لم تختلف مذكرات وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون كثيراً مع ما كتب من تقارير وصلت إلى الكتب بشأن التورط الأمريكي فيما يسمى بالربيع العربي، فهي توثيق من نوع آخر لمواقف وسياسات واشنطن في مرحلة تاريخية مهمة تثبت مجدداً التورط في نشر الفوضى الخلاقة من الخليج إلى المحيط.
اللافت أن مذكرات الوزيرة الأمريكية السابقة تزامنت مع الكشف عن وثيقة خطيرة تتناول خطة الرئيس أوباما لتغيير الأنظمة السياسية في الشرق الأوسط، ومن بينها البحرين والسعودية وعدد من الدول العربية.
عندما تثار مسائل تتعلق بالأمن الوطني لا يمكن الصمت أمامها لأنها مسائل لا تحتمل الهدوء أو التأجيل، بل تتطلب تحركاً عاجلاً وموقفاً حاسماً دون أي مواربات ومجاملات، وفيها لا يكون هناك وقت لتبادل الاتهامات وتقاذف المسؤوليات لأننا نتحدث عن مسؤولية حماية البحرين وليس غيرها، هي مسؤولية الحكومة، والبرلمانيين، ومؤسسات المجتمع المدني، والإعلام، والأهم مسؤولية كل مواطن ينتمي لهذه الأرض الغالية.
سياستنا الخارجية واضحة ومبادئها معروفة منذ سبعينات القرن العشرين، ولكن واشنطن لا ترغب باحترام علاقاتها مع المنامة، بل وباتت تحركاتها مكشوفة برغبتها المعلنة تغيير النظام السياسي في البحرين كجزء من خطة لتغيير الأنظمة السياسية العربية.
بالأمس كانت هناك دعوات برلمانية لعقد جلسة خاصة بحضور وزيري الداخلية والخارجية لمناقشة التطورات بعد الوثيقة الأمريكية الأخيرة التي كشفت الحركة الانقلابية. واليوم هناك اهتمام من مختلف الفعاليات وكذلك المواطنين بالخطوات التي يمكن اتخاذها من أجل إيقاف المحاولة الأمريكية الأخيرة لتغيير النظام، أو حتى أي محاولات يمكن أن تغامر بها واشنطن مستقبلاً.
لا يمكن تجاهل هذه المطالبات والدعوات، بل يجب الإنصات إليها لأنه من حق المواطن أن يدافع عن وطنه، وأن يتأكد من استقراره وسلامته الراهنة والمستقبلية، ولذلك تتجه الأنظار نحو الحكومة والبرلمان لمعرفة الخطوات المقبلة التي يمكن اتخاذها.
الخطوات المطلوبة ليست خطوات داخلية فحسب بمحاسبة المتورطين في الحركة الأمريكية، وإنما يجب أن تشمل خطوات على الصعيد الخارجي مع تنسيق إقليمي ودولي رفيع المستوى.
شعب البحرين بمختلف مكوناته يرفض الحركة الانقلابية الأمريكية، ويرفض أي محاولة أجنبية لشق وحدته الوطنية والمساس بنسيجه الاجتماعي، ولا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي إزاء من يضمر سوءاً للبحرين.

يوسف البنخليل