«شعرت بعجز هائل أمام هذا الكون.. فأنا أملك كل شيء، ولا أستطيع فعل شيء»، قالتها ووجهها يشع بابتسامتها المعتادة التي لا تفارقها حتى وهي تعبر عن آلامها أو تبث شكواها. تلك الكلمات التي وقفت أمامها طويلاً وأنا أتأمل قدرتنا على مواجهة الأقدار. هل نملك أسلحة يمكن أن نقهر بها أقدارنا؟ وإلى أي مدى يمكننا أن نكون أقوياء أمام الامتحانات العسيرة التي تدخلنا الحياة في دوامتها؟
من التجارب الإنسانية المؤثرة التي عايشتها وأقف أمامها بتقدير وإجلال بالغين تجربة صديقتي الحبيبة «إيمان». حين تراها تذهلك القوة التي تبزغ من عينيها الدافئتين. وتأسرك ابتسامة السعادة والرضا التي تستقر في سكينة بين خديها. المرح والحيوية سمة تنتقل بالعدوى لمن يجالسها أو يصاحبها. وشعور بالانتعاش يغمرك بتأثير ألوان ملابسها الفاخرة ومن رنة إكسسواراتها الجذابة. شيء ما في روحها المتألقة يشعرك أنها تعيش في سعادة لا يشوبها كدر وأنها تنام وتصحو على أكناف الدعة والراحة.
رغم حياة الترف التي تعيشها «إيمان» إلا أنها تكافح في حياتها كي تحصل على ما تريد، فهي من عائلة مرموقة ذات نفوذ، وزوجها أحد رجال البحرين البارزين، لكن كل إنجاز حققته كان بجد واجتهاد حقيقيين منها. فهي من متفوقات البحرين في الثانوية العامة، وهي من المجدات والمنجزات في مجال عملها. وأتممت دراستها العليا حاصلة على درجة الدكتوراه من جامعة عربية مرموقة. وهي كالكثيرين غيرها يرون أن وضعهم الوظيفي أقل بكثير مما يستحقون، وأن غيرها ممن يلجؤون إلى المحسوبية والتسلق قد تجاوزوها برغم تفوقها عليهم. ومازالت في عجب كيف لا تستخدم معارفها ونفوذها لتحصل على ما تريد ؟!!
حين أهدتني رسالتها الدكتوراه المطبوعة، لفت انتباهي الإهداء: « إلى ابنتي ندى التي علمتني أن أبحر بلا مجداف». و«ندى» هي ابنتها الصغيرة التي ولدت بعاهة عقلية أثرت على نموها. عكفت صديقتي على تربية ابنتها الصغيرة بنفسها، وعلى متابعة حالتها والاعتناء بها شخصياً. وخاضت معارك اجتماعية من أجل انتزاع فئة ذوي الاحتياجات العقلية الخاصة حقوقهم التعليمية والإدماجية، كانت «ندى» أحد إنجازات والدتها وكانت باباً واسعاً دخلت «إيمان» خلاله لخدمة المجتمع والعمل الخيري والتطوعي. لم تكن «ندى» عائقاً أمام «إيمان» لإتمام مشوار حياتها، إذ ربت باقي أبنائها حتى تخرجوا من أرقى الجامعات وتزوج أغلبهم. وأكملت هي مشوارها الدراسي برفقة «ندى» حتى حصلت على أعلى درجة تعليمية. ولم تحرم «ندى» والدتها من الابتسامة والرضا والتفاؤل منذ ولادتها حتى اليوم.
«ندى» اليوم على أبواب العشرين من عمرها، مازالت أول أولويات «إيمان»، مازالت تعكف بنفسها على شؤونها ولا تكف كل ساعة عن الاتصال للاطمئنان على حالها في المنزل أو المدرسة. ومازالت «إيمان» مبهرة الإطلالة، واسعة الابتسامة، تثير فيّ التفاؤل والأمل والسعادة والمرح، مازلنا نلتقي لنسخر من بعض الآخرين ونضحك على من يزعجنا.
