يقولون.. حتى تعرف احتياجات غيرك ومعاناته لأمر ما عليك بتجربة ما يعانيه الآخرون؛ مثل الصيام. فللصيام حكمة بالغة منها الإحساس بالجوع والعطش كإحساس الفقير الذي يعاني قلة الحيلة في سد جوعه وجوع عياله. اذاً التجربة خير برهان على ما يمر به الإنسان من الابتلاءات من نقص في المال وفي حالات المرض وبعض الأزمات التي قد يبتلى بها المرء. فإذا كان الصوم هو تصوير لمعاناة الجوع والعطش، فمن يحس ويشعر بالمواطن البسيط ويعاني معاناته؟
طبعاً راح أتكلم عن المواطن العادي البسيط «ويا كثرهم بيننا»، طبعاً المواطن اللي ما عنده «واسطات»، الواسطة ذلك الشيء السحري التي تحول أي شيء محال إلى «حال» سريع التنفيذ، واسطة التوظيف، التي بها تخلق مكاناً وقسماً ودائرة وحتى وزارة، الواسطة هي التي يمكن أن تحصل على بعثة دراسية في أحسن الجامعات في الخارج، حتى وإن كان معدل الدرجات منخفضاً، الواسطة هي التي تجعل سنوات الانتظار للحصول على وحدة سكنية أو قطعة أرض تجري بلمح البصر ومن غير انتظار. طبعاً الكل يعرف الواسطة في العمل، تعني درجات في الوظيفة التي تسبق بها الخبرة والشهادة، تعني سفر عمل، تعني «محد يكلمك أو يناقشك»، تعني أن ليلة القدر انفتحت لك. الواسطة تعني أن كل المعاملات تنجز بسرعة البرق وبسهولة ومن غير أي تعقيدات، فكيف يشعر البطران من الواسطة، أن يحس ويشعر بمعانات المواطن البسيط اللي ما عنده ولا يملك نصف واسطة. المواطن البحريني يمر بأزمات ومطبات لا يعلم بها غير خالقه، فهذه المطبات عبارة عن تدنٍ في الرواتب هي ضيق في المسكن «إن كان مسكنه يصلح أصلاً للسكن»، هي غلاء معيشي فاحش، هي سلب لحقوقه المدنية بأن يعيش حياة كريمة بالموارد الكثيرة التي تتمتع بها البحرين، عثرات المواطن البحريني هي عدم راحة البال، وراحة البال صعبة مع مسلسل قوائم الطلبات لرمضان والعيد والمدارس، فمن من المسؤولين يشعر بمعاناة المواطن البسيط هذه، حتى يقدّر الوضع الذي يجعل منه يطالب بين الحين والحين زيادة في راتبه او توفير وحدة سكنية ليعيش ذلك الحلم الذي عاش معه سنين إن لم يكن عمره كله في انتظار بيت العمر.
حدود البحرين أصبحت محاطة بمشاريع استثمارية، لا المواطن يستفيد من هذه المشاريع ولم يعد أيضاً يستفيد من البحر كواجهة للترفيه والسياحة، والمستفيد فقط هم بعض المسؤولين الذين لا يشعرون بالمواطن، وكأن البحرين خلقت لهم.. ولهم فقط، وسحقاً للبسيط. ميزانيات ضخمة تصرف «بالهبل» على الوزراء والنواب وعلى بعض الوزارات وعلى فعاليات غير مهمة، لكن عندما يطالب المواطن بزيادة يصرح بعض المسؤولين بأن هناك عجزاً في ميزانية الدولة، أو أن يطالب كحق له في العمل، يأتيك الرد سريعاً بعدم وجود شواغر تناسب مؤهلات الباحث عن العمل، لماذا اللعب في مصائر الشعب؟ ولماذا لا يتم التعامل مع المواطنين بأنهم شريحة واحدة وليسوا طبقات يميزه حسبه أو نسبة أو كثرة ماله أو واسطته؟.
واجب وزارة الإسكان توفير وحدة سكنية للمواطن خلال ثلاث سنوات، واجب وزارة العمل إيجاد فرص عمل للعاطلين عن العمل خلال سنة واحدة، واجب وزارة التنمية الاجتماعية مساعدة المواطن مع بداية العام الدراسي وتحمل أعباء مشتريات الدراسة، واجب وزارة التربية والتعليم العمل على تقليص التخصصات الجامعية التي لا يستفاد منها في سوق العمل من «كثرتها» والعمل على توفير التخصصات المطلوبة التي تزيد من التنوع وإتاحة الفرص لإيجاد عمل مناسب. واجب وزارة الصحة توفير العلاج بالداخل والخارج بسرعة البرق، لأن المرض لا يمهل ولا يتأنى، وواجبات كثيرة وعديدة.. فالوزارات أنشئت من أجل المواطن وكحق من حقوقة للتمتع بحياة خالية من المتاعب والمشاق. المواطن البسيط يدوسه البعض، ويتعدى على حقوقه البعض، ويسلب منه البعض كرامة العيش، المواطن البسيط لا يملك الآن إلا الانتظار في طابور الصبر، عل وعسى أن يهتم به بعض المسؤولين، عزيزي المواطن البسيط إلى متى ستظل بسيطاً وإلى متى لن يشعر بوجودك أحد؟!