نحتاج كل مرة مزيداً لفهم تلك العقلية التي تنظر أن الدولة «سلبت السلطة»، وأن الشعب عليه استرجاعها، وهو ما جاء في لقاء مع خليل مرزوق بتاريخ 2 يوليو 2014، هذه العقلية التي تحدث بها مرزوق تعيش في عالم من الوهم والخيال حين يتصور أن الدولة قد سلبت السلطة! فممن استلبتها؟ هل استلبتها من أهله وأسلافه، أو من أجداد أمين عام الوفاق أو عيسى قاسم أو كاظم أو ميلاد، أو هل استلبتها من خراف النخل أو من «صفاري الجدور»، فقط نريد أن نعرف كيف يمكن للشعب استرجاع ما لم يملكه؟ فهل رأيتم شعباً في العالم يمتلك السلطات؟ فهل بالمثل شعب أمريكا صاحب القرار في شن حروبها؟ أو هل الشعب الأمريكي هو من قام بفرض الضرائب على نفسه؟ أو هل الشعب الأمريكي من يبعثر ملياراته في أفغانستان والصومال؟ أو هل الشعب البريطاني له رأي في سياسة حكومته، ألم يجر رجال أمنها المتظاهرين ضد سياسة التقشف الاقتصادي الحكومي إلى السجون؟ أو هل الشعب الإيراني أو العراقي في يده سلطات البلاد.ثم ماذا يقصد خليل مرزوق بقوله في نفس اللقاء «من مفهومنا للحركة السياسية أنها تصب في رضا الله وخدمة الناس التي هي قمة التدين»، فهل يقصد أنه يعمل وفق ولاية الفقيه التي تزعم أنها تبحث عن رضا الله في ظلال الحكومة الإسلامية التي وصفها الخميني بقوله «على المجتهد أن يلم بقضايا عصره ولا يمكن للشعب وللشباب وحتى للعوام أن يقبلوا من مرجعهم ومجتهدهم أن يقول إنني لا أبدي رأياً في القضايا السياسية في ظل الحكومة الإسلامية، وأما إذا كان في ظل حكومة جائرة حتماً سيكون مقيداً ولا يستطع أن يصدر قرارات وأحكام تخص الشأن السياسي»، وكما جاء توصيف آخر لحسن نصر الله بقوله «من غير المعقول ألا يتدخل المرجع في الشأن السياسي لأن في الفقه أبواباً لها دخل في الشأن السياسي كالآمر بالمعروف والناهي عن المنكر والعلاقات الدولية والقضايا التاريخية»، فهذا المفهوم لربط خليل مرزوق للحركة السياسية التي تصب في رضا الله، وأنها قمة التدين حين يتدخل رجل الدين في السياسة، أي أن خليل مرزوق الآن يعيش قمة التدين بممارسته السياسية لأنه يبحث عن رضا الله حين يقود حراكاً سياسياً ضد الدولة، وأن استلاله أو سلبه للسلطة يدخل من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي أشار إليه حسن نصر الله. إذاً اليوم خليل مرزوق يسعى لاسترجاع السلطات التي في نظره أن الدولة سلبتهم منه، وأن استردادهم هو قمة التدين ويصب في رضا الله وخدمة الناس، إذاً فالحالة متشابهة بل تكون نفسها في مبدأ ولاية الفقيه.ونشير هنا أيضاً إلى بحث مختصر حول «ولاية الفقيه» حسين «أبو منتظر» على موقع «مؤسسة الصدريين للدراسات الاستراتيجية»، والتي تطرق فيه إلى عيسى قاسم بقوله «وفي هذا الشأن تطرق عيسى الدرازي «قاسم» بذكر صفات القائد أو الإمام وأهمية وجوده: الضابط هو الفقه والعدالة والكفاءة العلمية فيتنزل الأمر إلى عدول المؤمنين، والطاعة لازمة على المؤمن من توفر الضوابط من أجل ألا تكون الفوضى الضاربة وتعدد القيادات بعدد الأفراد، وهذا الأمر المقصود به الفوضى الضاربة وتعدد القيادات بعدد الأفراد «، وهنا نصل إلى مجمل القول بأن في الأصل الولي الفقيه لا يؤمن بأن يكون الشعب مصدر السلطات، ولذلك أقر حكومة الولي الفقيه الواحدة التي تنضوي تحتها جميع السلطات التي ليس لها صلاحية البتة.ونأتي إلى ما ختم به «أبو منتظر» بحثه بقوله «هذه المقولات الربانية ما هي إلا لأهمية وجود الولي الفقيه الكفء في ظل المتغيرات الحضارية والحياتية وصولاً لرضا الله وعدول المؤمنين»، وهنا يتطابق مع ما ذكره خليل مرزوق في قوله «من مفهومنا للحركة السياسية أنها تصب في رضا الله وخدمة الناس التي هي قمة التدين»، أي أن خليل مرزوق لا يختلف عن عيسى خادم كون الأول رجل دين والثاني سياسياً، فهما في الأخير من نفس المدرسة وبنفس حالة التدين إلا أن الضرورة تحتم على عيسى قاسم لبس العمامة، وخليل مرزوق البدلة، وهو الحال نفسها كانت بين خامنئي ونجاد.إذاً فالمسألة بالنسبة لمرزوق هو أن يسلب السلطات باسم الشعب ليضعها في يد «الولي الفقيه الكفء وصولاً لرضا الله»، ولهذا يرى الآن أمامه دولة تحتاج إلى إعادة هيكله تتوافق مع نظريته وهو ما أشار إليه في نفس اللقاء بقوله «إن النظام السياسي الحالي لا يقدم حلاً ويحتاج إلى إعادة هيكلة».
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90