أولاً نود أن نذكر هنا الخطاب الذي ألقاه المدعو هيثم سلمان خلال الندوة التي نظمتها المفوضية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة في فندق الريجنسي بتاريخ 26 أبريل 2014 حول موضوع ما يسمى «الإعلام والكراهية»، والذي قال فيه «وإذ نؤكد خطة عمل الرباط على ضمان إحكام تعريف التحريض على الكراهية وعدم التوسع فيه كي لا تزداد احتمالات فتح باب التطبيق التعسفي وضمان عدم اساءة استعمال التشريعات والاجتهادات القضائية والسياسات الوطنية الغامضة، وأن حكومة البحرين تورطت في بث مواد في الإعلام الرسمي وشبه الرسمي من شأنها التحريض المباشر وغير المباشر على الكراهية الطائفية والازدراء الديني»، إذاً فبث برنامج «حوار المنامة» من خلال موقع قناة المنار يدخل من ضمن «خطة عمل الرباط بعدم التوسع فيه لا تزداد احتمالات فتح باب التطبيق التعسفي»، وهو أيضاً كما جاء في اشتراطات الوفاق لقبول الدخول في الحوار بوقف التحريض الطائفي، وكذلك «خطة عمل الرباط التي تورطت في بث مواد في الإعلام الرسمي وشبه الرسمي في التحريض المباشر وغير المباشر على الكراهية الطائفية».
إذاً أي إجراء تتخذه الدولة تجاه استوديوهات الوفاق بمقرها في كرانه يدخل ضمن «خطة عمل الرباط بفتح باب التطبيق التعسفي وضمان عدم استعمال التشريعات والاجتهادات القضائية والسياسات الوطنية الغامضة»، هذه خطة الرباط التي تستخدمها الوفاق مع الدولة بحيث تستخدم منابرها ومواقعها ومقراتها لغرض التحريض الطائفي والإساءة إلى الدولة، في الوقت الذي تحاول دفع الدولة لإسكات كل صوت يدافع عن الوطن باعتباره تحريضاً طائفياً وازدراء مذهبياً، وها نحن نرى محاكمة إعلاميين ومغردين من المدافعين عن البحرين، في الوقت الذي يخرج فيه مقدمو البرامج والفنيون وضيوفهم من برنامج «حوار المنامة» بأمن وسلام من مقر الجمعية إلى بيوتهم وإلى أعمالهم دون سؤال ولا خط عتاب يرفع من قبل الجهات الرسمية تسألهم فيه أو تعاتبهم، ولو بكتاب بدايته سلام ونهايته أشواق واحترام.
إن النشاط الإعلامي المحرض والمسيء لحكام البحرين ومؤسسات الدولة بقيادة الوفاق قد فاق النشاط الإعلامي لأجهزة الدولة، بالرغم مما تملكه الدولة من دلائل موثقة وأفلام مسجلة وحقائق واقعة، بعكس الوفاق التي وثائقها مزورة وأفلامها مفبركة وادعاءاتها كاذبة، ولا تخرج عن «قيل وقال وادعى واشتكى». ولكن مع الأسف الدولة لم تبذل حتى الساعة الجهد الإعلامي الذي يتناسب وحجم المؤامرة على البحرين، فالإعلام الرسمي اختفت منه الأصوات الوطنية التي كانت تدافع عن الوطن بكلمة الحق، والتي استطاعت أن تكشف حقيقة المؤامرة، لذلك كان أول مطالب الوفاق لدخول الحوار هو إسكات هذه الأصوات كي تمارس لعبتها الإعلامية المضللة، والتي استمرت في ممارستها برغم دخولها الحوار، حتى أصبحت برامجها تبث من استوديوهات في مقارها خلال قناة المنار.
إلا أنه ومع علم مؤسسات الدولة ذات العلاقة لم يتم محاسبة الوفاق، أقلها تحت قانون الجمعيات السياسية المادة الرابعة البند السابع، والذي ينص «ألا ترتبط الجمعية أو التعاون مع أي أحزاب أو تنظيمات أو جماعات أو أفراد أو قوى سياسية تقوم على معاداة أو مناهضة المبادىء أو القواعد أو الأحكام المنصوص عليها في الدستور»، والمادة السادسة البند الرابع – أ والذي ينص على «عدم الارتباط التنظيمي أو المالي بأية جهة غير بحرينية، أو توجيه نشاط الجمعية بناء على أوامر أو توجيه من أية دولة أجنبية أو جهة خارجية»، رغم أن ما تمارسه لا يحتاج إلى إثبات، بل تمارسه جهراً وعلانية، فهي لم تعد بحاجة إلى أي شيء تخفيه، فهي أعلنت معاداتها للدولة، وأعلنت مطلبها بإسقاط النظام، وما هذا البرنامج بالنسبة لنشاطها الإعلامي واتصالاتها الدولية المباشرة وخروج على القنوات الفضائية الأجنبية، لا يعتبر شيئاً يذكر، خصوصاً عندما نتحدث عن جمعية تتصل مباشرة وعلناً برؤساء الدول ومنظماتهم وسفاراتهم في البحرين.
اليوم استوديوهات وغداً أبراج اتصالات أشبه بأبراج اتصالات قناة المنار التي تمتلك أبراج اتصالات عالية التقنية، وها هو الضابط الأمريكي المتقاعد من جهاز مكافحة الإرهاب تريشان أش يقول «إن جميع بلدان الشرق الأوسط من رؤسائها وقادتها وأحزابها هي على لائحة التنصت اليومي ومن دون تمييز بين عدو وصديق، إلا أن الحزب الوحيد الذي لا يملك بصمة إلكترونية تتيح التجسس عليه هو حزب الله، برغم تسلله عدة مرات داخل العمق الجغرافي للبنان».
نعم؛ قد يكون لدى الوفاق الشيء نفسه، فالمصالح المشتركة بين الوفاق وحزب الله والخطوط الجوية والبرية والبحرية يمكن أن يسرب منها معدات وكذلك أبراج، فالقضية أكبر من قضية بث برنامج من خلال قناة، فربما تكون شبكة اتصالات بث وتنصت لا يمكن للدولة اختراقها أو كشفها لأنها الأخرى قد لا تحمل بصمة إلكترونية.