عصر الثلاثاء الماضي، 15 أبريل، (وصلت الأوامر) فأصدر المعنيون بيانهم «بعد التوكل على الله الملك القهار لتنفيذ عملية (مشيمع) عبر إحكام السيطرة الثورية على الشوارع العامة والتقاطعات الرئيسة تضامناً معه». تم التنفيذ في التو والحال لتوصيل رسالة إلى الحكومة ملخصها أن انتبهي يا حكومة لصحة مشيمع، ولإزعاجها. الحكومة لم تهتم بالرسالة لأن علاج السجناء يتم ضمن آليات وأنظمة محددة ويستفيد منه الجميع وليس فيه تمييز، ولم تنزعج. الربح الوحيد من كل تلك العمليات كان تعطيل حياة المواطنين والمقيمين وتعريضهم للخطر ولإيذائهم بدخان الإطارات المشتعلة التي من شأنها أن تؤسس للكثير من الأمراض الخطيرة، وكذلك التقاط الصور لسيارات المواطنين العالقة في الازدحام. هل هذا هو الانتصار الذي كانوا يبحثون عنه؟ أرجو ألا يكون، لأنه لو كان هذا هو الانتصار المرتجى فلا تكفي كل شتائم الدنيا للرد عليهم، ذلك أنه عندما يكون خصمك «سين» وتوجه سهامك إلى «صاد» فهذا يعني أنك تعاني من خلل في قدراتك العقلية.ما يحدث هو الآتي؛ ينشر خبر أولي حتى من دون التثبت من صحته عن أن مشيمع مريض، يليه خبر آخر بأن صحته في تدهور، ثم خبر ثالث مفاده أن الحكومة تمنع عنه العلاج، أما الهدف فيتضح فور صدور الأوامر «بإحكام السيطرة الثورية على الشوارع»، وهو نشر الفوضى وزج «الأطفال» في مواجهة غير متكافئة مع رجال الأمن بغية تسجيل إصابات تعين على صنع أخبار يتم تداولها عبر مختلف وسائل الإعلام والاتصال، وخصوصاً الفضائيات السوسة.الفكرة ليست جديدة وتم تطبيقها قبل وقت قصير مع محكوم آخر هو عبدالوهاب حسين، الذي تم تضخيم أخباره إلى الحد الذي اعتقد فيه الجميع أنه سينتقل إلى رحمة الله خلال ساعات. ليست الاتفاقات الدولية والمواثيق التي وقعت عليها البحرين هي التي تدفع الجهات المعنية إلى توفير العلاج للسجناء، ولكن إيمان الدولة بحقوق السجين ومنها حصوله على العلاج والدواء هو الذي بسببه يحصل السجين على هذه الرعاية التي لا يحصل عليها السجناء في كثير من الدول التي يتخذها البعض مثالاً. اليوم الأمور اختلفت، فوزارة الداخلية تراقب كل ما يدور في السجن وتحاسب كل من يتجاوز على السجناء، وبالتالي فإن الادعاء بأن فلاناً أو علاناً لا يجد الرعاية الصحية اللازمة ادعاء يحتاج إلى إثبات ودليل.إنها «علثة»، فلو لم يتوفر هذا السبب لاختطاف الشوارع وإشعال النيران في الإطارات لتم ذلك بحجة أخرى. اليوم تنفذ «العمليات الثورية» بحجة مرض مشيمع وغداً بحجة أخرى.. وهكذا، فالمهم هو الاستمرار في جعل الساحة ساخنة وإشاعة الفوضى التي من دونها لا يمكن لأولئك أن يبقوا في دائرة الضوء. كل سجين يمرض، فهو في كل الأحوال إنسان، والإنسان يتعرض لشتى أنواع الأمراض ويمكن أن يموت في أي لحظة، فهل وفاة سجين يعني أن المسؤولين عن السجن لم يوفروا له الحماية الكافية من ملك الموت؟!السجين عندما يمرض يحصل على العلاج اللازم حسب المعتمد من اللوائح والأنظمة، وهذا أمر لا يمكن لأحد من «ضيوف» السجن نكرانه. والنظام في السجن يشمل الجميع وقوانينه تطبق على الجميع من دون استثناء، فليس معقولاً مثلاً الإفراج عن هذا المريض أو ذاك بصفة خاصة ليتسنى له الحصول على العلاج الذي يريد والطبيب الذي يتمنى ثم يعاد إلى السجن لاستكمال الأحكام الصادرة بحقه. الغاية من دفع حسن مشيمع إلى حيث يتصدر الأخبار واضحة وليس في فهمها شطارة، تماماً مثلما أن الغاية من اختطاف الشوارع وبث الفوضى واضحة وليس في فهمها شطارة.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90