مازالت صورة «إيمان» محفورة في مخيلتي وهي تجلس مسترخية على كرسيها وترشف الشاي الصباحي وتنظر بعمق إلى الفراغ في ابتسامة سعادة وانتصار وهي تحدثني عن بعض ذكرياتها فتتطرق إلى سيرة أسرتها المرموقة، وإلى وضعها الاجتماعي الممتاز، تقول: «أنا الفتاة الوحيدة لوالدي وسط مجموعة من الصبية، لذلك كنت دلوعة أمي والأثيرة لدى والدي، ومنحوني كل ما أريد، لكن حين ولدت «ندى» شعرت بعجز كبير أمام هذا الكون، فأنا أملك كل شيء، ولا أستطيع عمل شيء»، ولكن «إيمان» فعلت الكثير واجتازت، بنجاح وسعادة، ضفاف بحر متلاطم دون مجداف.. فكم امرأة عظيمة في البحرين مثل «إيمان»؟
{{ article.visit_count }}
من التجارب الإنسانية المؤثرة التي عايشتها وأقف أمامها بتقدير وإجلال بالغين تجربة صديقتي الحبيبة «إيمان». حين تراها تذهلك القوة التي تبزغ من عينيها الدافئتين. وتأسرك ابتسامة السعادة والرضا التي تستقر في سكينة بين خديها. المرح والحيوية سمة تنتقل بالعدوى لمن يجالسها أو يصاحبها. وشعور بالانتعاش يغمرك بتأثير ألوان ملابسها الفاخرة ومن رنة إكسسواراتها الجذابة. شيء ما في روحها المتألقة يشعرك أنها تعيش في سعادة لا يشوبها كدر وأنها تنام وتصحو على أكناف الدعة والراحة.
رغم حياة الترف التي تعيشها «إيمان» إلا أنها تكافح في حياتها كي تحصل على ما تريد، فهي من عائلة مرموقة ذات نفوذ، وزوجها أحد رجال البحرين البارزين، لكن كل إنجاز حققته كان بجد واجتهاد حقيقيين منها. فهي من متفوقات البحرين في الثانوية العامة، وهي من المجدات والمنجزات في مجال عملها. وأتممت دراستها العليا حاصلة على درجة الدكتوراه من جامعة عربية مرموقة. وهي كالكثيرين غيرها يرون أن وضعهم الوظيفي أقل بكثير مما يستحقون، وأن غيرها ممن يلجؤون إلى المحسوبية والتسلق قد تجاوزوها برغم تفوقها عليهم. ومازالت في عجب كيف لا تستخدم معارفها ونفوذها لتحصل على ما تريد ؟!!
حين أهدتني رسالتها الدكتوراه المطبوعة، لفت انتباهي الإهداء: « إلى ابنتي ندى التي علمتني أن أبحر بلا مجداف». و«ندى» هي ابنتها الصغيرة التي ولدت بعاهة عقلية أثرت على نموها. عكفت صديقتي على تربية ابنتها الصغيرة بنفسها، وعلى متابعة حالتها والاعتناء بها شخصياً. وخاضت معارك اجتماعية من أجل انتزاع فئة ذوي الاحتياجات العقلية الخاصة حقوقهم التعليمية والإدماجية، كانت «ندى» أحد إنجازات والدتها وكانت باباً واسعاً دخلت «إيمان» خلاله لخدمة المجتمع والعمل الخيري والتطوعي. لم تكن «ندى» عائقاً أمام «إيمان» لإتمام مشوار حياتها، إذ ربت باقي أبنائها حتى تخرجوا من أرقى الجامعات وتزوج أغلبهم. وأكملت هي مشوارها الدراسي برفقة «ندى» حتى حصلت على أعلى درجة تعليمية. ولم تحرم «ندى» والدتها من الابتسامة والرضا والتفاؤل منذ ولادتها حتى اليوم.
«ندى» اليوم على أبواب العشرين من عمرها، مازالت أول أولويات «إيمان»، مازالت تعكف بنفسها على شؤونها ولا تكف كل ساعة عن الاتصال للاطمئنان على حالها في المنزل أو المدرسة. ومازالت «إيمان» مبهرة الإطلالة، واسعة الابتسامة، تثير فيّ التفاؤل والأمل والسعادة والمرح، مازلنا نلتقي لنسخر من بعض الآخرين ونضحك على من يزعجنا.
مازالت صورة «إيمان» محفورة في مخيلتي وهي تجلس مسترخية على كرسيها وترشف الشاي الصباحي وتنظر بعمق إلى الفراغ في ابتسامة سعادة وانتصار وهي تحدثني عن بعض ذكرياتها فتتطرق إلى سيرة أسرتها المرموقة، وإلى وضعها الاجتماعي الممتاز، تقول: «أنا الفتاة الوحيدة لوالدي وسط مجموعة من الصبية، لذلك كنت دلوعة أمي والأثيرة لدى والدي، ومنحوني كل ما أريد، لكن حين ولدت «ندى» شعرت بعجز كبير أمام هذا الكون، فأنا أملك كل شيء، ولا أستطيع عمل شيء»، ولكن «إيمان» فعلت الكثير واجتازت، بنجاح وسعادة، ضفاف بحر متلاطم دون مجداف.. فكم امرأة عظيمة في البحرين مثل «إيمان»؟