء الأخضر الذي يرفع سيادة الوطن فوق أي ابتزاز أمريكي فإن للوفاق أن تمد أنفها لتنافس أكبر أنف «بينوكيو» في العالم ولا تخشى القانون، ولن نستغرب أو نعجب إذا وصل عدد وفيات الوفاق العام القادم 999.. من يحسب؟ من يحاسب؟