اقتراب قوس الأزمات وقوس عدم الاستقرار إلى منطقة الخليج العربي لا ينبغي أن ينظر له بأنه اقتراب عادي، لأنه اقتراب غير تقليدي ويزيد من التحديات والمخاطر التي ستواجهها دول الخليج العربية خلال الفترة المقبلة.
فإذا كانت التحديات في السابق تتمثل في التهديدات الإيرانية المستمرة، أو في وجود حالة من عدم الاستقرار في الأراضي العراقية، ووجود بعض الخلايا النائمة والجماعات المتطرفة داخل المجتمعات الخليجية؛ فإننا نتحدث اليوم عن جميع هذه التهديدات مجتمعة بعد أن كانت خاملة وصارت نشطة أكثر من المتوقع.
طهران تخوض معركة طويلة المدى من أراضيها إلى سواحل البحر الأبيض المتوسط، والعراق يمر بثورة شعبية تتداخل مع وجود بعض الجماعات المتطرفة وهو في طريقه للانقسام، والخلايا النائمة في دول الخليج صحت وبانتظار العمل الذي يترقب أن يحدث في أي وقت. أما الجماعات الراديكالية فإنها تحاول الضغط أيضاً على الحكومات الخليجية وزعزعة الأمن والاستقرار، وإن كانت الطرق المتبعة فاشلة للغاية أو إرهابية في حدها الأقصى.
هذا الوضع لا يمكن قبوله بالصيغة الخليجية الراهنة من التعاون، لأن هذه الصيغة متواضعة، ولا يمكن أن تواجه تحديات بمثل هذه الضخامة، وهي تحديات تتعلق بمصير دول الخليج العربية بين خيارين إما البقاء أو الفناء.
لذلك فإن الحاجة ملحة أكثر من أي وقت مضى للإسراع بتنفيذ مشروع الاتحاد الخليجي، وتنفيذ دعوة خادم الحرمين الشريفين بالانتقال من حالة التعاون إلى الاتحاد.
حتى لو كانت هناك دول خليجية لديها تحفظات، فإن من حقها التحفظ، ولكن ليس من حق الدول الأخرى التأخير في تنفيذ هذا المشروع حفاظاً على دول المنظومة الخليجية ومجتمعاتها من تحديات وتهديدات باتت أكثر قرباً. ولا يمكن الانتظار أكثر، لأن الانتظار يعني بحث مشروع الاتحاد عن يطال قوس عدم الاستقرار وقوس الأزمات هذه الدول، حينها لن يكون لدى دول الخليج العربية فرصة للتفكير أو التحضير للدخول في هذا الاتحاد جدياً.
إذا كان مشروع الاتحاد الخليجي سيتأخر أكثر، فمن الممكن الإسراع بمشروع للوحدة العسكرية والأمنية الخليجية على الأقل، إلى حين تحديد الإطار العام للاتحاد. وهذه الوحدة العسكرية من شأنها حماية مكتسبات دول المنظومة الخليجية إلى حين تحقيق الاتحاد المرتقب، وقد يكون من المناسب أن تتضمن هذه الوحدة العسكرية والأمنية شركاء إقليميين مثل الأردن ومصر والمغرب.
هذه الخطوة مهمة حتى لا تحتاج دول مجلس التعاون الخليجي إلى الاستعانة بالقوات الأمريكية والغربية والدولية التي استعانت بها في العام 1990، وانطلاقاً من أن مسؤولية الأمن الإقليمي للخليج العربي مسؤولية جماعية تشترك فيها الدول المطلة عليه وشركاؤها.